السعودية تتوسع في الاستدانة لمواجهة عجز الميزانية والتحول الاستثماري

المملكة أكبر مصدر لأدوات الدين في العالم بدلا من الصين

القاهرة (خاص عن السعودية): في تحول لافت يعكس رؤية اقتصادية طموحة، تتجه المملكة العربية السعودية نحو التوسع في الاستدانة لتمويل مشاريعها التنموية العملاقة وسد عجز الميزانية. هذا التوجه يأتي في إطار استراتيجية شاملة للتحول من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد متنوع ومستدام، وسط تحديات عالمية وإقليمية متزايدة.

الاستثمار في السعودية

عجز ميزانية السعودية يدفع نحو خيارات تمويلية جديدة

رغم الثروة النفطية الهائلة التي تمتلكها المملكة، أدرك ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مخاطر الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيسي. وكشفت البيانات الرسمية عن توقعات بوصول عجز الميزانية إلى 79 مليار ريال، في ظل تراجع أسعار النفط وارتفاع معدلات التضخم.

رصدت وكالة بلومبرج الشرق إصدار المملكة لسندات بقيمة 50 مليار دولار منذ بداية 2024، متضمنة السندات الدولارية والمقومة باليورو وديون الشركات. هذا التوجه جعل المملكة إحدى أكبر مصدري الديون الدولية في الأسواق الناشئة.

استراتيجية تمويلية طموحة لمواجهة التحديات

أقرت الحكومة السعودية بأن انخفاض أسعار النفط واحتياجات الإنفاق الضخمة قد يضغطان على مواردها المالية.

واردات النفط الخام - واردات - مصر
واردات – النفط الخام

وتتوقع تسجيل عجز مالي حتى عام 2027، مع إعطاء الأولوية للإنفاق على تنويع الاقتصاد. وأعلنت وزارة المالية عزمها مواصلة الاقتراض لتغطية العجز، مع البحث عن مصادر تمويل إضافية لدعم المشاريع الكبرى.

قمة دافوس الصحراء: بوابة للاستثمارات العالمية

تستعد الرياض لاستضافة مبادرة مستقبل الاستثمار، التي تجمع كبار المستثمرين العالميين وممثلي الشركات العملاقة من الولايات المتحدة والصين. وتستهدف المملكة من خلال القمة إبرام صفقات تتجاوز قيمتها 28 مليار دولار، خاصة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

ومن المقرر أن تشهد القمة مشاركة مسؤولين من شركات عالمية مرموقة مثل “غولدمان ساكس” و”سيتي” و”بلاك روك” و”ألفابت”، مع توقعات بإطلاق صندوق استثماري ضخم بحجم 40 مليار دولار بالتعاون مع “أندريسن هورويتز”.

اقرأ أيضا.. استثمارات القطاع الخاص السعودي في أفريقيا ستصل إلى 25 مليار دولار

صندوق الاستثمارات العامة: محرك التنمية الرئيسي

يمتلك صندوق الاستثمارات العامة السعودي أصولاً تقارب تريليون دولار، ويسعى الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس إدارة الصندوق، إلى التركيز على دعم المشروعات المحلية بدلاً من الاستثمار في الخارج.

آثار الاستراتيجية التمويلية على الاقتصاد السعودي

يمكن تلخيص الآثار المتوقعة للاعتماد المتزايد على الديون في النقاط التالية:

زيادة الدين العام وأعباء خدمة الدين

تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة

تعزيز تنويع الاقتصاد وتحقيق أهداف رؤية 2030

احتمال زيادة المخاطر المالية مع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية

تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد السعودي

دعم الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل

تحديات القطاع المصرفي السعودي

رغم قوة واستقرار القطاع المصرفي السعودي، تبرز عدة تحديات محتملة:

ارتفاع تكلفة الاقتراض مع زيادة أسعار الفائدة

تأثير التغيرات الاقتصادية العالمية

تحديات التحول الرقمي والتكنولوجيا المالية

مخاطر الاحتيال الإلكتروني والأمن السيبراني

التكيف مع التغيرات التنظيمية

تأثير تقلبات أسعار النفط

توقعات مستقبلية للدين العام

من المتوقع أن يصل حجم الدين العام السعودي إلى 1.4 تريليون ريال (373 مليار دولار) بحلول عام 2027، مدفوعاً بعوامل عدة:

الإنفاق على المشاريع الكبرى ومبادرات رؤية 2030
جهود تنويع الاقتصاد

تأثير تقلبات أسعار النفط

زيادة الإنفاق على الخدمات العامة

التحديات الاقتصادية العالمية

تمويل العجز المالي المتوقع

التصنيف الائتماني والثقة الدولية

تحافظ المملكة على تصنيف ائتماني قوي، حيث أكدت وكالة “فيتش” تصنيفها عند مستوى “A+” مع نظرة مستقبلية مستقرة، كما منحتها “موديز” تصنيف “A1” مع نظرة مستقبلية إيجابية، مشيدة بالتقدم في الإصلاحات الاقتصادية.

تمثل استراتيجية التمويل بالدين مرحلة انتقالية مهمة في مسيرة التحول الاقتصادي السعودي. ورغم التحديات المرتبطة بزيادة الاستدانة، إلا أن الرؤية الواضحة والإدارة الحكيمة للموارد، مع الحفاظ على تصنيف ائتماني قوي، تعزز فرص نجاح هذه الاستراتيجية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل. المستقبل سيحكم على نجاح هذه الاستراتيجية الجريئة في تحقيق التحول المنشود للاقتصاد السعودي.

Back to top button