السعودية تتراجع عن معاهدة دفاعية شاملة عرضتها واشنطن مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل

في تحول كبير في السياسة السعودية تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل، أفاد مسؤولون سعوديون وأربعة دبلوماسيين غربيين بأن المملكة العربية السعودية قد تخلت عن فكرة إبرام معاهدة دفاعية شاملة مع واشنطن مقابل تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

وكشف تقرير لوكالة رويترز، أنه بدلاً من ذلك، تسعى الرياض إلى التوصل إلى اتفاق أقل طموحًا للتعاون العسكري مع الولايات المتحدة.

تخفيف الموقف بشأن القضية الفلسطينية

وفقًا للتقرير، ففي وقت سابق من هذا العام، كانت المملكة تسعى إلى معاهدة أمنية واسعة النطاق مع واشنطن، وخففت موقفها بشأن القضية الفلسطينيةـ حيث أشارت الرياض إلى أنه قد يكون كافيًا للحصول على التزام علني من إسرائيل بحل الدولتين كشرط لتطبيع العلاقات مع تل أبيب.

ولكن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، والتي أثارت الغضب في السعودية والشرق الأوسط، جعلت ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يشترط اعتراف إسرائيل بتنفيذ خطوات ملموسة لإنشاء دولة فلسطينية، وفقًا لمصادر سعودية وغربية.

اقرأ أيضًا: باستثمارات 64 مليار دولار.. السعودية تنجز 50% من مشروع «الدرعية» قبل نهاية 2026

تحديات التطبيع مع إسرائيل

من جهة أخرى، يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحديات داخلية، حيث يعارض غالبية حكومته أي تنازلات للفلسطينيين بعد الهجمات الأخيرة التي شنتها حماس في أكتوبر 2023.

ورغم ذلك، ما يزال نتنياهو يسعى لتحقيق تطبيع مع المملكة، معتبرًا ذلك إنجازًا تاريخيًا يعزز قبوله في العالم العربي.

معاهدة دفاعية محدودة

ويعتقد المسؤولون السعوديون والأمريكيون أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق دفاعي أكثر تواضعًا قبل مغادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه في يناير 2025.

وتشير المعلومات إلى أن الاتفاق الذي يجري العمل عليه قد يتضمن توسيع التدريبات العسكرية المشتركة مع التركيز على تهديدات إيران، فضلاً عن تعزيز الشراكات بين شركات الدفاع الأمريكية والسعودية.

معاهدة دفاعية بين السعودية والولايات المتحدة
معاهدة دفاعية بين السعودية والولايات المتحدة

المعاهدات الدفاعية والقدرة على مواجهة التهديدات

ومن أهم النقاط التي يتناولها الاتفاق المزمع هو تعزيز التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والسعودية، بما في ذلك زيادة الاستثمارات السعودية في التكنولوجيا المتقدمة، خاصة في مجال الدفاع الجوي والطائرات بدون طيار.

كما أشارت المصادر إلى أن الولايات المتحدة قد تضاعف حضورها في الرياض من خلال الدعم اللوجستي، التدريب، والأمن السيبراني، بما في ذلك نشر بطاريات صواريخ باتريوت لتعزيز الدفاعات الصاروخية.

من جهته، أشار عبد العزيز الصغير، رئيس معهد الخليج للأبحاث في السعودية، إلى أن المملكة ستتمكن من الحصول على اتفاق أمني يعزز التعاون العسكري ومبيعات الأسلحة الأمريكية، ولكن دون التوصل إلى معاهدة دفاعية شاملة مشابهة لتلك الموقعة مع اليابان أو كوريا الجنوبية.

من ناحية أخرى، يراقب المسؤولون الفلسطينيون والعرب باهتمام تطورات هذا الاتفاق، خاصة في ظل التوجهات الأمريكية الأخيرة التي قد تؤثر على القضية الفلسطينية.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. ملف السعودية لاستضافة كأس العالم 2034 يحصل على أعلى تقييم من فيفا

التحولات السياسية الأمريكية

والوضع يتعقد أكثر في ظل وصول الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، حيث يخشى الفلسطينيون وبعض الدول العربية من أن ترامب، بصفته حليفًا وثيقًا للأمير محمد بن سلمان، قد يحاول إقناعه بدعم خطته التي تهدف إلى حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

وتلك الخطة، التي طرحت عام 2020، استبعدت أي مطالب بإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة وأدت إلى تغييرات جذرية في السياسة الأمريكية.

دور القضية الفلسطينية في السياسات الإقليمية

وفي هذا السياق، أكدت السعودية مرارًا دعمها لإقامة دولة فلسطينية ضمن إطار الاتفاقيات الدولية، حيث يعتبر المسؤولون السعوديون أن الحل الأمثل يتطلب قبول إسرائيل بحل الدولتين، بما في ذلك القدس الشرقية عاصمة لفلسطين.

وفي ظل تزايد الانتقادات الدولية، وصف الأمير محمد بن سلمان العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة بأنها “إبادة جماعية” في خطاب أمام القمة العربية والإسلامية.

ورغم التحديات الحالية، يرى الدبلوماسيون أنه من المحتمل أن تعيد السعودية النظر في مسألة تطبيع علاقاتها مع إسرائيل في المستقبل، وربما بعد انتهاء الحرب في غزة، أو في ظل حكومة إسرائيلية جديدة قد تفتح المجال لتحقيق تسوية إقليمية أكثر توازنًا.

زر الذهاب إلى الأعلى