الجوع قاتل وليس كافرًا.. غزة ولاجئو السودان يواجهون الموت البطيء وسط تجاهل العالم
في مشهد إنساني مروِّع لا يعبِّر عنه سوى الصمت العالمي، يتساقط المدنيون في غزة ومعسكرات اللاجئين السودانيين بتشاد تحت وطأة الجوع والقصف والخذلان الدولي.
وبينما تتهاوى الأجساد بفعل الجوع في معسكر “قاقا” على الحدود السودانية، يتكفّن الفلسطينيون في غزة بأشلاء أحبّائهم تحت أنقاض المنازل المدمرة أو يتضورون جوعًا في طوابير الانتظار الطويلة على ما تبقّى من مساعدات شحيحة.
هذه ليست مجرد أزمات إنسانية، بل فصول دامية من كارثة مزدوجة تكشف فشل النظام الإنساني الدولي في حماية من تقطعت بهم السبل في صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
300 ألف يواجهون الجوع والموت تحت القصف في غزة
كشف المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، عدنان أبو حسنة، أن مئات الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة يتضورون جوعًا، مشيرًا إلى أن “سكان القطاع يموتون جوعًا أو تحت القصف”.
وفي تصريحات أدلى بها لقناة سكاي نيوز عربية، قال أبو حسنة إن نحو 300 ألف فلسطيني في “خطر شديد” نتيجة الحصار ونقص الغذاء، مؤكدًا أن غزة تمر بحالة مجاعة غير مسبوقة.
وأضاف: “نطالب بتدخل دولي عاجل لمنع التهجير الجماعي للفلسطينيين إلى رفح، ولإدخال مساعدات إنسانية عاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه”.
الأمم المتحدة: ما يصل إلى غزة لا يساوي شيئًا
من جانبه، وصف المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الوضع في غزة بأنه “انهيار إنساني شامل”. وفي منشور له عبر منصة “إكس”، أكد أن ما يدخل من مساعدات إلى القطاع لا يتجاوز “إبرة في كومة قش”، داعيًا إلى تدفق يومي لا يقل عن 500 إلى 600 شاحنة تُدار من خلال الأمم المتحدة والأونروا لتلبية الاحتياجات الأساسية.
وقال لازاريني: “الفلسطينيون في غزة يُحرمون من أساسيات الحياة منذ أكثر من 11 أسبوعًا، والمساعدات الحالية غير كافية لمنع الكارثة من التفاقم”.
الجوع يقتل لاجئو السودان في تشاد
وعلى الجانب الآخر من المشهد المأساوي، تتكرر المعاناة في معسكرات اللاجئين السودانيين في دولة تشاد. فقد أعلنت شبكة أطباء السودان، اليوم السبت، عن وفاة 13 شخصًا بمعسكر “قاقا” خلال أسبوع واحد فقط بسبب الجوع، محذّرة من كارثة إنسانية تهدد مصير آلاف اللاجئين.
ويأوي المعسكر نحو 21 ألف لاجئ سوداني، أغلبهم من مناطق دارفور والنيل الأزرق، الذين فرّوا من الحرب الدائرة في السودان، فقط ليجدوا أنفسهم محاصرين بالجوع والإهمال ونقص الغذاء والدواء.
وقالت الشبكة في بيان: “أوضاع اللاجئين كارثية بكل المقاييس، والمنظمات الإنسانية تتجاهل نداءاتهم، بل وتقدّم أعذارًا واهية لتأخر المساعدات، متذرعة بالمشكلات اللوجستية والمعابر الحدودية”.
دعوات عاجلة تحاصرها البيروقراطية الدولية
وبحسب وسائل إعلام، ناشدت شبكة أطباء السودان المنظمات الدولية بالتحرك الفوري لإنقاذ اللاجئين السودانيين في معسكر قاقا وغيره من المعسكرات في شرق تشاد، مشيرة إلى أن استمرار هذه الظروف سيقود إلى انهيار شامل للوضع الإنساني.
وأكّدت أن “الآلاف باتوا مهددين بالموت البطيء بسبب الجوع، بعد أن تجاهلتهم المنظمات الأممية، وخلّت الساحة لقدرٍ لا يرحم”.
نداء لا يسمعه أحد
تتشارك غزة ومعسكرات تشاد لللاجئين السودانيين في مشهد مأساوي واحد: ناس يموتون ببطء، بلا طعام، بلا دواء، وبلا أمل.
وفيما تتواصل التحذيرات من الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، يبقى الرد الدولي محصورًا في البيانات والتنديد، دون خطوات فعلية على الأرض.
ويحذر مراقبون من أن استمرار هذا الصمت العالمي سيحوّل المجاعة إلى سلاح من أسلحة الحرب، تستخدمه القوى المتصارعة لتركيع المدنيين وفرض أجندات سياسية، فيما تقف الإنسانية على حافة الانهيار.
الإنسانية على المحك
بين الجوع في غزة والنزوح في السودان، يتبدّى العجز الدولي بكل تجلياته، حيث تعجز المنظومة الإنسانية عن إيصال الغذاء والماء لمن هم في أمسّ الحاجة إليه.
وبينما تتهاوى أجساد الضحايا بصمت، تزداد الهوة بين المبادئ المعلنة للمنظمات الدولية والواقع الميداني المحبط.
في ظل غياب الحلول السياسية الفعلية، يبدو أن الضحايا وحدهم هم من يدفعون الثمن، لتبقى المأساة مستمرة… في انتظار ضمير عالمي يستيقظ.
اقرا أيضا: يراها حربًا أبدية.. كيف يؤثر تعيين رئيس الشاباك الجديد على مستقبل الوضع في غزة؟