الدوحة تتوسط بين الحكومة وحركة 23 مارس..هل تنجح قطر في إنهاء الحرب شرق الكونغو؟

أعلنت جمهورية الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس المسلحة اتفاقهما على توقيع اتفاق سلام شامل بحلول 18 أغسطس المقبل، في خطوة وصفها مراقبون بأنها قد تمهّد لإنهاء أحد أطول النزاعات المسلحة في شرق أفريقيا، وذلك عقب مفاوضات استضافتها العاصمة القطرية الدوحة.
وجاء الإعلان عقب توقيع الطرفين على وثيقة مبادئ سياسية، تمثل الإطار العام لمفاوضات سلام ستنطلق قبل الثامن من الشهر نفسه. ويأتي هذا التطور بعد جهود وساطة مكثفة قادتها قطر، التي تسعى إلى تعزيز موقعها كوسيط فاعل في تسوية النزاعات بالقارة السمراء.
قطر تتحرك لإنقاذ شرق الكونغو
وأكد وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية، الشيخ محمد بن عبدالعزيز الخليفي، أن إعلان المبادئ “يمثل بداية جديدة تهدف إلى تعزيز وحدة المجتمع الكونغولي، بما يشمل الفصائل التي قررت التخلي عن السلاح وتغليب المصلحة الوطنية”.
وأضاف أن بلاده “ستواصل جهودها الدبلوماسية حتى تحقيق تسوية شاملة للصراع”.
وتحاول الدوحة من خلال هذا التحرك تثبيت دورها كقوة دبلوماسية فاعلة في القارة، بعد وساطات سابقة في ملفات مثل دارفور، تشاد، ووسط أفريقيا.
دعم أمريكي ولقاء بين تشيسكيدي وكاغامي
التحركات القطرية تزامنت مع ضغوط أمريكية، حيث أوضح مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشؤون الأفريقية، أن “الولايات المتحدة تدعم هذه المبادرة”، معرباً عن تفاؤله بالتزام الأطراف بإيجاد حل دائم للنزاع.
وعقد الرئيسان فيليكس تشيسكيدي وبول كاغامي اجتماعاً مفاجئاً في الدوحة بوساطة قطرية، أفضى إلى إصدار بيان مشترك يدعو إلى وقف إطلاق نار “فوري وغير مشروط”.
المتمردون يسيطرون على مناطق استراتيجية
شهد العام الحالي تقدماً عسكرياً واسعاً لحركة 23 مارس، حيث تمكنت من السيطرة على مدينة غوما، مركز إقليم شمال كيفو، إضافة إلى بلدات أخرى جنوب الإقليم. ويعد هذا التقدم الميداني الأكبر منذ سنوات، ما أثار قلقاً إقليمياً من احتمال اندلاع حرب أوسع.
وتنفي رواندا تقديم أي دعم مباشر للحركة، لكنها تقول إن وجودها العسكري في شرق الكونغو يهدف إلى منع تهديدات أمنية من مسلحين ينتمون إلى الهوتو، المتورطين في الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا عام 1994.
الأزمة الإنسانية تتفاقم
وفق تقارير أسفر القتال في شرق الكونغو عن مقتل آلاف المدنيين وتشريد ما لا يقل عن 500 ألف شخص منذ مطلع العام الجاري، وفق تقارير منظمات إغاثية. كما تسبب النزاع في تدمير البنية التحتية المحلية وتعطيل الخدمات الصحية والتعليمية.
ودفعت حدة المعارك دولاً مجاورة إلى إرسال قواتها إلى شرق الكونغو، مثل أوغندا وبوروندي، ما زاد من تعقيد المشهد العسكري والسياسي.
هل تنجح الوساطة القطرية في وقف الحرب؟
ترى مصادر دبلوماسية في كينشاسا أن الوساطة القطرية “أحدثت تحولاً حقيقياً في الموقف الرسمي”، لكن مراقبين حذروا من هشاشة الوضع، خاصة في ظل استمرار غياب آلية تنفيذ واضحة لأي اتفاق محتمل، وعدم الثقة بين الأطراف.
وتترقب الأوساط الإقليمية والدولية ما ستسفر عنه المفاوضات النهائية المقررة قبل 8 أغسطس، وسط آمال بأن تؤدي إلى توقيع اتفاق سلام دائم بحلول 18 أغسطس، كما نص إعلان المبادئ.
ووفق مراقبون فإن نجاح قطر في الوصول إلى اتفاق نهائي لن يعزز فقط استقرار منطقة مضطربة، بل سيمنحها دفعة جديدة في ملفات وساطة دولية أخرى، بينما يبقى الفشل خياراً مكلفاً قد يُعيد فتح جبهة جديدة من العنف في قلب القارة السمراء.
اقرا أيضا
ستة أشهر لـ إعمار الخرطوم.. هل تنجح حكومة السودان في إعادة الحياة إلى العاصمة؟