الديون الأمريكية على وشك الانفجار في عهد ترامب
القاهرة (خاص عن مصر)- من المتوقع أن ترتفع الديون الوطني الأمريكية في ظل رئاسة دونالد ترامب، حيث حذر محللون من معهد التمويل الدولي من أن الوضع المالي للبلاد قد يتدهور بشكل كبير في السنوات القادمة، وفقا لتقرير تليجراف البريطانية.
يشير تحليل معهد التمويل الدولي إلى أن سياسات ترامب الاقتصادية، وخاصة تخفيضاته الضريبية دون تخفيضات الإنفاق المكافئة، من المرجح أن تدفع الدين الأمريكي من حوالي 100٪ من الناتج المحلي الإجمالي اليوم إلى أكثر من 135٪ في غضون العقد المقبل.
يمكن أن يكون لهذه الزيادة الحادة في الديون آثار بعيدة المدى على كل من الاقتصاد الأمريكي ومكانته على الساحة العالمية.
الضغوط المالية في ظل أجندة ترامب الاقتصادية
يزعم معهد التمويل الدولي، وهو مؤسسة بحثية مالية عالمية رائدة مقرها واشنطن، أن خطط الرئيس ترامب لخفض الضرائب، وخاصة على الدخل من العمل الإضافي والإكراميات، من شأنها أن تغذي الإنفاق الاستهلاكي.
في حين أن هذا قد يحفز النمو الاقتصادي في الأمد القريب، فإنه يحمل أيضًا خطر إعادة إشعال التضخم. وبحسب محللي معهد التمويل الدولي، فإن غياب التخفيضات الكبيرة في الإنفاق لموازنة التأثير المالي لهذه التخفيضات الضريبية من شأنه أن يؤدي إلى زيادة هائلة في الدين الوطني.
أقرا أيضا.. خطوة تصعيدية.. كوريا الشمالية تسرع إنتاج طائرات بدون طيار انتحارية
حاليا، يبلغ الدين الوطني 36 تريليون دولار، وحذر معهد التمويل الدولي من أنه في ظل السياسات المالية لترامب، قد يصل هذا إلى أكثر من 150٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر المحللون بقلق خاص من أن التخفيضات الضريبية المخطط لها للأفراد والشركات، إلى جانب الإنفاق الحكومي المتزايد، من شأنها أن تخلق تحديات مالية طويلة الأجل.
من المتوقع أن تؤدي التعريفات الجمركية التي اقترحها ترامب على السلع المستوردة إلى زيادة التضخم من خلال رفع سعر المنتجات المصنوعة في الخارج. وقد تجبر هذه الضغوط التضخمية بدورها بنك الاحتياطي الفيدرالي على التخلي عن خططه لخفض أسعار الفائدة، والحفاظ على تكاليف الاقتراض المرتفعة لفترة أطول مما كان متوقعا في السابق.
الضغوط التضخمية وارتفاع تكاليف الاقتراض
مع تسريع الحكومة الأمريكية لتوسعها المالي، تتكيف الأسواق المالية بالفعل مع احتمالات ارتفاع مستويات الديون والتضخم المستدام. ارتفعت العائدات على سندات الخزانة الأميركية لأجل 30 عاما، وهي مؤشر رئيسي لتكاليف الاقتراض الطويلة الأجل، من أقل من 4% في سبتمبر إلى أكثر من 4.5% اليوم.
تشير هذه الزيادة إلى مخاوف المستثمرين بشأن استدامة عبء الديون الأميركية وإمكانية الضغوط التضخمية.
ويوضح معهد التمويل الدولي أن ارتفاع تكاليف الاقتراض يعكس القلق المتزايد بشأن المسار المستقبلي للديون الأميركية، مع تزايد تساؤل المستثمرين حول جدوى تمويل مثل هذه السياسة المالية العدوانية. ومع ارتفاع توقعات التضخم، قد يجد بنك الاحتياطي الفيدرالي نفسه مقيداً في قدرته على دعم النمو الاقتصادي من خلال أسعار الفائدة المنخفضة.
تحد محتمل لهيمنة الدولار الأميركي
كانت قدرة الولايات المتحدة على الاقتراض بكثافة مدعومة تاريخيا بمكانة الدولار كعملة احتياطية عالمية. وقد أعطى هذا الوضع الفريد للحكومة الأميركية مرونة أكبر من معظم الدول الأخرى في إدارة ديونها. ومع ذلك، يحذر الخبراء في معهد التمويل الدولي من أن استراتيجية ترامب الاقتصادية قد تدفع حدود هذه القدرة على الاقتراض.
بالإضافة إلى التحفيز المالي والتعريفات الجمركية المتزايدة، فإن سياسات الهجرة الأكثر صرامة التي ينتهجها ترامب قد تؤدي إلى تفاقم التضخم. تعتمد العديد من الصناعات في الولايات المتحدة، بما في ذلك الزراعة والبناء والرعاية الصحية، بشكل كبير على العمالة المهاجرة، وقد يؤدي خفض هذه القوى العاملة إلى ارتفاع الأجور، وفي نهاية المطاف، زيادة الأسعار للمستهلكين.
يحذر معهد التمويل الدولي من أن هذا المزيج من العوامل – التوسع المالي، والتعريفات الجمركية المرتفعة، وسياسات الهجرة الأكثر صرامة – قد يخلق بيئة من ارتفاع التضخم. وهذا من شأنه أن يفرض ضغوطًا كبيرة على بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يجبره على تبني سياسة نقدية أكثر تقييدًا، والتي قد تؤدي بدورها إلى زيادة تكاليف الاقتراض في جميع أنحاء الاقتصاد.
التأثير العالمي لارتفاع الديون الأمريكية
لا تقتصر آثار ارتفاع الديون الأمريكية على الاقتصاد المحلي. غالبًا ما تحدد تكاليف الاقتراض في الولايات المتحدة نغمة أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم. مع ارتفاع مستويات الديون الأمريكية وتراكم الضغوط التضخمية، من المتوقع أن تزيد تكاليف الاقتراض في بلدان أخرى أيضًا.
وقد يكون لهذا تأثير متتالي على الأسواق المالية العالمية، مما يرفع تكاليف الاقتراض للشركات والحكومات في جميع أنحاء العالم.
في سياق السياسة الخارجية لترامب، يشكل الدين الوطني المتضخم قيداً كبيراً. فقد اعتمدت الولايات المتحدة تقليدياً على المستثمرين الأجانب، بما في ذلك الصين ودول الخليج، لتمويل ديونها. ولكن مع ارتفاع مستويات الدين الأميركي وتزايد الضغوط المالية، فإن قدرة أميركا على اتخاذ القرارات الاستراتيجية على الساحة العالمية قد تتقوض.
هل يمكن لخطة الكفاءة التي وضعها إيلون ماسك أن تحل أزمة الديون؟
في محاولة للتخفيف من بعض الضغوط المالية، عيَّن ترامب رجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك لرئاسة إدارة جديدة للكفاءة الحكومية. وتتمثل مهمة ماسك في تعويض تأثير التخفيضات الضريبية من خلال خفض الإنفاق الفيدرالي.
وزعم ماسك أنه يستطيع توفير 2 تريليون دولار للحكومة، لكن خبراء الاقتصاد متشككون في جدوى مثل هذه التخفيضات الطموحة.
يشير الخبير الاقتصادي المستقل بول مورتيمر لي إلى أن مثل هذه المدخرات تتطلب تخفيضات جذرية في الخدمات الأساسية، بما في ذلك النقل والتعليم والإسكان والخدمات الاجتماعية، وهو ما قد يخلف عواقب بعيدة المدى على سكان الولايات المتحدة.
أزمة في الأفق؟
يشعر الخبراء بقلق متزايد من أن الدين الأمريكي المتنامي، إلى جانب الضغوط التضخمية وارتفاع محتمل في أسعار الفائدة، قد يمهد الطريق لأزمة مالية عالمية. يسلط تحليل معهد التمويل الدولي الضوء على الظروف غير المسبوقة التي تواجهها الولايات المتحدة مع استمرار نمو ديونها، ويبقى أن نرى ما إذا كانت سياسات ترامب الاقتصادية ستكون مستدامة في الأمد البعيد.