البرلمان يوافق نهائيًا على تعديل قانون الإيجار القديم.. ومصير المستأجرين تحت المجهر

في خطوة تشريعية كبرى طال انتظارها، وافق مجلس النواب المصري نهائيًا على تعديل قانون الإيجار القديم خلال الجلسة العامة المنعقدة يوم الأربعاء 2 يوليو 2025، وهو القانون الذي ظل مجمدًا لعقود وأثار جدلًا اجتماعيًا واقتصاديًا واسعًا.
لماذا تم تعديل قانون الإيجار القديم الآن؟
جاءت التعديلات الجديدة على قانون الإيجار القديم استجابة لحكم المحكمة الدستورية الصادر نهاية عام 2024، والذي اعتبر استمرار العلاقة الإيجارية غير المتوازنة بين المالك والمستأجر مخالفًا للدستور. وشدد الحكم على ضرورة إعادة النظر في أوضاع العقارات المؤجرة بنظام الإيجار القديم بما يحقق التوازن بين الحقوق والواجبات.
كما لعبت شكاوى الملاك والمستأجرين على حد سواء دورًا في دفع الحكومة والبرلمان نحو اتخاذ قرار حاسم بشأن تعديل قانون الإيجار القديم بما يضمن العدالة الاجتماعية.
أبرز ملامح تعديل القانون
وفقًا للتعديلات الجديدة، تنص مواد قانون الإيجار القديم على ما يلي:
- منح فترة انتقالية للمستأجرين السكنيين مدتها 7 سنوات تبدأ من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية.
- منح المستأجرين غير السكنيين (نشاط تجاري أو إداري) فترة انتقالية قدرها 5 سنوات.
- البدء في احتساب قيمة إيجارية جديدة تدريجية تبدأ من 10 إلى 20 ضعف القيمة القديمة حسب نوع الوحدة وموقعها.
- تطبيق زيادة سنوية بنسبة 15% على القيمة الإيجارية خلال فترة الانتقال.
- تشكيل لجان فرعية بكل محافظة لتصنيف المناطق وتحديد القيمة الإيجارية وفقًا لعدة معايير، منها الموقع والبنية التحتية والخدمات المحيطة.
مصير المستأجرين بعد تعديل قانون الإيجار القديم
من أبرز البنود التي وردت في تعديل القانون، النص على عدم إخلاء المستأجر الأصلي وزوجه إلا بعد مرور عام كامل من توفير وحدة بديلة مناسبة. ووفقًا لهذا البند، تلتزم الحكومة بتوفير وحدات سكنية للمستأجرين الذين لا يمتلكون أي مأوى بديل بعد انتهاء فترة الانتقال.
كما أقر مجلس النواب تشكيل لجنة عليا لإدارة تطبيق قانون الإيجار القديم بالتعاون مع المحافظات ووزارة الإسكان، بهدف إعداد قاعدة بيانات دقيقة للمستأجرين، وتصنيف المناطق، وتسهيل إجراءات التسكين البديل.
موقف الملاك والمستأجرين من القانون
قوبلت التعديلات على بترحيب واسع من جانب الملاك الذين وصفوا الخطوة بأنها “تصحيح لمسار تاريخي”، بينما أبدى عدد من المستأجرين تخوفهم من عدم قدرتهم على تحمل الزيادات الجديدة أو إيجاد بدائل مناسبة.
الجمعيات الحقوقية دعت الحكومة إلى مراعاة البعد الاجتماعي خلال تطبيق قانون الإيجار القديم الجديد، وضمان ألا يتعرض المستأجرون محدودو الدخل للطرد أو التشرد، مع توفير دعم نقدي أو وحدات سكنية ملائمة.
الحكومة توضح: لا طرد دون بديل
أكدت الحكومة المصرية، على لسان مسؤولين بوزارة الإسكان، أن قانون الإيجار القديم لا يستهدف إخلاء المواطنين أو تهجيرهم، بل يهدف إلى إصلاح تشوهات السوق العقاري وتوفير عدالة للمالك والمستأجر معًا. وشددت على أن الدولة لن تسمح بأن يكون هناك مواطن بلا سكن، خاصة بعد نجاحها في القضاء على العشوائيات خلال السنوات الماضية.
كما أشار البيان الحكومي إلى أن أي إخلاء سيتم فقط بعد توفير وحدة بديلة أو دعم نقدي مباشر، مع منح الأولوية للمستأجرين كبار السن أو أصحاب الظروف الخاصة في خطط الإسكان الجديدة.
ما الذي ينتظر السوق العقاري؟
يرى خبراء العقارات أن تنفيذ قانون الإيجار بصيغته الجديدة سيساهم في:
تحريك السوق العقاري وزيادة المعروض من الوحدات.
إنهاء حالات الإهمال وسوء الاستخدام التي تعاني منها كثير من العقارات المؤجرة قديمًا.
رفع القيمة الإيجارية بما يتناسب مع أسعار السوق وخدمات المرافق.
خلق فرص استثمار جديدة في قطاع الإسكان والإيجار.
وفي المقابل، يحذر البعض من موجة تضخم في أسعار الإيجارات، ما لم يصاحب التطبيق إجراءات حكومية سريعة لدعم الإسكان الاجتماعي ومتوسطي الدخل.
تعديل قانون الإيجار يمثل نقلة نوعية في التشريع المصري، ويعيد التوازن لعلاقة ظلت غير منصفة لعقود طويلة. لكنّ نجاح تطبيق القانون سيعتمد على قدرة الحكومة على إدارة الملف بمرونة وعدالة، مع مراعاة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية في آن واحد.
ومع نشر القانون رسميًا خلال أيام، تبدأ مرحلة جديدة تتطلب وعيًا من المواطنين واستعدادًا من الدولة لتنفيذ أكبر إصلاح في منظومة الإيجار في مصر منذ سبعينيات القرن الماضي.