البريكس تتوسع كقوة اقتصادية عالمية.. تحدٍ متزايد لهيمنة مجموعة السبع
القاهرة (خاص عن مصر)- تطورت مجموعة البريكس، التي تم تصورها في البداية كمفهوم مالي عام 2001، إلى كتلة جيوسياسية واقتصادية مهمة، وفقا لتقرير نشرته وكالة بلومبرج.
تضم مجموعة البريكس البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، وقد تم تصميمها في الأصل لتسليط الضوء على الإمكانات الاقتصادية لهذه الأسواق الناشئة سريعة النمو.
عام 2024، توسعت الكتلة بشكل كبير، مضيفة مصر وإيران والإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا، مع استمرار المملكة العربية السعودية في النظر في العضوية. يؤكد هذا النمو على نفوذ المجموعة المتزايد، وخاصة في تحدي الهيمنة الاقتصادية لدول مجموعة السبع – الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة.
لماذا تتوسع مجموعة البريكس؟
يمكن أن يُعزى الدافع وراء توسع مجموعة البريكس إلى حد كبير إلى الرؤية الاستراتيجية للصين لزيادة نفوذها العالمي. إن الصين، التي أصبحت الآن الزعيمة الصناعية في العالم، كانت تعمل بنشاط على مغازلة الدول المتحالفة تقليدياً مع الغرب، وتنسيقها مع مصالحها الاقتصادية.
دعمت جنوب أفريقيا وروسيا هذا التوسع، مدركتين لإمكانية تحقيق نفوذ أكبر على الساحة العالمية. وفي الوقت نفسه، كانت الهند والبرازيل مترددتين في البداية، خوفاً من أن تهيمن الصين على مجموعة البريكس الأكبر حجماً، مما قد يؤدي إلى تنفير القوى الغربية. ومع ذلك، وافقت الدولتان في نهاية المطاف على التوسع، حيث رأتا الفوائد من حيث تعزيز الوصول إلى التمويل والنفوذ السياسي خارج الأطر التي تهيمن عليها الولايات المتحدة.
أقرا أيضا.. بعد تصريحات السيسي.. مصر تنتظر المراجعة الرابعة لصندوق النقد وسط تحديات اقتصادية
التأثير الاقتصادي لنمو مجموعة البريكس
إن الأعضاء الجدد في مجموعة البريكس يجلبون ثقلاً اقتصادياً كبيراً، وخاصة مع إدراج كبار منتجي الوقود الأحفوري مثل إيران والإمارات العربية المتحدة. وقد يؤدي هذا التوسع إلى تحويل ميزان التجارة العالمية في مجال الطاقة، مما يسمح لدول مجموعة البريكس بتحدي هيمنة الدولار الأميركي، وخاصة في معاملات النفط والغاز – وهي الاستراتيجية المعروفة باسم إزالة الدولرة.
على الرغم من هذه الإمكانات الاقتصادية، يزعم بعض المحللين أن التوسع سياسي أكثر منه اقتصادي. من خلال جذب دول نصف الكرة الجنوبي إلى مدارها، تحاول الصين بناء نظام عالمي جديد، وتقديم موازنة هائلة للغرب.
دور البريكس في التعاون المالي
كان أحد أعظم إنجازات الكتلة في المجال المالي. جمعت دول مجموعة البريكس 100 مليار دولار من احتياطيات العملات الأجنبية، مما يوفر المساعدة المالية المتبادلة في أوقات الأزمات. بالإضافة إلى ذلك، أنشأت المجموعة بنك التنمية الجديد، على غرار البنك الدولي، والذي وافق على ما يقرب من 33 مليار دولار في شكل قروض منذ إنشائه في عام 2015.
توضح هذه التحركات المالية قدرة مجموعة البريكس على الاستفادة من الموارد الجماعية لتطوير البنية التحتية والإغاثة من الكوارث، ومنافسة نفوذ المؤسسات المالية التي يقودها الغرب.
أنماط التجارة المتغيرة داخل مجموعة البريكس
كما تعززت العلاقات التجارية داخل مجموعة البريكس. بين عامي 2017 و2022، ارتفعت التجارة بين أعضاء مجموعة البريكس الأصليين بنسبة 56٪، لتصل إلى 422 مليار دولار. إن هذا النمو مدفوع إلى حد كبير بالدول الغنية بالموارد – البرازيل وروسيا وإيران – التي تلبي المطالب المتزايدة للصين، المستهلك الرئيسي للموارد الطبيعية. ومع ذلك، ظلت التجارة بين الهند والصين أكثر محدودية بسبب التوترات الجيوسياسية المستمرة، وخاصة النزاع الحدودي الطويل الأمد.
التأثير الجيوسياسي والانتشار العالمي لمجموعة البريكس
في حين عززت مجموعة البريكس شراكاتها الاقتصادية، فإن نفوذها السياسي ينمو أيضًا. ينظر البعض إلى توسع المجموعة على أنه تحدي للنظام العالمي بعد الحرب الباردة، والذي هيمنت عليه المصالح الأمريكية والغربية.
تعمل تحالفات أخرى، مثل أوبك ومنظمة شنغهاي للتعاون، على الدفع نحو عالم متعدد الأقطاب، حيث لا تملي قوة واحدة الشؤون العالمية. إن مجموعة البريكس، مع عضويتها المتنوعة من منتجي الطاقة والأسواق الناشئة واللاعبين السياسيين المؤثرين، على استعداد للعب دور رئيسي في هذا المشهد العالمي المتغير.
دور روسيا في مجموعة البريكس وسط العزلة العالمية
أدى غزو روسيا لأوكرانيا إلى توتر العلاقات داخل مجموعة البريكس. ورغم أن أعضاء آخرين تبنوا موقفاً محايداً إلى حد كبير، فإن الحرب أدت إلى تجميد بعض المبادرات المالية لمجموعة البريكس التي تشمل روسيا.
اقترحت موسكو أنظمة بديلة لتجاوز العقوبات الغربية، بما في ذلك إنشاء بنوك تجارية لإجراء المعاملات بالعملات المحلية وإقامة روابط مباشرة مع البنوك المركزية. ومع ذلك، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت الدول الأعضاء الأخرى في مجموعة البريكس تؤيد هذه المقترحات، نظراً لموقف المجموعة المختلط من الحرب.