التوسع البحري التركي.. محاولة استراتيجية للهيمنة البحرية

القاهرة (خاص عن مصر)- تعمل تركيا على التوسع البحري وتوسيع قدراتها البحرية بسرعة في محاولة لإبراز القوة عبر المناطق البحرية الرئيسية وتعزيز صناعتها الدفاعية.

وفقا لتقرير بلومبرج، يمثل تشغيل فرقاطتين تزن كل منهما 3000 طن مؤخرًا معلمًا آخر في استراتيجية أنقرة البحرية طويلة الأجل، حيث يسلط المسؤولون الضوء على الأهمية الجيوسياسية للتوسع.

وقال هالوك جورجون، رئيس أمانة الصناعات الدفاعية التابعة للرئاسة، في حفل الإطلاق: “تتخذ تركيا خطوات حازمة لتصبح دولة قوية في البحر، مع الردع في الميدان والصوت على الطاولة”.

تعزيز النفوذ البحري وسط التوترات الإقليمية

يهدف التوسع البحري التركي إلى تعزيز نفوذها عبر البحر الأبيض المتوسط ​​وبحر إيجة والبحر الأسود، وتكتسب المبادرة أهمية خاصة وسط النزاعات البحرية المستمرة مع اليونان وقبرص بشأن المياه الإقليمية وحقوق استكشاف الطاقة.

على الرغم من تهدئة التوترات منذ الصراع الذي كاد أن يندلع في عام 2020، تواصل كل من أنقرة وأثينا تعزيز قواتهما البحرية، حيث تستثمر اليونان 3.5 مليار دولار في الفرقاطات الفرنسية.

تم تطوير العقيدة التي توجه طموحات تركيا البحرية، والمعروفة باسم سياسة “الوطن الأزرق”، في عام 2006 وتبنتها الحكومة لاحقًا، وهي تؤكد على السيادة التركية على المياه المحيطة وكانت محركًا رئيسيًا للمواجهات البحرية والمناورات الدبلوماسية، بما في ذلك اتفاقية الحدود البحرية التي أبرمتها أنقرة مع ليبيا في عام 2019.

اقرأ أيضا.. الهدنة الهشة في غزة.. ألغام تهدد بنسف وقف إطلاق النار 

التحول نحو بحرية “المياه الزرقاء”

إن جهود تركيا لتحويل بحريتها إلى قوة مياه زرقاء قادرة على العمليات العالمية واضحة في استثمارها في السفن الحربية المتقدمة والغواصات وحتى حاملة الطائرات.

حاليًا، هناك 29 سفينة إضافية قيد الإنشاء في أحواض بناء السفن التركية، بما في ذلك أول غواصات ومدمرات محلية الصنع في البلاد، وستؤدي هذه الإضافات إلى توسيع الأسطول البحري إلى 209 سفينة.

وبحسب سوها كوبوكو أوغلو، الباحثة البارزة في شركة تريندز للأبحاث والاستشارات، فإن التوسع البحري التركي يعيد تشكيل الديناميكيات الإقليمية، وقال: “إنه لا يغير ميزان القوى الإقليمي فحسب، بل إنه يمثل أيضًا ظهور تركيا كقوة بحرية قادرة على نشر قوتها في الخارج مع الحفاظ على الهيمنة في مناطق حيوية استراتيجيًا مثل بحر إيجه”.

تعزيز الإنتاج الدفاعي المحلي

وضع الرئيس رجب طيب أردوغان صناعة الدفاع المتنامية في تركيا كركيزة للقوة الوطنية، تم بناء الفرقاطتين اللتين تم إطلاقهما مؤخرًا في أحواض بناء السفن TAIS في إسطنبول ومجهزتين بأسلحة متطورة وأنظمة حرب إلكترونية من شركات دفاع تركية مثل Roketsan AS و Aselsan AS.

أدى دفع البلاد نحو الاعتماد على الذات إلى تقليل اعتمادها على المعدات التي يوفرها حلف شمال الأطلسي من 80٪ قبل عقدين من الزمان إلى حوالي 20٪ اليوم.

وعلى الرغم من هذه الخطوات، لا تزال صناعة الدفاع في تركيا تعتمد على الموردين الأجانب للحصول على مكونات أساسية، مثل محركات GE Aerospace لطائراتها المصنعة محليًا والطائرات المقاتلة المتقدمة مثل F-35.

ومع ذلك، أصبح الإنتاج المحلي صناعة مربحة، حيث حصلت أحواض بناء السفن التركية على عقود لبناء السفن لقطر وباكستان وأوكرانيا والعراق، ومؤخرا المملكة العربية السعودية والبرتغال.

توسيع النفوذ خارج البحر الأبيض المتوسط

تمتد طموحات تركيا البحرية إلى ما هو أبعد من منطقتها المباشرة. فقد رافقت البحرية مؤخرًا سفينة حفر تركية إلى الصومال، حيث تدير أنقرة أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج، كجزء من الجهود الرامية إلى استكشاف موارد الهيدروكربون، بالإضافة إلى ذلك، تجري تركيا محادثات لتوقيع اتفاقية حدود بحرية مع سوريا، مما يعزز وجودها الاستراتيجي.

مسعى مكلف مع مكافآت استراتيجية

يأتي البناء العسكري التركي بتكلفة مالية كبيرة، في عام 2025، خصصت الدولة مبلغًا قياسيًا قدره 1.6 تريليون ليرة (45.1 مليار دولار) للدفاع، بزيادة 11٪ عن العام السابق، وسوف تتنافس البحرية، إلى جانب فروع عسكرية أخرى، على حصة من هذه الميزانية المتنامية.

وعلى الرغم من النفقات، أثبتت الصناعة البحرية في تركيا أنها مربحة، فقد بلغت صادرات الدفاع في البلاد أعلى مستوى لها على الإطلاق في عام 2024، مدفوعة بالطلب المتزايد على المركبات السطحية غير المأهولة والسفن الحربية.

ويتوقع المحللون أن تستمر سوق الدفاع البحري العالمية في التوسع، مدفوعة بالتوترات الجيوسياسية وزيادة الإنفاق العسكري في جميع أنحاء العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى