الجزائر تزيد إنفاقها الدفاعي لـ25 مليار دولار وسط عدم الاستقرار الإقليمي

خصصت الجزائر مبلغًا قياسيًا قدره 3.35 تريليون دينار (25.1 مليار دولار) لميزانيتها الدفاعية في عام 2025، وهو ما يمثل زيادة كبيرة بنسبة 16٪ عن العام السابق، بحسب تقرير بلومبرج.

يؤكد هذا الارتفاع في الإنفاق العسكري على المخاوف الأمنية المتزايدة في البلاد، حيث تواجه الجزائر أزمات إقليمية متعددة لديها القدرة على زعزعة استقرار حدودها والتأثير على مصالحها الجيوسياسية الأوسع. تعكس الميزانية الجديدة جهود الحكومة لتعزيز دفاعاتها وسط تحديات متصاعدة في شمال إفريقيا والساحل.

الاستثمار العسكري الاستراتيجي

الجزائر، أكبر دولة في إفريقيا من حيث المساحة، تشترك في الحدود مع مناطق الصراع بما في ذلك ليبيا التي مزقتها الحرب، والصحراء الغربية المتنازع عليها، وأجزاء من غرب إفريقيا التي تتصارع مع موجة متصاعدة من الانقلابات العسكرية والتمردات الإسلامية.

باعتبارها واحدة من أكبر الدول المنفقة على الدفاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن الإنفاق الدفاعي للجزائر يحتل بالفعل المرتبة التاسعة عشرة على مستوى العالم، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، مع مستويات إنفاق على قدم المساواة مع دول مثل المملكة العربية السعودية وإسرائيل.

وتأتي الزيادة في تمويل الدفاع تحت قيادة الرئيس عبد المجيد تبون، الذي أكد منذ فترة طويلة على الاستعداد العسكري كعنصر أساسي للأمن الوطني. ويشكل الإنفاق الدفاعي الجزائري الآن ما يقرب من خمس إجمالي ميزانية البلاد لعام 2025، مما يعكس التزام الدولة بمعالجة التهديدات الناشئة في المنطقة.

اقرأ أيضًا.. الشرطة الصينية تكشف دوافع رجل قتل 35 شخصًا بسيارته.. ما القصة؟

التحديات الأمنية الإقليمية: مصدر قلق متزايد

إن الميزانية العسكرية المتزايدة للجزائر مدفوعة بمخاوف أمنية متزايدة في المنطقة. تواجه البلاد حالة من عدم الاستقرار على جبهات متعددة، حيث تخضع دول مجاورة مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو لسلسلة من الانقلابات العسكرية في السنوات الأخيرة.

أثارت هذه الاضطرابات السياسية، إلى جانب عودة ظهور الحركات الإسلامية المسلحة في منطقة الساحل، ناقوس الخطر في الجزائر بشأن احتمالات انتشار العنف عبر حدودها.

تواجه الحكومة الجزائرية أيضًا نزاعها المستمر مع المغرب بشأن الصحراء الغربية. وعلى الرغم من أن مطالبات المغرب بالمنطقة حظيت بدعم من قوى دولية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، فإن الجزائر تواصل دعم جبهة البوليساريو، التي تدعو إلى استقلال الصحراء الغربية.

أدت الاشتباكات المتقطعة بين القوات المغربية ومتمردي البوليساريو منذ انهيار وقف إطلاق النار في عام 2020 إلى تأجيج المخاوف من صراع إقليمي أوسع نطاقًا من شأنه أن يزيد من ضغوط موارد الأمن في الجزائر.

المرونة الاقتصادية والإنفاق الاجتماعي

على الرغم من هذه التحديات الأمنية، تظل صناعة النفط والغاز في الجزائر ركيزة أساسية لاقتصادها. وباعتبارها عضوًا في منظمة أوبك وأحد موردي الطاقة الأساسيين لأوروبا، استفادت الجزائر من ارتفاع كبير في عائدات الطاقة، وخاصة في أعقاب التحولات الجيوسياسية الناجمة عن غزو روسيا لأوكرانيا.

من المتوقع أن ترتفع صادرات البلاد من الطاقة بنسبة 1.9% في عام 2025، استناداً إلى سعر النفط الخام المتوقع عند 70 دولاراً للبرميل.

سمحت هذه المكاسب الاقتصادية المفاجئة للجزائر بالحفاظ على برامج الإنفاق الاجتماعي واسعة النطاق، والتي تعد بالغة الأهمية للحفاظ على الاستقرار الداخلي.

استخدمت الحكومة عائدات الطاقة لتمويل الإعانات وبرامج الرعاية الاجتماعية، مما ساعد في تخفيف حدة المعارضة بين الشباب العاطلين عن العمل إلى حد كبير. ومع ذلك، فإن اعتماد الجزائر على صادرات الوقود الأحفوري يفرض تحديات طويلة الأجل، خاصة مع تحول الدول الغربية نحو بدائل الطاقة الأكثر خضرة.

عجز مالي متزايد وخطط اقتصادية طويلة الأجل

في حين زادت ميزانية الدفاع، تم تحديد الميزانية الوطنية الإجمالية لعام 2025 عند 125.7 مليار دولار، بزيادة 10% عن العام السابق.

مع ذلك، تتوقع الميزانية أيضًا عجزًا ماليًا كبيرًا قدره 62 مليار دولار، ارتفاعًا من 43 مليار دولار في عام 2024. ولم تقدم الحكومة تفاصيل محددة حول كيفية تخطيطها لتمويل هذا العجز، لكن مستويات الديون الخارجية المنخفضة نسبيًا للجزائر توفر بعض المجال للمناورة.

في محاولة لتنويع اقتصادها، تركز الجزائر على تعزيز القطاعات غير المرتبطة بالطاقة والحد من اعتمادها على صادرات النفط والغاز. ومع ذلك، ستستمر عائدات الطاقة في لعب دور مهيمن في مالية البلاد، وحذر صندوق النقد الدولي من نقاط الضعف المالية والتضخمية المحتملة الناشئة عن عجز الميزانية المتوقع.

بالنظر إلى المستقبل، تستهدف الجزائر تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 4.5٪ في عامي 2025 و 2026، ولكن من المتوقع أن يتباطأ النمو إلى 3.7٪ بحلول عام 2027 مع انخفاض عائدات الطاقة. وستعتمد الصحة الاقتصادية للبلاد على المدى الطويل على قدرتها على التنقل بعيدًا عن الوقود الأحفوري وجذب الاستثمار في صناعات جديدة.

إن قرار الجزائر بزيادة الإنفاق الدفاعي في ظل عدم الاستقرار الإقليمي يشير إلى إعطاء الحكومة الأولوية للأمن الوطني، وخاصة في ظل مواجهتها لبيئة جيوسياسية متقلبة.

في حين تظل البلاد لاعباً رئيسياً في مجال الطاقة في أوروبا، فإن قدراتها العسكرية والدفاعية تتعزز استجابة للتهديدات الخارجية، بما في ذلك الصراعات المستمرة في البلدان المجاورة والتوترات مع المغرب بشأن الصحراء الغربية.

زر الذهاب إلى الأعلى