الذهب يستعيد بريقه كملاذ آمن للمستثمرين بعد انهيار أسواق الأسهم الأمريكية

شهدت الأسواق المالية الأمريكية مؤخرًا تراجعًا ملحوظًا، مما أثار تساؤلات حول تأثير ذلك على أسعار الذهب العالمية كملاذ آمن للمستثمرين حيث يُعتبر الذهب تقليديًا ملاذًا آمنًا يلجأ إليه المستثمرون خلال فترات عدم الاستقرار الاقتصادي وتقلبات الأسواق.
أداء سوق الأسهم الأمريكية والعوامل المؤثرة
على مدار العقد الماضي، شهدت سوق الأسهم الأمريكية نموًا ملحوظًا، متعافية من الأزمة المالية لعام 2008 وتجاوزت تداعيات جائحة كورونا في عام 2020، ومع ذلك، تشير بعض المؤشرات إلى احتمال حدوث تصحيح أو حتى انهيار في السوق.
ومن أبرز هذه المؤشرات التقييمات المرتفعة للأسهم؛ حيث بلغ مؤشر السعر إلى الأرباح لمؤشر “ستاندرد آند بورز 500” 27.2 مرة، وهو قريب من ذروة فقاعة التكنولوجيا التي سجلت 29.9 مرة، كما أن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية وصلت إلى 5.3 مرة، متجاوزة الذروة السابقة البالغة 5.2 مرة في عام 2000.
اقرأ أيضا.. توقعات حالة الطقس للأيام المقبلة
بالإضافة إلى ذلك، أدى رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في السنوات الأخيرة إلى زيادة تكاليف الاقتراض، مما قد يؤثر سلبًا على أرباح الشركات والإنفاق الاستهلاكي.
التوترات الجيوسياسية المستمرة، مثل الصراعات في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط، فضلاً عن النزاعات التجارية، تزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق. كما أن ارتفاع مستويات الديون الحكومية والشخصية يثير مخاوف بشأن الاستقرار المالي، وقد يؤدي إلى أزمة ائتمان مشابهة للأزمة المالية في عام 2008.
تأثير انهيار الأسهم على أسعار الذهب
أسعار الذهب ترتفع خلال فترات انهيار أسواق الأسهم، حيث يتجه المستثمرون نحو الأصول الآمنة، على سبيل المثال، خلال “الإثنين الأسود” عام 1987، قفز سعر الذهب بنسبة 3.2٪ في حين انخفض مؤشر “داو جونز” بأكثر من 20٪ في يوم واحد.
مع تزايد المخاوف من ركود اقتصادي، شهدت الأسواق العالمية تراجعات في الأسهم والذهب والدولار والنفط، في أغسطس 2024، انخفض مؤشر “داو جونز” الصناعي بمقدار 810 نقاط (2٪)، وتراجع مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بنسبة 2.4٪، في حين خسر مؤشر “ناسداك” المركب 3٪.
كما انخفضت العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.53٪ إلى 2468 دولارًا للأوقية، وتراجعت العقود الفورية بنسبة 0.85٪ إلى 2425 دولارًا للأوقية.
توقعات أسعار الذهب المستقبلية
تتفاوت توقعات المؤسسات المالية الكبرى لأسعار الذهب في المستقبل. يتوقع بنك “جي بي مورغان” أن يصل سعر الذهب إلى 2500 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2024، مع احتمال ارتفاعه إلى 2600 دولار بحلول منتصف عام 2025.
من جهة أخرى، يتوقع بنك “كومرتس” أن يصل سعر الذهب إلى 2500 دولار بحلول نهاية عام 2024، مع احتمال ارتفاعه إلى 2600 دولار بحلول منتصف عام 2025. كما يتوقع بنك “ING” أن يبلغ متوسط سعر الذهب 2580 دولارًا في الربع الرابع من عام 2024، مع استمرار الزخم حتى عام 2025 ليصل إلى متوسط 2700 دولار.
العوامل المؤثرة في أسعار الذهب
بالإضافة إلى أداء سوق الأسهم، هناك عدة عوامل تؤثر في أسعار الذهب:
السياسة النقدية وأسعار الفائدة: عادةً ما يؤدي خفض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية إلى زيادة جاذبية الذهب كاستثمار، نظرًا لانخفاض العوائد على الأصول الأخرى.
التضخم: يُعتبر الذهب وسيلة للتحوط ضد التضخم. في فترات ارتفاع التضخم، يلجأ المستثمرون إلى الذهب للحفاظ على قيمة أموالهم.
التوترات الجيوسياسية: تزيد الأزمات والصراعات الدولية من الطلب على الذهب كملاذ آمن.
قوة الدولار الأمريكي: عادةً ما توجد علاقة عكسية بين قيمة الدولار وسعر الذهب. ضعف الدولار يجعل الذهب أقل تكلفة للمستثمرين بالعملات الأخرى، مما يزيد الطلب عليه.
في ظل التوترات الاقتصادية والجيوسياسية الحالية، ومع احتمالية تصحيح أو انهيار في سوق الأسهم الأمريكية، يُرجح أن يستمر الذهب في جذب المستثمرين كملاذ آمن. ومع توقعات المؤسسات المالية بارتفاع أسعار الذهب في السنوات القادمة، قد يشهد المعدن الأصفر مزيدًا من الارتفاعات، خاصة إذا استمرت العوامل الداعمة له.