الجيش الأمريكي يتعلم من تدمير “أبرامز” في أوكرانيا.. رصد 100 مليون دولار لتحصين دباباته من هجمات المسيرات

طلب الجيش الأمريكي تزويد أكثر من 1500 مركبة قتالية مجنزرة بدروع حماية علوية ضد الهجمات الجوية بواسطة الدرونات والذخائر، في خطوة تهدف إلى تقليص الخطر المتزايد للهجمات من الأعلى على الدبابات وناقلات الجند.
100 مليون دولار لتحصين دبابات أمريكا من المسيرات
يأتي هذا التوجه ضمن ميزانية الدفاع للعام المالي 2026، ويشمل منظومة جديدة تُعرف باسم “الحماية من الهجمات العلوية” (TAP)، وهي دروع سلبية تركب فوق هياكل المركبات لحماية المناطق الأقل تدريعاً مثل الأبراج وفتحات الطواقم.
وبحسب وثائق الميزانية، خصصت وزارة الدفاع نحو 92 مليون دولار لتثبيت هذه الأنظمة على 1,528 مركبة، ضمن حزمة أشمل بقيمة 107 ملايين دولار تتضمن أيضاً مستشعرات تحذير من أشعة الليزر وطلاءً خاصاً للتمويه الحراري.
الدرس الأوكراني .. والتهديد من الأعلى
التحرك الأمريكي جاء متأخراً بعض الشيء، بحسب محللين عسكريين، خصوصاً بعد الخسائر الفادحة التي تكبدتها دبابات “أبرامز” في أوكرانيا أمام طائرات “درون” هجومية وذخائر كامنة، ما دفع كييف إلى سحبها من الخطوط الأمامية عام 2024 ثم إعادتها للخدمة بعد تزويدها بدروع إضافية وأقفاص واقية.
ويقول العقيد المتقاعد مايكل ليسكانو، المسؤول السابق عن تطوير دبابات “أبرامز” ومركبات “برادلي”، إنه “لا توجد دبابة في العالم اليوم، بما فيها أبرامز، تمتلك حماية سلبية فعالة ضد تهديدات الهجمات الرأسية الحديثة”.
وأشار إلى أن الدبابات المستقبلية، مثل M1E3، يجري تصميمها لتضم هذه الحماية إلى جانب أنظمة الحماية النشطة.

من “كوْب كيج” الروسية إلى التطوير الأمريكي
ورغم أن تصميم TAP لم يُكشَف عنه بشكل رسمي، فإن الخبراء يرجّحون أن يشبه “الكوْب كيج” الذي ظهر أول مرة على الدبابات الروسية عام 2021، وانتقل لاحقاً إلى أوكرانيا وإسرائيل.
ويتراوح شكله بين صفائح معدنية موضوعة فوق الأبراج إلى هياكل معدنية شبكية تُعيق تسلل الطائرات المسيرة أو الذخائر الموجهة من الأعلى.
بحسب الجيش الأمريكي، فإن TAP عبارة عن درع إضافي يتم تركيبه فوق هيكل المركبة ولا يحلّ محل التدريع الأساسي، بل يُكمّله، مع فعالية خاصة ضد الرؤوس المتفجرة والتي تُحوّل المعدن إلى سهام منصهرة قادرة على اختراق أقوى التدريعات.
وتُخطط القيادة لتوسيع استخدام النظام ليشمل معظم المركبات القتالية مستقبلاً، مع تكييف تصميمه حسب حجم وموقع غرفة الطاقم وتدريع كل مركبة.
تقنيات مرافقة لتعزيز البقاء
بالإضافة إلى TAP، تشمل الحزمة الجديدة مستقبلات تحذير ليزري (LWR) تُنبّه الطاقم عند استهدافهم بأشعة ليزر من أجهزة تحديد المسافة أو الذخائر الموجهة، إلى جانب طلاء حراري خاص يُقلل من فرصة رصد المدرعات بالأشعة تحت الحمراء، ضمن مقاربة متكاملة تشمل التمويه والخداع وتقليل البصمة الحرارية.
نظام الحماية الإسرائيلي “تروفي” على دبابات الجيش الأمريكي
هذا يأتي بالتوازي مع أنظمة الحماية النشطة مثل “تروفي” الإسرائيلية التي بدأت واشنطن بتركيبها على بعض دباباتها منذ 2017، وتعمل على رصد وتدمير المقذوفات الموجهة قبل وصولها عبر رادارات دقيقة وقذائف اعتراضية.
دروس الحرب الحديثة وقلق من معارك المستقبل
في ظل تصاعد الهجمات من الأعلى، باتت حماية الدروع من هذا الاتجاه أولوية قصوى، خصوصاً مع تراجع قدرة الجيوش على تحقيق تفوق جوي يضمن حرية الحركة للقوات البرية، وهو ما أثبتته تجربة أوكرانيا.
فالطائرات المسيرة جعلت من الضربات الدقيقة أداة بيد الجميع، ولم تعد الحماية الجوية كافية لصد هذا التهديد الجديد.
روسيا سبقت الجميع في تجهيز دباباتها بـ”كوْب كيج” قبيل اجتياح أوكرانيا، وبدأت لاحقاً تسويق هذه الحماية في معارض التسليح الدولية، بينما طبّقت أوكرانيا نفس الفكرة على دباباتها الأمريكية بحلول ربيع 2024.
أما إسرائيل، فبدأت بتطبيقها على دبابات “ميركافا” بعد أيام فقط من انطلاق الحرب ضد غزة في أكتوبر 2023، وتكرّر الأمر خلال الاشتباكات اللاحقة مع “حزب الله” في لبنان.
هل تتأخر الحماية عن ساحة المعركة؟
رغم الإعلان عن النظام الجديد، فإن الوثائق الأمريكية لم توضح بعد أي المركبات تحديداً ستحصل عليه، أو الشكل النهائي له.
كما أن عقد التصنيع لن يُبرم قبل أبريل 2026، فيما يُتوقع أن يبدأ التسليم الأول في نوفمبر 2027، أي بعد أكثر من عامين، وهو وقت طويل في ظل تسارع تهديدات الدرونات والتطورات الميدانية.
وبينما ينتظر الجيش الأمريكي تطوير دبابات المستقبل، يبدو أن سلاح المدرعات الحالي سيضطر للقتال تحت خطر دائم من السماء.
اقرأ أيضاً .. دولة إسلامية تمتلك أقوى صواريخ باليستية من إنتاجها المحلي.. قوتها التدميرية لا تُوصف