الرسوم الجمركية الأمريكية تفسد تحالفًا تجاريًا دام 30 عامًا مع كندا والمكسيك

القاهرة (خاص عن مصر)- تواجه الشراكة التجارية الطويلة الأمد بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، تحديًا كبيرًا، حيث أن الرسوم الجمركية الأمريكية تفسد تحالفًا تجاريًا تأسست منذ أكثر من ثلاثة عقود.

وفقا لتقرير نيويورك تايمز، قرار الرئيس دونالد ترامب الأخير بفرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 25٪ على واردات بقيمة تريليون دولار تقريبًا من هذين البلدين قد يؤدي إلى تفكك الروابط الاقتصادية التي كانت حيوية للمنطقة.

مع هذه الخطوة، أصبح مستقبل اتفاقية التجارة لأمريكا الشمالية – USMCA – غير مؤكد الآن، ويحذر الخبراء من عواقب اقتصادية وخيمة لجميع الأطراف المعنية.

المخاطر: الركود والاضطراب الاقتصادي

بالنسبة لكندا والمكسيك، من المتوقع أن يكون للرسوم الجمركية تأثير مدمر، مما قد يدفع البلدين إلى الركود، تواجه كندا، على وجه الخصوص، احتمال ارتفاع التضخم في أسعار المستهلك وارتفاع البطالة كنتيجة مباشرة لهذه السياسة.

توقع توني ستيلو، الخبير الاقتصادي من أكسفورد إيكونوميكس، أن ينكمش اقتصاد كندا بشكل كبير، مع ارتفاع التضخم وتصاعد معدلات البطالة.

حذر ماركوس نولاند، الخبير الاقتصادي في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، من أن الرسوم الجمركية بنسبة 25٪ قد تؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي في المكسيك بنحو نقطتين مئويتين، وقد يؤدي هذا الانحدار إلى إغلاق المصانع على نطاق واسع وخسائر كبيرة في الوظائف، مما يقوض قطاع التصنيع في المكسيك.

بالإضافة إلى ذلك، بدأت العديد من الشركات بالفعل في إعادة النظر في استراتيجيات التصنيع الخاصة بها، مع تحويل بعض العمليات إلى أماكن مثل جمهورية الدومينيكان لتجنب الرسوم الجمركية.

منطق ترامب وتأثيره على الصناعة الأمريكية

دافع الرئيس ترامب عن قراره من خلال تأطيره كجزء من أجندته الأوسع نطاقًا “أمريكا أولاً”، وأكد أن الرسوم الجمركية لا تتعلق فقط بحماية الوظائف الأمريكية ولكن أيضًا بحماية ما يعتبره روح البلاد.

وطمأن الأمريكيين بأنه على الرغم من أن الرسوم الجمركية ستتسبب في بعض الاضطرابات قصيرة الأجل، إلا أنها ستفيد في نهاية المطاف الاقتصاد الأمريكي على المدى الطويل.

لكن خبراء الاقتصاد ما زالوا متشككين بشأن الفوائد طويلة الأجل، وخاصة بالنسبة للصناعات في الولايات المتحدة التي تعتمد بشكل كبير على المواد والسلع النهائية من المكسيك وكندا.

على سبيل المثال، أطلقت صناعة السيارات ناقوس الخطر، محذرة من أن فرض الرسوم الجمركية قد يمحو الأرباح من خلال رفع التكاليف.

ووصف أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في القطاع كيف يمكن لمثل هذه الرسوم الجمركية أن تؤدي إلى تآكل هوامش شركات صناعة السيارات الأمريكية تمامًا، مما يتسبب في اضطرابات كبيرة في جزء أساسي من الاقتصاد الأمريكي.

اقرأ أيضا.. إسرائيل تبتكر أداة شبيهة بـ ChatGPT باستخدام بيانات المراقبة في الأراضي الفلسطينية

اضطرابات سلاسل التوريد العالمية

لا تستهدف الرسوم الجمركية صناعات محددة فحسب، بل قد تؤدي أيضًا إلى انهيار أوسع لشبكة الإنتاج في أمريكا الشمالية، والتي كانت متكاملة بشكل عميق لسنوات، إن فرض هذه الرسوم الجمركية يقوض فكرة التجارة الحرة ويثير تساؤلات بالغة الأهمية حول مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

يزعم خبراء الاقتصاد أن تعطيل سلاسل التوريد هذه قد يمتد إلى صناعات أخرى، مما يرفع تكاليف الإنتاج للشركات الأمريكية وقد يتسبب في تسريح العمال في القطاعات التي تعتمد على التجارة مع كندا والمكسيك.

بحسب وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني العالمية، فإن هذه التعريفات الجمركية قد تؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 0.6% في العام المقبل، في حين قد ينخفض ​​الناتج المحلي الإجمالي المكسيكي والكندي بنسبة تصل إلى 3%.

التداعيات السياسية: علاقة متوترة

لقد أدت التعريفات الجمركية إلى توتر العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وجيرانها في أمريكا الشمالية، وأدان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو مبررات ترامب، ووصفها بأنها “زائفة تماما” وأكد أن مثل هذه السياسات قد تؤدي إلى انهيار الاقتصاد الكندي.

وأكد أن انهيار العلاقات بين الولايات المتحدة وكندا من شأنه أن يضر في نهاية المطاف بالبلدين.

وفي الوقت نفسه، أعربت مجموعات الصناعة الأمريكية، مثل المجلس الوطني لمنظمات النسيج، عن مخاوفها من أن هذه التعريفات الجمركية قد تفيد المنافسين الأجانب، وخاصة الصين، وتضر بالصناعات الأمريكية التي تعتمد على الصادرات الكندية والمكسيكية.

تهدد هذه الاضطرابات بعكس المكاسب التي تحققت بموجب اتفاقيات التجارة السابقة وتفاقم المشاكل القائمة، مثل أزمة الفنتانيل وقضايا الهجرة.

الرد الاقتصادي: من الرابح ومن الخاسر؟

تمثل الرسوم الجمركية قطيعة مع سياسات التكامل والتعاون السابقة التي حددت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا لعقود من الزمن.

في حين أيدت بعض الفصائل، مثل نقابة عمال السيارات المتحدة، الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب بسبب اعتقادها بأن التجارة قوضت التصنيع في الولايات المتحدة، يحذر خبراء آخرون في الصناعة من أن هذه الخطوة سيكون لها آثار ضارة على القطاعات ذاتها التي يسعى ترامب إلى حمايتها.

زر الذهاب إلى الأعلى