الجمعية المصرية البريطانية تبحث فرص إمكانات ومخاطر تصدير العقارات لحل أزمة العملة الصعبة
عقدت الجمعية المصرية البريطانية للأعمال (BEBA) حفل إفطار الأربعاء الماضي، تحت عنوان “بحثًا عن العملة الأجنبية: تصدير العقارات لدعم احتياطيات مصر من العملة الصعبة وتدفقات الحوالات السنوية”.
شارك في الفعاليات متحدثين بارزين ممثلين في كلًا من المهندس هشام شكري، رئيس المجلس التصديري للعقارات ومؤسس والرئيس التنفيذي لشركة روية للتطوير؛ والمهندس إبراهيم المصيري، الرئيس التنفيذي لشركة سوما باي للتنمية؛ ومحمد قاعود، المدير المشارك لفروع الفنادق والسياحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في كوليرز انترناشيونال؛ وزينب عادل، الشريكة، ومديرة مكتب نايت فرانك في مصر ؛ بالإضافة إلى تامر يسري راغب، رئيس الخدمات المصرفية للشركات في بنك الإمارات دبي الوطني مصر، ومديرًا للجلسة كريم هلال، الرئيس التنفيذى لمجموعة “كونكورد إنترناشيونال” للاستثمارات.
وخلال كلمتها الافتتاحية، رحبت السيدة نادية لملوم الرئيس التنفيذي للجمعية، بالحضور الموقر، معلنة مشاركة بعض طلاب مدرسة اواسيس في جلسة الأسئلة والأجوبة، حيث من المقرر أن يقوم الطلاب بإعداد ورقة تصور حول تصدير العقارات وكيفية الحصول على العملة الصعبة من خلال هذه الصناعة.
واستهل كريم هلال الحديث بالترحيب على جميع الضيوف، بما في ذلك أعضاء سفارة سنغافورة في القاهرة وسفير كوريا الجنوبية في مصر، سعادة السفير كيم يونغ هيون، مؤكدًا أن الهدف من الجلسة هو استكشاف بعض السبل غير التقليدية لحل أزمة العملة الصعبة.
وشهدت الفعاليات مناقشة بين المشاركين في الجلسة حول من يتحمل المسؤولية عن عرقلة تطوير صناعة العقارات المصرية للتصدير، وذلك وسط حالة من التفاؤل تجاه تحسن الأمور في مصر نظرًا لموقع البلاد الفريد، والطقس الدافئ، تكلفة المعيشة المناسبة مقارنة ببلدان أخرى مثل دول الخليج، والإرادة الصادقة لجميع الجهات المعنية في الصناعة.
واتفق المشاركون في النهاية على أن العمل الجماعي بين جميع أطراف قطاع العقارات – القطاع العام والقطاع الخاص والمطورين والمقرضين – بداية المسار الصحيح، مؤكدين على ضرورة أن يتم ذلك تحت إشراف جهة تنظيمية جديدة وقوية مسؤولة عن تجاوز الإجراءات البيروقراطية والتدابير القديمة، وضمان تنفيذ التشريعات التحفيزية، والبحث في المزيد من الإجراءات لخلق بيئة جاذبة أكثر، بالإضافة إلى ذلك، تم الإتفاق على أهمية وجود منصة تشارك بيانات العقارات المصرية في الوقت الحقيقي وإحصائياتها لكسب الثقة بين المستثمرين والمشترين المحتملين.
وفيما يلي رصد لأبرز رؤى المشاركون خلال جلسة الإفطار:
فكرة تصدير العقارات المصرية لا تعتبر مقترحًا جديدًا، حيث اقترح المهندس هشام شكري الفكرة منذ أكثر من عقد من الزمان كوسيلة لتأمين العملة الصعبة للبلاد، تمامًا مثل قناة السويس، وأشار إلى أن مدينتي شرم الشيخ والجونة حققتا الريادة في مجال تصدير العقارات للأجانب، حيث لاحظ أن الدول مثل تركيا واليونان وقبرص تتمتع بتنظيم أكثر تنظيمًا ودعم حكومي وتخطيط استراتيجي وتسويق، كما دعم هذه الدول في تحقيق مليارات الدولارات سنويًا من عمليات شراء العقارات من الأجانب.
تحقق هذه الدول الثلاث ما يتراوح بين 15 : 16 مليار دولار سنوياً عبر شراء الأجانب للمنازل الثانية، وفقًا لتصريح المهندس هشام شكري، حيث أكد أنه مع التخطيط الأفضل وتنفيذًا أكثر لتصدير العقارات في وقت سابق، فقد لا تواجه النقص حاليًا في العملات الأجنبية.
كما قدر المهندس شكري من خلال التخطيط الأفضل والتنفيذ الحكيم لتصدير العقارات، يمكن أن تبدأ مصر في تحقيق ما يتراوح بين 10 : 15 مليار دولار، وهي أعلى قيمة من الإيرادات التي تحصل عليها البلاد من قناة السويس.
تمثل تقلبات أسعار الصرف مشكلة كبيرة، وفقًا لاعتقاد المهندس شكري، حيث يواجه المطورون قيودًا عند بيع العقارات مباشرة للأجانب بالدولار، لذلك في كثير من الأحيان، يلجأ المطورون إلى استخدام أسعار السوق السوداء أو تعديل الأسعار بناءًا على تكلفة مواد البناء التي تتأثر بالدولار بدلاً من سعر الصرف الرسمي للدولار.
حيث أكد أن الوافدين المصريين يشترون العقارات في مصر ما بين 3 مليارات و 4 مليارات دولار، وفقًا للتقديرات غير الرسمية، ومع ذلك، لا تستفيد البلاد من العملة الصعبة للوافدين المصريين حيث يستخدمون أسعار السوق السوداء، ووفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، تكون هذه الأرقام أقل بكثير، تتراوح ما بين 400 و 500 مليون دولار.
الإمكانيات والعقبات
من جانبه، قال المهندس إبراهيم المصيري أن ميزة مصر الفريدة تتمثل في أشعة الشمس مما يجعلها وجهة جذابة جدًا للأوروبيين، وعلى الرغم من ذلك، أشار إلى التدابير البيروقراطية التي تعقد عملية جذب المشترين الأجانب.
وأشار إلى أن مصر تعد ميسورة التكلفة مقارنة بالأسواق الأخرى، ولكن هناك حاجة لتوفير المزيد من الرحلات الجوية، قائلاً إن مصر مجرد “جزيرة” والطريقة الأسرع والأسهل للوصول إليها هي استخدام الطائرات.
وأضاف المهندس المصيري إن السبب في تصنيف مدن مثل الجونة وشرم الشيخ كوجهة مفضلة لشراء منازل ثانية للأجانب، يتمثل في أن منطقة البحر الأحمر تخضع لسلطة التنمية السياحية، حيث يمكن للسكان بيع العقارات بالدولار وتجنب مشكلة تضاعف أسعار الصرف، ومع ذلك، الوضع الحالي يعتبر “انتظار ومشاهدة” بسبب عدم اليقين في عمليات الدفع.
وأشار إلى أن الأجانب يواجهون صعوبة في إنشاء حسابات بنكية كنقطة تحدي أخرى، يضاف إلى ذلك، عدم تنفيذ البرامج واللوائح المتعلقة بشراء الأجانب في مصر.
كما أشار إلى التحديات التي يواجهها المصريون المغتربون بسبب صعوبة الاتصال والخدمات اللوجستية، حيث يشكل التأمين الصحي قلقًا كبيرًا بالنسبة للأوروبيين، خاصة وأن الجهود المبذولة لتوحيد سياسات التأمين مع الخدمات الصحية المحلية كانت تحديًا كبيرًا.
وقالت زينب عادل “أن التوقيت صعب، ولكنه مؤقت على الرغم من العقبات في سوق العقارات المصرية، إلا أن هناك أمل في نهاية النفق”
وأكدت أن دخول شركة نايت فرانك إلى سوق العقارات المصرية في وقت سابق سيكون له تأثيرًا أكبر، وعلى الرغم من ذلك، تعتقد أنه ليس هناك وقت متأخر للدخول إلى السوق بسبب معدل الطلب والعرض المستمر والمتزايد.
وأشارت إلى أن المطورين يمكنهم أن يكونوا القادة في المجالات التسويقية والعلامات التجارية لجذب الاستثمارات الأجنبية، ومع ذلك، تجعل المشكلات الإقليمية والمنافسة من دبي والمملكة العربية السعودية في جذب كبار السن للعيش هناك صعبًا.
بالإضافة إلى ذلك، أكدت أن مصر تمتلك فرصة قوية لجذب الاستثمار من دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تظهر الأبحاث أن غالبية الأفراد ذوي الثروات العالية من دول مجلس التعاون الخليجي يمتلكون بالفعل عقارات في مصر ومستعدون لشراء المزيد، حيث يفضلون الدفع نقدًا أو بالعملة الأجنبية، ومعظمهم يشترون العقارات للاستخدام الشخصي وليس كاستثمار.
وتشير إلى أن معالم مصر الثقافية والمناخية واللغة تناسبهم على الرغم من أنها تعتبر مكلفة بالنسبة للمصريين والأوروبيين، إلا أن الإقامات ذات العلامات التجارية في مصر أرخص من في دول مجلس التعاون الخليجي، كما تقترح التسويق لمصر لكبار السن للأوروبيين الذين غالبًا ما يكونون متقاعدين يبحثون عن شتاء أكثر اعتدالًا.
كما اقترحت تطوير منتج جديد يركز على العيش لكبار السن، والذي يتضمن مرافق طبية، حيث يمثل الاهتمام الأساسي للمواطنين الأوروبيين (كبار السن) في توافر الرعاية الطبية ذات جودة عالية، كما تتمثل الفكرة في الترويج لمصر كوجهة ذات مرافق ممتازة، مشابهة لقبرص أو اليونان، حيث يقضي كبار السن البريطانيين شتاءهم.
واتفق باقي المشاركين على أن جذب الاستثمار لا يتطلب مرافق شهيرة؛ بل يمكن أن يكون مستشفى نظيفًا ويعمل بها أفراد فريق عمل مدربين بالشكل الكافي لجذب الأفراد.
تأكيد تنفيذ القوانين
وأكد المهندس هشام شكري على أهمية جذب السياح إلى مصر كمشترين محتملين للعقارات، حيث أن ميزة مصر الفريدة هي ضوء الشمس بالشتاء، والذي لا يتوافر في تركيا وإسبانيا واليونان وقبرص وغيرها من الدول البحر الأبيض المتوسط.
كما ذكر تمرير قانون قبل أقل من عام لمنح الإقامة للأجانب الذين يشترون عقارات في مصر، ولكن تنفيذه تأخر بسبب المخاوف الأمنية، مؤكدًا أيضًا على وجود مشكلة تسجيل الملكية في مصر، حيث يعد البلد الوحيد الذي لا يستطيع الناس تسجيل وحداتهم عند شرائهان لذلك يقترح تحسين هذا النظام لجذب المزيد من المشترين الأجانب.
تحويل جودة الحياة إلى ربح مالي
وأقر محمد قاعود بتأثير عوامل مختلفة على سوق العقارات في مصر، حيث شهد العام الماضي، إدارة شركة كولييرز صفقات بقيمة تُقدر بالمليارات من الدولارات من الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر.
كما قامت كوليرز بإدارة صفقات بقيمة تُقدر بمليارات الدولارات من الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، عملاؤهم الرئيسيون من مكاتب العائلات، وأفراد ذوي الثروات الضخمة، وصناديق الثروة السيادية، والمؤسسات الاستثمارية، حيث يرون في مصر فرصة جذابة بسبب موقعها الجغرافي والتطورات المستمرة فيها.
كما قامت كوليرز باستكشاف فرص العقارات، لاسيما في مجال الفنادق والسياحة، حيث تم تأمين صفقات لأكثر من 20 فندقًا بشكل رئيسي في شرم الشيخ والقاهرة، بالإضافة إلى عدد قليل في الساحل الشمالي.
كما أكد محمد قاعود، أن تصدير العقارات يتعلق بتحويل جودة الحياة إلى أموال ويحث المطورين على التفكير في ما يقدمونه لعملائهم.
وأشار إلى أن تصدير العقارات يتطلب تعديلات تشريعية والتزامًا بتحسين جودة الحياة، مع تركيز المطورون على توفير تجربة سكنية ممتلئة بالإشراق، وتحويل جودة الحياة في الاستخدام المختلط والاستخدام المتعدد كمصدر رئيسي للاستثمار الأجنبي المباشر، مع توسيع الأعمال التجارية وتشكيل مجتمعات ومجتمعات جديدة.
المعايير الدولية لجذب المشترين:
من جانبه، أوضح السيد تامر راغب أن البنوك عادة ما تتدخل بعد تأسيس السوق بشكل جيد، مؤكدًا على ضرورة وجود إطار تنظيمي داعم، خاصة مع التعامل مع عمليات العملات الأجنبية.
كما اقترح أن المطورين يحتاجون إلى تلبية المعايير الدولية لجذب المشترين، حيث يمكن للبنوك تسهيل التمويل للمشترين، سواء عن طريق القروض الشخصية أو القروض العقارية، شريطة توفر البنية التحتية التنظيمية اللازمة.
ومع ذلك، لفت النظر إلى أن القروض الشخصية المدعومة بالرهن العقاري يمكن أن تكون تحديًا بسبب تعقيدات التمويل البحري وتأمين الرهن العقاري في مصر.
وأشار راغب بضرورة إنشاء سوق ثانوي للنمو المستمر، مع التأكيد على ضرورة إنشاء سوق للمصريين المغتربين، حيث يمكن للبنوك المصرية دعم الأجانب الراغبين في شراء الأصول بالعملات الأجنبية في المستقبل، مضيفًا أنه يمكن إنشاء سوق ثانوية للقروض للأجانب في مصر، شريطة توافر وحدات ومعرفة التكاليف.
علاوة على ذلك، حث المطورين على البدء في مبادرات التسويق في الخارج والعمل مع البنوك للتعاون في العلامة التجارية المشتركة، حيث أقر بالتحديات التي تواجه توفير القروض بالدولار بسبب الظروف الحالية في السوق.
أضاف أنه يمكن للمطورين الكبار الترتيب مع البنوك لامتلاك حسابات احتياطية أو وديعات بالدولار لضمان القروض في البداية، حيث يعتقد أن هذا الأمر سيتطور تدريجيًا حيث يمكن أن تزدهر السيولة.
وقال راغب “يتم بتحقيق النجاح من خلال اتباع المعايير العالمية، وبناء البنية التحتية القوية، وضمان التنظيم المستقر، وجعل القروض سهلة للأجانب، وتقديم فوائد للمشترين والمطورين على حد سواء”.
المطلوب: جهة تنظيم لتوحيد الجهود!
ومن بين الحضور المشارك المهندس شريف سيف النصر، المستشار في التسويق والمبيعات لشركة تطوير مصر، والذي أعرب عن اعتقاده بأن مصر تفتقر إلى جهة تنظيمية تنسق وتوحد الجهود بين المطورين والحكومة والمجتمع المصرفي.
أما المهندس شكري، أكد على ضرورة التسويق الحقيقي للترويج لمصر، بدلاً من التركيز على مشاريع عقارية معينة.
وأجاب المهندس المصيري بأن العديد من المطورين مستعدون لكسر دورة التجمد في سوق العقارات في مصر.
وأشار إلى أن الوجهات الناجحة مثل الجونة وساحل الجيش وسوما ومراسي تأسست على يد مطورين اتخذوا مخاطر وقادوا التنمية، ومع ذلك، أشار إلى وجود الكثير من التشريعات وعدم وجود تنفيذ كافٍ لسلطة القانون.
كما استشهد بهيئة الطرق والمواصلات في الإمارات كنموذج ناجح، حيث تمنح هذه الهيئة سلطة تجاوز التشريعات والقواعد، مما يؤدي إلى تنمية كبيرة.
واقترح أن مصر بحاجة إلى كيان مماثل يمكنه اتخاذ قرارات حاسمة والتغلب على المتاعب الإدارية، مشيرًا أيضًا إلى تحديات استضافة الحفلات الموسيقية في مصر بسبب القواعد المقيدة، حيث اقترح ضرورة وجود جهة رائدة تسهل مثل هذه الفعاليات كمثال على كيفية عمل الأمور في البلاد.
وأضاف أن الشفافية، بوساطة جهة تنظيمية، ستعود بالنفع على الجميع في الصناعة حيث يتشارك من خلالها الفنادق البيانات حول معدل الإشغال اليومي ومتوسط الأسعار اليومية.
ومع مرور الوقت وتعزيز المصداقية في النظام، يصبح ذلك مفيدًا لفهم السوق، واقترح أن سوق البحر الأحمر يجب أن يتم اعتباره على أنه
سوق واحد يتشارك فيه المعلومات من أجل النجاح الكبير.