الاحتجاجات العراقية ضد تقاسم خور عبدالله تتصاعد والكويت تنتظر الرد

شهدت العاصمة العراقية بغداد أمس السبت تظاهرة حاشدة في ساحة التحرير، شارك فيها عشرات الناشطين وأعضاء من البرلمان العراقي، احتجاجًا على اتفاقية تقاسم ممر خور عبد الله المائي بين العراق والكويت.

وجاءت التظاهرة دعمًا لقرار المحكمة الاتحادية العليا القاضي ببطلان التصديق على الاتفاقية، ومطالبة بتوثيق الحكم رسميًا لدى الأمم المتحدة.

ورفع المتظاهرون لافتات ترفض ما وصفوه بـ”التنازل عن خور عبدالله”، ورددوا هتافات تندد بالاتفاقية، معتبرين إياها “مذلة” وتمثل انتهاكًا للسيادة العراقية.

جذور الخلاف حول خور عبدالله: من اتفاقية الملاحة إلى قرار المحكمة الاتحادية

تعود جذور الأزمة إلى عام 1993، حينما أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 833، والذي نص على ترسيم الحدود البرية والبحرية بين العراق والكويت، في أعقاب الغزو العراقي للكويت عام 1990.

وفي عام 2012، تم توقيع اتفاقية لتنظيم الملاحة في ممر خور عبدالله، تمت المصادقة عليها من قبل البرلمان العراقي في عام 2013، وبموجب الاتفاقية، تم تقسيم الممر المائي بين العراق والكويت.

ويقع خور عبدالله في أقصى شمال الخليج العربي، ممتدًا بين جزيرتي وربة وبوبيان الكويتيتين وشبه جزيرة الفاو العراقية، ويؤدي إلى خور الزبير وميناء أم قصر الحيوي في محافظة البصرة.

قرار المحكمة الاتحادية يعيد إشعال التوترات

في الرابع من سبتمبر2023، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق حكمًا بعدم دستورية القانون رقم 42 لسنة 2013، الذي صادق بموجبه البرلمان العراقي على اتفاقية تنظيم الملاحة.

واستندت المحكمة في قرارها إلى أن التصديق لم يحصل على أغلبية الثلثين المطلوبة بموجب المادة 61 من الدستور العراقي، مما فتح الباب أمام موجة احتجاجات جديدة.

الحكومة العراقية تحاول تهدئة الأزمة

في محاولة لاحتواء تداعيات القرار القضائي والحفاظ على العلاقات مع الكويت، قدم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ورئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، طعنًا بقرار المحكمة الاتحادية.

وكانت المحكمة قد حددت يوم 30 أبريل الجاري للنظر في الطعنين المقدمين، في جلسات “دون مرافعة”، مما يعني أن القرار قد يُتخذ بناءً على الوثائق والمذكرات المقدمة فقط.

احتجاجات في البصرة دعماً للموقف القضائي بشأن خور عبدالله

لم تقتصر الاحتجاجات على بغداد فقط، بل امتدت إلى محافظة البصرة جنوبي العراق، حيث تجمع عدد من المواطنين قرب القنصلية الكويتية في شارع الكورنيش.

وأكد المتظاهرون دعمهم الكامل لقرارات القضاء العراقي، ورفضهم لأي تنازل عن السيادة العراقية، خاصة فيما يتعلق بممر خور عبد الله الاستراتيجي.

الكويت: “ما يحدث شأن داخلي عراقي”

من جانبها، التزمت الكويت بموقف حذر تجاه التطورات الأخيرة، وصرح وزير الخارجية الكويتي عبد الله اليحيا لوكالة رويترز، منتصف الشهر الجاري، أن ما يحدث هو “شأن داخلي عراقي”، مضيفًا أن الكويت “بانتظار ما ستسفر عنه الإجراءات القضائية في العراق”.

كما نقلت وكالة الأنباء الكويتية حينها عن مصدر مطلع أن الحكومة الكويتية تتابع التطورات عن كثب، لكنها ترى أن الملف ما زال ضمن الإطار القضائي العراقي ولا يستدعي أي رد فعل كويتي حاليًا.

تفاصيل اتفاقية خور عبدالله المثيرة للجدل

بحسب الاتفاقية الموقعة عام 2012، تم تنظيم الملاحة في الممر البحري بما يضمن استفادة كلا البلدين من خور عبدالله.

وصادق العراق على الاتفاقية رسميًا في 25 نوفمبر2013 خلال حكومة نوري المالكي.

ومع ذلك، لم تمر الاتفاقية دون اعتراضات، حيث أثار العديد من السياسيين العراقيين جدلاً واسعًا حول تأثيرها على سيادة العراق البحرية.

اقرأ أيضًا…ارتفاع مفاجئ في الأحمال.. الكويت تتحرّك لحماية بنيتها التحتية من تعدين العملات

موقف مجلس الأمن الدولي من ترسيم الحدود

قرار مجلس الأمن الدولي رقم 833، الصادر عام 1993، جاء ليؤطر الحدود بين العراق والكويت بعد الحرب، وقد نص على تقسيم مياه خور عبدالله بين البلدين بشكل متساوٍ تقريبًا.

ومع ذلك، استمرت الخلافات بشأن التفاصيل التنفيذية، خاصة فيما يتعلق بحقوق الملاحة والصيد واستخدام الموانئ الواقعة على الممر المائي.

مع اقتراب موعد نظر المحكمة الاتحادية في الطعنين المقدمين من رئاستي الحكومة والجمهورية، تتجه الأنظار إلى بغداد لمعرفة القرار النهائي الذي قد يؤثر على مسار العلاقات بين العراق والكويت.

زر الذهاب إلى الأعلى