السعودية تتعهد باستثمار 15 مليار دولار في مصر.. عصر جديد من الشراكة الاقتصادية
بدأت المملكة العربية السعودية ومصر فصلاً جديدًا في علاقتهما الاقتصادية الطويلة الأمد بتوقيع اتفاقية استثمار بقيمة 15 مليار دولار، وفقا لما نقلته رويترز.
بحسب خاص عن مصر، تهدف هذه الاتفاقية، التي تم توقيعها خلال الزيارة الأخيرة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة، إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف القطاعات الرئيسية. وكجزء من استراتيجية أوسع لتعزيز التجارة ومعالجة التحديات الاقتصادية في مصر، من المتوقع أن تعزز الاتفاقية بشكل كبير التعاون الاقتصادي بين المملكة العربية السعودية ومصر.
تفاصيل الاستثمار والقطاعات الاستراتيجية
أكد مجلس الأعمال السعودي المصري، برئاسة رئيسه بندر العمري، أن هذه الاستثمارات ستغطي قطاعات حيوية مثل الطاقة المتجددة والسياحة والتطوير العقاري والصناعة والتكنولوجيا. وسلط العمري الضوء على الأهمية الاستراتيجية لهذه القطاعات في تنويع اقتصادات البلدين ودفع التنمية المستدامة.
أقرا أيضا.. الاستثمارات السعودية في مصر بلغت 127 مليار ريال بأكثر من 800 شركة
وعلى وجه الخصوص، يبرز قطاع الطاقة، بما في ذلك الطاقة المتجددة، كنقطة محورية لهذه الاتفاقية. وفي ضوء الاتجاهات العالمية نحو الطاقة الخضراء والاستدامة، فإن الاستثمارات في هذا القطاع تتماشى مع طموحات البلدين للانتقال إلى مصادر طاقة أكثر استدامة. وعلاوة على ذلك، توفر قطاعات مثل السياحة والعقارات فرصًا واعدة للاستفادة من الأصول التاريخية والثقافية لمصر، مما يوفر دفعة كبيرة للاقتصاد المحلي.
وقال العمري في مقابلة مع قناة العربية للأعمال: “هذه الاتفاقيات رائدة وأصبحت ممكنة من خلال توقيع اتفاقية حماية الاستثمار بين البلدين”. وأضاف أن الاتفاقية ستشجع مشاركة القطاع الخاص من كلا الجانبين في المغامرة في مشاريع مشتركة، مما يضمن عوائد طويلة الأجل لكلا الاقتصادين.
دور القطاع الخاص
لعب تعاون القطاع الخاص دورًا حيويًا في هذه الصفقة. خلال زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى المملكة العربية السعودية في سبتمبر، أكدت الحكومتان على أهمية التعاون الوثيق بين قطاعيهما الخاصين. وقد أدى ذلك إلى إنشاء مشاريع استثمارية مشتركة في دول خارجية، مما يعكس النطاق الاقتصادي المتوسع لكلا البلدين.
وأكد العمري أن القطاع الخاص السعودي يستكشف العديد من المشاريع التي تهدف إلى تعزيز استثماراته في مصر. وبحسب أرقام الغرف التجارية السعودية، يبلغ حجم التجارة بين البلدين حاليا نحو 48 مليار ريال سعودي (حوالي 12.8 مليار دولار)، حيث تقدر قيمة الصادرات السعودية إلى مصر بنحو 28 مليار ريال، بينما تبلغ قيمة الواردات المصرية إلى المملكة العربية السعودية 20 مليار ريال.
التنسيق رفيع المستوى والطريق إلى الأمام
من بين النتائج المهمة الأخرى للمناقشات تشكيل مجلس التنسيق الأعلى السعودي المصري، برئاسة مشتركة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ومن المتوقع أن يعمل هذا المجلس على دفع الاستثمارات الثنائية بشكل أكبر وضمان إعطاء الزعيمين الأولوية للتعاون الاقتصادي باعتباره جانبا أساسيا من السياسة الخارجية لبلديهما.
وأكد مصدر دبلوماسي نقلت عنه رويترز أنه إلى جانب التعاون الاقتصادي، تناول الزعيمان أيضا قضايا إقليمية ملحة مثل الأزمات في لبنان وغزة. ومع ذلك، يظل التركيز على تعزيز العلاقات الاقتصادية كوسيلة لتعزيز الاستقرار في كلا البلدين.
تأثير الاستثمار على اقتصاد مصر
بالنسبة لمصر، يمثل هذا الاتفاق الذي تبلغ قيمته 15 مليار دولار شريان حياة حاسما وسط الصراعات الاقتصادية المستمرة. كانت البلاد تكافح التضخم ومستويات الديون المرتفعة والحاجة إلى الاستثمار الأجنبي لدعم النمو. تأتي الصفقة في وقت حاسم، حيث تسعى الحكومة إلى جذب رأس المال الأجنبي لتنشيط اقتصادها وخلق فرص العمل.
يشير الارتفاع الأخير في سندات مصر السيادية المقومة بالدولار، وخاصة السندات طويلة الأجل، إلى زيادة ثقة المستثمرين في أعقاب الإعلان عن الصفقة. وفقًا لبيانات Tradeweb، شهدت سندات مصر المستحقة في عام 2059 أكبر المكاسب، حيث ارتفعت بمقدار 1.71 سنتًا إلى 77.78 سنتًا للدولار. يعكس هذا معنويات السوق الإيجابية تجاه قدرة البلاد على تحمل الصعوبات الاقتصادية بمساعدة الاستثمارات الخليجية.