الجوع والمرض والجريمة.. غزة تكافح الحصار الإسرائيلي المستمر

منذ مطلع مارس، أفاد تقرير وول ستريت جورنال أن غزة تكافح الحصار الإسرائيلي، وتشهد تدهور الوضع في القطاع الفلسطيني بشكل حاد.

فما كان متوقعًا في البداية أن يكون إجراءً مؤقتًا، تحول الآن إلى شهور من النقص الحاد في المواد الغذائية وانعدام القانون والعنف. ومع استمرار الحصار، يعيش سكان غزة في صراع يائس من أجل البقاء، مع تزايد ندرة الغذاء والضروريات الأساسية يومًا بعد يوم.

إعلان

أدى الحصار، الذي فُرض عقب هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، إلى دمار واسع النطاق. والبنية التحتية الطبية والإنسانية في غزة على وشك الانهيار. وكما وصف السكان وعمال الإغاثة، فإن نقص الإمدادات وانهيار القانون والنظام يدفعان غزة إلى أزمة أعمق.

غزة تكافح الحصار الإسرائيلي: أزمة إنسانية متفاقمة

تحدث فادي عابد، طبيب أسنان يعمل لدى منظمة ميدغلوبال غير الربحية العاملة في غزة، عن تفاقم حالة اليأس: “في مدينة غزة، تُغلق مطابخ المجتمع المحلي أبوابها لعدم امتلاكها ما تطبخه. كل يوم، يزور العيادات المزيد من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، والذين يُوصفون بأنهم “جلد على عظم”.

عابد، الذي كان يأمل في أن ينتهي الحصار سريعًا، يواجه الآن واقعًا قاسيًا يتمثل في أزمة طويلة الأمد. مع تفاقم نقص الغذاء، يزداد سكان غزة ضعفًا، بينما تستغل العصابات المحلية الفوضى للنهب والغارات.

في حين دافعت إسرائيل عن الحصار، بحجة أن حماس تُعيد توجيه المساعدات لدعم عملياتها، لم يُسهم هذا التبرير في تخفيف معاناة سكان غزة.

كما فرضت إسرائيل قيودًا على وصول المساعدات الإنسانية، مع خطط لإشراك متعاقدين أمريكيين لتوزيع المساعدات، متجاوزةً حماس. ومع ذلك، قوبلت هذه الخطة بمعارضة، حيث رفضتها الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الإنسانية لانتهاكها مبدأ الحياد.

انهيار القانون والنظام

أصبح انهيار الحكم في غزة أكثر وضوحًا مع تصاعد معدلات الجريمة والتوترات. يجوب أفراد الأمن المسلحون الشوارع، في محاولة لفرض النظام في غياب الجهات الرسمية المعنية بإنفاذ القانون.

وفقًا للسكان، غالبًا ما تنخرط العصابات في مواجهات عنيفة مع اللصوص المشتبه بهم، مما يزيد من تصعيد التوترات. ويتفاقم الوضع بسبب النقص الحاد في الغذاء، حيث تلجأ العديد من العائلات إلى تقليص وجباتها إلى وجبة واحدة يوميًا أو اللجوء إلى تناول خبز بدائي مصنوع من المعكرونة المطحونة.

في مدينة الشاطئ، شاهد رجل أطفالًا ينضمون إلى اللصوص لنهب أحد الأسواق. قال: “بالنسبة لهم، هذه ليست سرقة. إذا استطاعوا توفير شيء لأسرهم، فهذا إنجاز”. مع خرق وقف إطلاق النار وضعف سيطرة حماس على النظام العام بشكل كبير، تواجه غزة حالة من الفوضى غير المسبوقة، تتفاقم بسبب غياب الحكم الفعال.

الأزمات الطبية والصحية

يعاني نظام الرعاية الصحية في غزة من ضغط شديد، حيث تكافح المرافق الطبية للتعامل مع تدفق الإصابات جراء الغارات الجوية المستمرة. تظهر على الأطفال والنساء الحوامل والأمهات المرضعات علامات سوء التغذية بشكل متزايد.

مع ذلك، وبسبب الحصار وصعوبة الحصول على إمدادات طبية جديدة، تعاني العيادات من نقص الموارد الأساسية. قالت كلير مانيرا، منسقة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود: “علينا أن نختار. إما أن نواصل توفير المياه ونقلل من أنشطتنا الطبية، أو أن نبقي المستشفى مفتوحًا ونتوقف عن توفير المياه”.

وقد أدى نقص الوقود إلى تفاقم أزمة المياه، حيث لم تعد شاحنات المياه قادرة على القيام بالعديد من الرحلات، مما ساهم في تفاقم أزمة الصرف الصحي.

أفاد عمال الإغاثة بتصاعد التوترات والاشتباكات العنيفة للحصول على المياه النظيفة، حيث تنتظر بعض العائلات في طوابير طويلة لساعات لمجرد الحصول على المؤن الأساسية.

اقرأ أيضا.. دخان أبيض يُشير لانتخاب بابا جديد.. أجراس الكاتدرائية تحتفي بالحبر الأعظم

عودة إلى العنف والخوف

مع استمرار الحصار واستئناف الصراع، تكثفت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة مناطق سقط فيها ضحايا مدنيون، ولا تزال عمليات القصف تسبب الدمار. في الخامس من مايو، وافقت إسرائيل على خطط لتكثيف حملتها العسكرية، ممهدة الطريق لاحتلال محتمل طويل الأمد لغزة.

تعتزم الحكومة الإسرائيلية نقل سكان غزة جنوبًا وإنشاء مراكز لتوزيع المساعدات، يديرها متعاقدون من القطاع الخاص بمساعدة أمريكية. إلا أن هذه الخطة مثيرة للجدل، وقد رفضت العديد من منظمات الإغاثة المشاركة فيها، خشية أن تزيد من تسييس توزيع المساعدات الإنسانية.

يزداد سكان غزة، الذين يعانون أصلًا من نقص حاد في المواد الغذائية واستمرار العنف، إحباطًا بسبب عدم إحراز تقدم في المفاوضات واستمرار مسلسل الدمار.

وكما أشار أحد السكان، أحمد المصري: “لا يوجد طعام، ولا مياه نظيفة، ولا حتى حمام لائق، الناس يتسولون الدقيق، لقد نسينا طعم اللحم”.

إعلان

أحمد سيف الدين

أحمد سيف الدين، مترجم صحفي وعضو نقابة الصحفيين، مهتم بالسياسة الدولية والشؤون الخارجية، عمل/يعمل لدي عدد من المؤسسات الصحفية ومراكز الأبحاث الإقليمية والدولية.
زر الذهاب إلى الأعلى