الجيزة 2030.. رؤية مصر الكبرى لاستعادة مجد الفراعنة وإحياء الأهرامات

تُنفّذ مصر مشروعًا طموحًا لإحياء أهرامات الجيزة، بهدف استعادة عظمتها وإعادة تطوير المناطق المحيطة بها.
وفقا لتقرير نشرته صنداي تايمز، تهدف خطة “رؤية الجيزة 2030” إلى تحويل هضبة الهرم والمناطق المحيطة بها بعد سنوات من الإهمال.
مع تركيزها على تعزيز السياحة وإنعاش الاقتصاد المصري، تُعيد رؤية السيسي الكبرى تشكيل المشهد العمراني في القاهرة، لكنها تُثير أيضًا تساؤلات حول تأثيرها على المجتمعات المحلية والحفاظ على التراث الأثري القيّم لمصر.
إحياء الأهرامات: المتحف المصري الكبير وخطة الجيزة 2030
يُعدّ المتحف المصري الكبير، المقرر افتتاحه في يوليو 2025، جوهر هذا التحول، ويضم أكثر من 100000 قطعة أثرية، بما في ذلك كنوز توت عنخ آمون التي لا تُقدر بثمن.
يمثل المتحف، الذي يرتبط مباشرةً بالأهرامات عبر جسر للمشاة بطول 1.4 ميل، قفزة هائلة في استراتيجية مصر للارتقاء بقطاع السياحة الثقافية.
بحسب تقرير صنداي تايمز، تهدف خطة “الجيزة 2030” إلى إعادة تطوير المناطق وإحياء الأهرامات، بما في ذلك إنشاء بنية تحتية جديدة وتطويرات حضرية.
تشمل التحسينات الملحوظة خط مترو جديد يربط الأهرامات بشبكة مترو أنفاق القاهرة، والمقرر اكتماله خلال العامين المقبلين.
ويتوقع المشروع زيادة عدد الزوار السنوي من أقل من نصف مليون إلى أكثر من ثمانية ملايين، مما يعزز قطاع السياحة في مصر بشكل كبير، والذي يساهم بالفعل بنسبة 8% من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر 13% من فرص العمل.

التأثير على المجتمعات المحلية
في حين يُنظر إلى إعادة التطوير على أنها خطوة إلى الأمام في الرؤية الاقتصادية لمصر، إلا أنها أثارت توترات داخل المجتمعات المحلية عند قاعدة الأهرامات.
من المتوقع أن تشهد قرية نزلة السمان، التي يقطنها أكثر من 45 ألف نسمة، تغييرات كبيرة، حيث يواجه العديد من السكان النقل وفقا لخطط الحكومة لإزالة العشوائيات.
أعرب بعض السكان المحليين، مثل عبد الرحمن حسين، صاحب الجمال، عن إحباطهم لفقدان مصادر رزقهم. يُعد تهجير العائلات قضية حساسة، حيث توارثت العديد من المنازل جيلاً بعد جيل.
حذر محمد خطاب، محامٍ مصري، من تجاهل مخاوف السكان الذي قد يؤدي إلى أضرار. وعدت الحكومة المصرية بالحفاظ على جزء من القرية، لكن هذا الحل لم يُرضِ جميع السكان.
الدور المتنامي للسياحة
يُعدّ تعزيز جاذبية مصر للسياح العالميين أحد الأهداف الرئيسية لمبادرة “جيزة 2030″، وفي فبراير 2025، منحت الحكومة المصرية مؤثر يوتيوب جيمي دونالدسون، المعروف باسم “مستر بيست”، حق الوصول الحصري إلى تصوير داخل الأهرامات لمدة 100 ساعة.
يعكس هذا النهج غير التقليدي للسياحة، الذي يستهدف الشباب، استراتيجية مصر الأوسع نطاقًا لتعزيز مكانتها وصورتها العالمية.
ومع ذلك، يتزايد القلق بشأن العواقب البيئية والثقافية لتدفق الزوار. حذّرت الأستاذة سليمة إكرام من الجامعة الأمريكية بالقاهرة من أن السياحة المفرطة داخل الأهرامات قد تكون ضارة.
ودعت إلى رفع رسوم الدخول للحد من عدد الزوار، وتظل الموازنة بين تعزيز السياحة والحفاظ على تراث مصر أحد أهم تحديات الخطة.
أقرا أيضا.. مزيج لعالم مُضلل.. لماذا تُرحب الصين وروسيا بهجمات ترامب على الإعلام؟
المعضلة الأثرية: الحفاظ مقابل التطوير
مع استمرار مصر في تطوير المنطقة المحيطة بالأهرامات، يُدقّ علماء الآثار ناقوس الخطر بشأن التهديدات المحتملة للمواقع الأثرية. فالمنطقة المحيطة بالأهرامات غنية بالأهمية الأثرية، بما في ذلك احتمال وجود قطع أثرية غير مكتشفة تحت البيوت.
وعدت الحكومة المصرية بإجراء مسوحات أثرية شاملة قبل بدء البناء، لا سيما في المناطق التي قد يقع فيها الجسر القديم ومعبد الوادي.
أكد طارق والي، الاستشاري الذي درس تطوير هضبة الأهرامات عام 2008، على أهمية التوازن الدقيق بين الحفاظ على كنوز مصر الأثرية وتلبية الاحتياجات المتزايدة للسياحة والتنمية الاقتصادية.
أضاف والي: “يجب علينا مواءمة احتياجات كل من الآثار والاقتصاد لضمان عدم فقدان أي جانب من جوانب هذا الموقع الفريد عالميًا”.
التحديات المقبلة: مواءمة المصالح المحلية والدولية
الإمكانات الاقتصادية للمشروع لا يمكن إنكارها لكن يجب أن يأخذ الدفع نحو التحديث في الاعتبار الآثار الاجتماعية والثقافية والبيئية لهذا التحول الجذري.
وسيكون تحقيق التوازن بين الاهتمامات المحلية، والحفاظ على التراث، ودفع النمو الاقتصادي، أمرًا بالغ الأهمية لنجاح خطة “الجيزة 2030”.
رؤية للمستقبل
تعكس رؤية الرئيس السيسي الطموحة لأهرامات الجيزة طموح مصر المتزايد في ترسيخ مكانتها كمركز ثقافي وسياحي عالمي.
في حين أن الآفاق الاقتصادية واعدة، فإن تأثيرها على المجتمعات المحلية والحفاظ على تراث مصر القديم سيحتاجان إلى إدارة دقيقة.
كما أن خطة الجيزة 2030، إذا ما نُفِّذت بحساسية تجاه هذه التحديات، كفيلةٌ باستعادة رونق ماضي مصر العريق، ودفعها نحو حقبة جديدة من الازدهار الاقتصادي.