الجزائر و”Su-57″| هل كان التوقيت مناسبًا للشراء؟ مميزات وعيوب مقاتلة الجيل الخامس الروسية
بعد أن أصبحت الجزائر أول مُشغِّل عربي للطائرات الشبحية من الجيل الخامس بمقاتلات “Su-57” الروسية، لتصبح بذلك أول دولة خارج روسيا تمتلك هذه الطائرة الشبحية المتطورة.
وبينما يُنظر إلى هذه الصفقة بوصفها قفزة نوعية في قدرات القوات الجوية الجزائرية، يثور الجدل حول ما إذا كانت الجزائر قد تعجَّلت في اعتماد طائرة ما زالت تواجه تحديات تقنية وتشغيلية في بلدها الأم.
فما هي قدرات الـSu-57 الحقيقية؟ وما الذي تكسبه الجزائر عسكريًا؟ وهل كان قرار اقتنائها استراتيجيًا أم يحمل قدرًا من المخاطرة؟
المقاتلة “Su-57” قوة متكاملة تمتلكها الجزائر
المقاتلة Su-57 (الاسم الرمزي Felon) صُممت لتكون من الجيل الخامس، بقدرات شبحية تُقلِّل من بصمتها الرادارية، معززة ببدن مصنوع من مواد ماصة للرادار، ومآخذ هواء مدمجة، وهيكل انسيابي. وهي تجمع بين مهمات السيطرة الجوية، وضرب الأهداف الأرضية والبحرية، مما يمنحها مرونة تشغيلية عالية.
تكنولوجيا تسليح متقدمة
مزودة بصواريخ جو-جو بعيدة المدى من طراز R-77M وK-77M الموجهة برادار نشط .. كما أنها قادرة على حمل صواريخ كروز وصواريخ فرط صوتية مثل Kh-59MK2 وKh-47M2 “كينجال”.
- المقاتلة الشبحية الروسية سوخوي Su-57
وتمتلك مدفعًا داخليًا عيار 30 ملم، وأنظمة تسليح مخفية داخل بدنها للحفاظ على الشبحية.
إلكترونيات الطيران والرصد
تحتوي على رادار من نوع AESA (إيزا) من طراز N036 Byelka، متعدد الاتجاهات، قادر على تتبع 60 هدفًا وضرب 16 هدفًا في آنٍ واحد.
مجهزة بأنظمة استشعار حراري ورصد بالأشعة تحت الحمراء (IRST)، تسمح لها بالكشف عن الطائرات الشبحية الأخرى، خاصة في بيئة تشويش إلكتروني كثيف.
مناورة فائقة بمحرك ثلاثي الأبعاد
المحرك الحالي (AL-41F1) يتيح قدرات عالية للمناورة والتسارع، كما يُنتظر أن تحصل في النسخ المستقبلية على محرك “Saturn izdeliye 30” الذي يمنحها قدرات دفع فائق (Supercruise) دون استخدام الحارق اللاحق.
أبرز العيوب والتحديات التقنية
رغم بدء تطويرها منذ 2002، لم تدخل Su-57 في الإنتاج الواسع حتى الآن .. روسيا نفسها لم تتسلم سوى أعداد محدودة منها، وتخطط لامتلاك 76 طائرة فقط بحلول عام 2028، مما يطرح تساؤلات حول الجاهزية والموثوقية.
- المقاتلة الشبحية الروسية Su-57M
محركات الجيل الرابع مؤقتًا
النسخ الحالية لا تزال تستخدم محركات AL-41F1 المأخوذة من Su-35، وهي أقل من الطموحات الموضوعة لمقاتلة جيل خامس من حيث استهلاك الوقود والحرارة والانبعاثات.
أنظمة إلكترونية أقل تطورًا من نظيراتها الغربية
مقارنةً بـF-35 أو حتى F-22 الأمريكية، فإن أنظمة المعالجة والقيادة المركزية ودمج البيانات في Su-57 لا تزال متأخرة تقنيًا، خاصة في بيئة الحرب الشبكية متعددة المجالات.
بنية لوجستية وصيانة معقدة
تحتاج الطائرة إلى بنية صيانة معقدة وباهظة، ما قد يُشكل عبئًا على الدول التي لا تمتلك بنية تحتية تقنية متطورة في الطيران الحربي الحديث.
المكاسب الاستراتيجية للجزائر .. توازن ردعي ورسالة إقليمية
امتلاك طائرة شبحية هجومية يعطي الجزائر أفضلية كبيرة في عمق المجال الجوي المغاربي والمتوسطي، خاصة في ظل احتدام التنافس الإقليمي مع المغرب، الذي يعتمد على أسطول F-16 الأمريكي .. مما يعد رسالة ردع لجيرانها وخصومها.
تمنح الجزائر قدرة على فرض مناطق حظر جوي افتراضية (A2/AD) انطلاقًا من قواعدها الجوية، عبر استخدام صواريخ بعيدة المدى واستشعار مبكر عالي الكفاءة، مما يمثل تفوق في الحرب الجوية بعيدة المدى Su-57.
التكامل مع المنظومات الروسية: الجزائر تعتمد على منظومة S-400 وSu-30 وMiG-29، مما يجعل دمج Su-57 في شبكة دفاعها الجوي أكثر سلاسة من الدول التي تعتمد عقائد غربية.
هل تسرعت الجزائر؟
من ناحية الرؤية الاستراتيجية، فإن دخول الجزائر نادي الطائرات الشبحية يعد إنجازًا سياسيًا وعسكريًا ثقيلًا، يرفع مكانتها الإقليمية ويمنحها نفوذًا في ملف التوازنات الجوية.
أما من الناحية التكتيكية والتقنية، فشراء طائرة لم تُثبت بعد جاهزيتها الكاملة، وقد تعاني من صيانة مكلفة أو أعطال متكررة، ينطوي على مخاطرة عالية، خاصة إذا ما استخدمت في مواجهة مباشرة دون تغطية تكاملية كافية.
رغم الجدل حول جاهزية Su-57 الروسية، فإن الجزائر بخطوتها الجريئة تعيد رسم خارطة التفوق الجوي في شمال إفريقيا.
وإذا نجحت في دمج هذه الطائرات في عقيدتها القتالية، فإنها ستكون أول قوة عربية وأفريقية تمتلك أداة ردع جوية حقيقية من الجيل الخامس. غير أن هذا النجاح مشروط بحُسن التشغيل والصيانة والتدريب المستمر، وهو ما ستُظهره السنوات القليلة المقبلة.
اقرأ أيضًا: دولة عربية تُبهر العالم بمدرعة MATV004| صواريخ “الهيدا” محلية الصنع في قلب المعركة