الجيش السوداني يعلن الحرب على “حكومة حميدتي”.. هل ينجح في إسقاطها؟
أعلن الجيش السوداني رفضه القاطع لما وصفه بـ”الحكومة الموازية” التي أعلنتها قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، متعهداً بإسقاطها ومحذراً من خطورتها على وحدة البلاد.
وأكد المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد نبيل عبدالله، في بيان رسمي نُشر على صفحة الجيش بموقع “فيسبوك”، أن تشكيل حكومة موازية هو “محاولة بائسة لشرعنة مشروع إجرامي”، مشيراً إلى أن الجيش “بمساعدة الشعب سيحبط أجندة الحكومة ومن يدعمونها”، مضيفاً أن “المشروع الحقيقي للدعم السريع هو الاستيلاء على السلطة”.
إعلان حكومة موازية في دارفور
البيان العسكري جاء بعد يوم واحد فقط من إعلان تحالف بقيادة قوات الدعم السريع، خلال مؤتمر صحفي في مدينة نيالا، عن تشكيل ما يُعرف بـ”حكومة السلام والوحدة”، برئاسة محمد حسن التعايشي، عضو مجلس السيادة السابق.
ووفق المتحدث باسم التحالف، علاء الدين نقد، فإن التعايشي سيبدأ تشكيل حكومته في الأيام القادمة، في إطار مشروع سياسي بديل تحت شعار “السودان الجديد”.
مجلس رئاسي برئاسة حميدتي
التحالف لم يكتفِ بتعيين رئيس وزراء، بل أعلن أيضاً عن تشكيل مجلس رئاسي مكوّن من 15 عضواً، يتزعمه حميدتي، وينوبه عبد العزيز الحلو، زعيم الحركة الشعبية-شمال، الذي يسيطر على مناطق واسعة جنوب السودان.
ويضم المجلس شخصيات سياسية وإدارية، بينهم الهادي إدريس الذي عُيّن حاكماً لإقليم دارفور، في مواجهة مباشرة مع مني أركو مناوي، الحليف العسكري للجيش السوداني.
مشروع فيدرالي يهدد وحدة السودان
تشير الوثائق التي نشرتها قوات الدعم السريع إلى أن الحكومة الجديدة تستند إلى “دستور انتقالي” تم توقيعه في مارس الماضي، يضع أسس دولة اتحادية من ثمانية أقاليم، بما يُعيد إلى الأذهان نماذج التقسيم التي سبقت انفصال جنوب السودان عام 2011.
وفي فبراير الماضي، كانت قوات الدعم السريع قد اجتمعت مع حلفائها في كينيا لوضع الخطوط العريضة لهذا المشروع، الذي يُنظر إليه اليوم باعتباره أحد أخطر محاولات إعادة تشكيل الدولة السودانية خارج الإطار الشرعي المعترف به.
تحذيرات دولية من الانقسام
الأمم المتحدة عبّرت عن قلقها البالغ إزاء هذه التطورات، محذّرة من أن تشكيل حكومة موازية سيُعمّق الانقسام، ويُضعف جهود الوساطة الدولية الرامية إلى وقف الحرب المستمرة منذ أبريل 2023.
كما أشار مسؤولون أمميون إلى أن السودان يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث أدت الحرب إلى نزوح ملايين السكان، وانهيار تام في الخدمات الصحية والتعليمية والبنية التحتية.
هل ينجح الجيش في إسقاط حكومة حميدتي؟
التحدى الأن في السودان هل يتمكن الجيش السوداني من احتواء هذا التصعيد السياسي والعسكري؟ الجواب لا يزال معلقاً بين ميزان القوى على الأرض، والدعم الإقليمي والدولي غير المعلن الذي قد يحسم المعركة من خلف الكواليس.
يرى محللون أن خطوة “الحكومة الموازية” قد تكون مناورة سياسية تهدف إلى كسب أوراق تفاوضية على طاولة الحل، لكنها في الوقت نفسه تحمل بذور انقسام فعلي إن لم يتم احتواؤها سريعاً.
وفي المقابل، يعاني الجيش من تحديات ميدانية معقدة، خصوصاً في إقليم دارفور، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على مساحات واسعة، ما يجعل فرض السيطرة الكاملة على الإقليم أمراً بالغ الصعوبة في المدى القريب.
السودان بين حكومتين
بين حكومة تعلن نفسها من دارفور، وجيش يرفض الاعتراف بها ويهدد بإسقاطها، يدخل السودان مرحلة جديدة من الصراع السياسي والميداني. وفي ظل غياب توافق دولي وإقليمي، يبدو أن مشهد “الحكومتين” قد لا يكون مؤقتاً، بل مقدمة لانقسام طويل الأمد، قد يُعيد رسم خريطة السودان من جديد.
هل ينجح الجيش في إسقاط حكومة حميدتي؟ أم أن البلاد تتجه نحو نموذج ليبي آخر؟ الإجابة ستُكتب في الأسابيع القليلة القادمة، على وقع التصعيد العسكري وميزان الشرعية.
اقرأ أيضا: بعد إعلان حكومة حميدتي.. هل يدخل السودان دوامة الانقسام الليبي؟