البرلمان الألماني يسحب الثقة من المستشار شولتز.. ودعوة لإجراء انتخابات مبكرة
القاهرة (خاص عن مصر)- في خطوة سياسية مهمة، دعا المستشار الألماني أولاف شولتز البرلمان إلى إعلان التصويت بحجب الثقة عنه، مما أدى إلى اتخاذ أول خطوة رسمية نحو إجراء انتخابات وطنية مبكرة.
وفقا لرويترز، تأتي هذه الخطوة بعد انهيار ائتلافه الحاكم، مما ترك الحزب الديمقراطي الاجتماعي بزعامة شولتز والخضر دون أغلبية برلمانية في الوقت الذي تواجه فيه ألمانيا أشد التحديات الاقتصادية حدة منذ جيل، ومن المقرر الآن إجراء الانتخابات في 23 فبراير 2025، حيث يتأرجح المشهد السياسي في ألمانيا على شفا التغيير.
انهيار ائتلاف شولتز
لقد هزت حكومة المستشار شولتز انسحاب الديمقراطيين الأحرار النيوليبراليين من ائتلافه الثلاثي، وأدى رفض الحزب الديمقراطي الحر دعم الديون الإضافية إلى الطريق المسدود الحالي.
في غياب الأغلبية في البرلمان، تكافح حكومة شولتز لدفع الإصلاحات والاستثمارات الحاسمة اللازمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في ألمانيا.
ووفقًا للخبراء، فإن فشل الائتلاف يشير إلى التوترات المتزايدة داخل السياسة الألمانية، حيث تكافح البلاد مع التضخم وارتفاع أسعار الطاقة والمنافسة من الصين.
رؤية شولتز للمستقبل
في كلمته أمام البرلمان، قدم شولتز الانتخابات المبكرة باعتبارها قرارًا حاسمًا لمستقبل ألمانيا، ووصفها بأنها خيار بين زيادة الاستثمار والتخفيضات، وزعم أن المعارضين المحافظين كانوا يدافعون عن الادخار قصير الأجل على حساب النمو الطويل الأجل، محذرًا من مخاطر إهمال الاستثمارات الحيوية.
أكد شولتز أن “قصر النظر قد يوفر المال في الأمد القريب، لكن الرهن العقاري على مستقبلنا باهظ التكلفة”.
مع تصاعد الحملة، تشتد المناقشات حول التدابير العاجلة التي يجب تمريرها قبل الانتخابات، بما في ذلك التخفيضات الضريبية بقيمة 11 مليار يورو وزيادة إعانات الأطفال، والتي اتفق عليها بالفعل شركاء الائتلاف السابقون، ومع ذلك، تظل القضايا الرئيسية مثل معالجة التباطؤ المالي وخفض أسعار الطاقة دون حل.
اقرأ أيضا.. إعصار تشيدو يدمر جزيرة مايوت الفرنسية.. خراب الخدمات الصحية ورجال الإنقاذ ينقذون الناجين
ديناميكيات المعارضة والائتلاف
المعارضة، بقيادة فريدريش ميرز من تحالف الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ، متقدمة حاليًا في استطلاعات الرأي.
لطالما انتقد ميرز حكومة شولتز، واتهمها بعدم الفعالية في معالجة المشاكل الاقتصادية في ألمانيا، يدفع المحافظون، بتقدمهم الكبير في استطلاعات الرأي، إلى اتخاذ إجراءات فورية بشأن قضايا حاسمة مثل حماية المحكمة الدستورية الألمانية وتمديد تذاكر النقل المدعومة.
وفي الوقت نفسه، دعت الرئيسة المشاركة للحزب الديمقراطي الاجتماعي، ساسكيا إسكين، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بشأن خفض أسعار الطاقة، والتي لم تعالجها المعارضة بعد.
إن الديناميكيات في البوندستاغ معقدة بسبب إمكانية لعب حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف دورًا محوريًا.
وعلى الرغم من رفض جميع الأحزاب الأخرى العمل مع حزب البديل من أجل ألمانيا، إلا أن هناك تكهنات بأن الحزب اليميني المتطرف قد يصوت لصالح شولتز.
وإذا حدث هذا، فسوف يضع شولتز في موقف محفوف بالمخاطر، مع احتمال استقالته إذا اضطر إلى الاعتماد على دعم حزب البديل لألمانيا.
المشهد السياسي وآراء الخبراء
وفقًا لخبراء مثل كلير ديميسماي، عالمة السياسة في معهد العلوم السياسية في باريس، فإن الاضطرابات السياسية في ألمانيا تعكس تحولات أعمق داخل البلاد.
تزعم ديميسماي أن نموذج ألمانيا التقليدي للازدهار، الذي اعتمد على الطاقة الروسية الرخيصة، والسياسة الأمنية التي تم الاستعانة بها من قبل الولايات المتحدة، والصادرات القوية إلى الصين، أصبح الآن تحت ضغط شديد.
وتخضع البلاد “لعملية إعادة توجيه شاملة”، الأمر الذي أثار المخاوف والشكوك داخل المجتمع، كما ينعكس في الخطاب السياسي المتوتر.
تأتي هذه الأزمة السياسية في وقت من عدم اليقين المتزايد، مع التحديات الجيوسياسية مثل الحرب الجارية في أوكرانيا والتهديد الوشيك بفترة ولاية ثانية لدونالد ترامب في الولايات المتحدة.
يشير منتقدو ميرز إلى خلفيته في الشركات وميله إلى رفض إنجازات الائتلاف المنتهية ولايته، لكن صعود أحزاب جديدة وتحالفات متغيرة قد يعيد تعريف مستقبل ألمانيا السياسي.
بلد في أزمة
بينما تستعد ألمانيا للانتخابات في فبراير، يظل المشهد السياسي مجزأ ومتقلبا. ويشير عجز الحكومة عن تمرير تشريعات مهمة، إلى جانب الانقسامات الحادة داخل البوندستاج، إلى أزمة أوسع نطاقا في السياسة الألمانية.
ومع وضع مستقبل شولتز على المحك، فإن الانتخابات المقبلة قد تحدد ليس فقط حياته السياسية ولكن أيضا الاتجاه الذي ستتخذه ألمانيا في معالجة تحدياتها الاقتصادية والجيوسياسية.
ويلخص تقييم عالمة السياسة كلير ديمسماي بأن ألمانيا “مبتلاة بالشك” المزاج السائد في البلاد وهي تتجه نحو مستقبل غير مؤكد.