“الدولة مقابل السلاح”| حماس تفاجئ الجميع بمبادرة غير مسبوقة.. ما موقف إسرائيل؟

في تحول لافت في خطابها السياسي، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” استعدادها للتخلي عن سلاحها، بشرط إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة وعاصمتها القدس، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لاستثمار الزخم الدبلوماسي الدولي المتصاعد حول حل الدولتين، ومواجهة الضغوط الإسرائيلية والغربية لإنهاء سيطرتها على قطاع غزة.
وفي بيان رسمي، أكدت الحركة أن “المقاومة وسلاحها استحقاق وطني وقانوني ما دام الاحتلال قائمًا، وقد أقرته المواثيق والأعراف الدولية، ولا يمكن التخلي عنهما إلا باستعادة الحقوق الوطنية كاملة، وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.”
البيان، الذي جاء في توقيت حساس من مسار الحرب الجارية في قطاع غزة، يحمل رسائل مزدوجة، إحداها إلى الشارع الفلسطيني مفادها أن حماس لا تتعامل مع سلاحها كغاية، بل كوسيلة لتحقيق الهدف الأكبر، وهو الدولة. أما الرسالة الأخرى، فتتجه نحو الدول العربية والغربية، في ظل مطالبات متزايدة للحركة بنزع سلاحها وتسليم السلطة، وهي مطالب ترفضها حماس ما لم تكن مشروطة بتحقيق مكاسب وطنية حقيقية.
إسرائيل ترفض مبادرة حماس
في المقابل، ترفض إسرائيل بشكل قاطع أي ربط بين إقامة دولة فلسطينية وبين سلاح المقاومة، وتعتبر حماس منظمة إرهابية لا يمكن التفاوض معها، متهمة إياها بالسعي لتدمير الدولة العبرية لا التعايش معها.
وقد أكد مسؤولون إسرائيليون في تصريحات إعلامية متكررة أن “نزع سلاح حماس يجب أن يكون غير مشروط، ولا يمكن أن يُكافأ بالإقرار بسيادتها أو الاعتراف بها”.
على الساحة الدولية، لا يزال الموقف منقسمًا. فبينما ترى بعض الدول الغربية والعربية في تصريح حماس فرصة نادرة للدفع نحو مسار سياسي جاد يُفضي إلى حل الدولتين، لا تزال أطراف أخرى متمسكة بتصنيف حماس كتنظيم إرهابي، وترى في سلاحها تهديدًا لا يمكن التهاون معه، بغض النظر عن نواياها السياسية المعلنة.
المفاوضات إلى طريق مسدود
تأتي هذه التصريحات في وقت تعثرت فيه المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس برعاية دولية، والتي كانت تهدف إلى التوصل لوقف إطلاق نار مؤقت لمدة 60 يومًا في غزة، مقابل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين منذ عملية السابع من أكتوبر 2023.
وفي هذا السياق، حذّر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير خلال تفقده القوات المنتشرة في غزة من أن “المعركة ستستمر بلا هوادة ما لم يتم إطلاق سراح الرهائن.”
وأضاف: “بتقديري أننا سنعرف خلال الأيام المقبلة إن كنا سنتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح رهائننا. وإلا، فإن المعركة ستتواصل بلا توقف.”
مجاعة واتهامات متبادلة
وتحذر الأمم المتحدة من أن قطاع غزة يواجه خطر “مجاعة شاملة” تهدد حياة أكثر من مليوني إنسان، معظمهم يعتمدون بالكامل على المساعدات الدولية في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر.
في المقابل، رفض رئيس الأركان الإسرائيلي اتهامات التسبب في المجاعة، واصفًا إياها بأنها “حملة أكاذيب متعمدة ومخطط لها”، مضيفًا أن “حماس هي المسؤولة عن معاناة سكان غزة وقتلهم”.
وتأتي هذه التصريحات بالتزامن مع إعادة تموضع الجيش الإسرائيلي داخل القطاع، ضمن خطط عسكرية جديدة لم تُعلن تفاصيلها بعد.
هل تفتح مبادرة حماس الباب لتسوية تاريخية؟
ويري محللون أنه لا يمكن الجزم بما إذا كانت تصريحات حماس تمثل تحولًا استراتيجيًا طويل المدى أم مجرد تكتيك سياسي ضمن معركة تفاوضية معقدة. لكن المؤكد أن الحركة باتت تُدرك أن استمرار الحرب سيكلفها كثيرًا على المستويين الشعبي والدولي.
الأنظار تتجه الآن إلى ردود الفعل الإسرائيلية والعربية، ومدى استعداد الأطراف المؤثرة في المشهد السياسي لالتقاط ما قد يكون أول عرض علني من حماس للانخراط في حل سياسي شامل مقابل التنازل عن السلاح، وهو عرض – إن تحقق – قد يشكل منعطفًا فارقًا في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
اقرأ أيضًا: ليس غزة وحدها… دولة عربية تشهد مجاعة غير مسبوقة | ما القصة؟