السياح الصينيون يشاهدون عودة مصر القديمة إلى الحياة

القاهرة (خاص عن مصر)- أصبح تاريخ مصر القديم تجربة غامرة خلال رحلات السياح الصينيين إلي مصر، وذلك كما أشارت تشن دان، وهي مسافرة تبلغ من العمر 32 عامًا من هيفاي بمقاطعة آنهوي، والتي خاضت تجربة استمرت 15 يومًا عبر البلاد في مارس 2024، وفقا لتقرير نشرته صحيفة تشاينا ديلي.

قالت السائحة الصينية، عندما وقفت أمام هرم خفرع ونظرت إلى أبو الهول العظيم المهيب، شعرت وكأن التاريخ نفسه قد عاد إلى الحياة، متجاوزًا صفحات كتبها المدرسية. كانت هذه اللحظة بمثابة واحدة فقط من العديد من الذكريات التي لا تُنسى التي يجمعها السياح الصينيون بشكل متزايد وهم يستكشفون الكنوز الأثرية والثقافية الغنية في مصر.

رحلة تشن، التي تضمنت رحلات صحراوية مثيرة مثل التزلج على الكثبان الرملية وغروب الشمس الهادئ في الصحراء الكبرى، هي جزء من اتجاه أكبر. مع نمو صناعة السياحة في مصر، يتجه عدد متزايد من الزوار الصينيين إلى البلاد لتجربة آثارها القديمة وثقافتها النابضة بالحياة وكرم ضيافتها.

اقرأ أيضًا.. الفن والآثار يجتمعان في الجيزة.. معرض “الأبد هو الآن” يتألق في حضرة الأهرامات العظيمة 

شعبية مصر المتزايدة بين السياح الصينيين

لا يمكن إنكار جاذبية مصر بالنسبة للسياح الصينيين؛ حيث تقدم الأهرامات والمعابد المهيبة في البلاد ونهر النيل تجربة ثقافية غير عادية. ارتفع عدد الزوار الصينيين إلى مصر بشكل كبير في عام 2024؛ حيث وصل 265 ألف سائح بين يناير وسبتمبر. ويمثل هذا زيادة كبيرة بنسبة 65 في المائة مقارنة بنفس الفترة في عام 2023.

مع تزايد عدد المسافرين الصينيين الذين يسعون إلى التواصل مع الحضارة المصرية القديمة، تتوقع هيئة السياحة المصرية (ETA) أن يصل إجمالي عدد الزوار الصينيين إلى أكثر من 300 ألف زائر بحلول نهاية هذا العام.

أكد عمرو القاضي، الرئيس التنفيذي لهيئة السياحة المصرية، على أهمية السياحة الصينية للاقتصاد المصري وقطاع السياحة. “نحن ملتزمون بتعزيز تعاوننا مع السلطات الصينية ومشغلي السياحة. وقال القاضي “هدفنا هو الترحيب بمزيد من السياح الصينيين من خلال المشاركة في المعارض السياحية في الصين وتعزيز استراتيجيات التسويق من خلال المؤتمرات والندوات”.

السياح الصينيون – مصر

بناء الجسور من خلال السياحة: الارتباط الثقافي بين مصر والصين

لا تنظر مصر إلى السياحة كمحرك اقتصادي فحسب، بل إنها أيضًا جسر حيوي للتبادل الثقافي بين البلدين. ويؤكد وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي على أهمية هذه التبادلات في تعزيز التفاهم المتبادل.

حضر فتحي مؤخرًا سوق السفر والسياحة الخارجية الصينية 2024 في بكين، حيث أكد على دور مصر كشريك رئيسي في مبادرة الحزام والطريق الصينية. أدت هذه الشراكة الاستراتيجية إلى سلسلة من التدابير التي تهدف إلى جذب المزيد من السياح الصينيين، من تعزيز الجهود التسويقية إلى تنويع مجموعة التجارب المقدمة في مصر.

يوضح فتحي أنه بخلاف الزيارات التقليدية لأهرامات مصر الشهيرة، يتجه المزيد من السياح الصينيين إلى صحاري البلاد والبحر الأحمر، بحثًا عن تجارب فريدة ومتنوعة. وأشار فتحي إلى أن “السياحة تعمل كجسر، وتعزز التبادل الثقافي والتفاهم المتبادل بين بلدينا”.

ومن الأمثلة البارزة على هذا التواصل الثقافي معرض “فوق الهرم: حضارة مصر القديمة”، الذي سيقام في متحف شنغهاي من يوليو إلى أغسطس 2025. ويضم المعرض 788 قطعة أثرية من المتاحف المصرية الكبرى، وهو مصمم لتقديم فهم أعمق للتراث القديم لمصر للزوار الصينيين، وتشجيعهم على استكشاف تاريخ البلاد بشكل مباشر.

تجربة سفر محسنة للسياح الصينيين في مصر

تحرص مصر على جعل عروضها أكثر سهولة في الوصول للمسافرين الصينيين، وتعزيز تجربتهم الشاملة. حاليًا، هناك من 22 إلى 30 رحلة أسبوعيًا بين الصين ومصر، حيث يتمكن السياح الصينيون من الحصول على تأشيرة عند الوصول مقابل 25 دولارًا. كما تجري مناقشات بين الحكومتين المصرية والصينية حول إمكانية الدخول بدون تأشيرة، وهو التطور الذي من شأنه أن يبسط عملية السفر للزوار الصينيين.

ولمزيد من تلبية احتياجات السائحين الصينيين، أجرت مصر عدة ترقيات رئيسية. فقد تم تركيب لافتات صينية في المطارات والفنادق والمواقع السياحية الشهيرة.

بالإضافة إلى ذلك، قامت مصر بتدريب المرشدين السياحيين الناطقين بالصينية وتقديم المأكولات الصينية في فنادق مختارة لضمان شعور الزوار بأنهم في وطنهم أثناء إقامتهم. وتوفر النسخة الصينية من الموقع الترويجي للهيئة المصرية للسياحة وفرة من المعلومات، مما يساعد السائحين على التخطيط لزياراتهم بسهولة.

ويعد المتحف المصري الكبير الذي سيفتتح قريبًا، والذي من المقرر أن يضم مجموعة واسعة من القطع الأثرية المصرية القديمة، بمثابة عامل جذب آخر للمسافرين الصينيين الحريصين على الانغماس في التاريخ الغني للبلاد.

السياح الصينيون يشاهدون عودة مصر القديمة للحياة

التزام مصر بتحديث البنية التحتية للسياحة

لاستيعاب العدد المتزايد من السياح الدوليين، تستثمر مصر بكثافة في تحديث بنيتها التحتية السياحية. وسلط فتحي الضوء على الإصلاحات الجارية في شبكات النقل في البلاد، ومرافق المطار، ونظام السكك الحديدية، وكلها مصممة لتعزيز تجربة السفر الشاملة. كما رحب بمشاركة شركات إدارة الفنادق والمستثمرين الصينيين، وشجع على المزيد من التعاون في قطاع السياحة المزدهر في مصر.

بالإضافة إلى ذلك، تتطلع مصر إلى تقديم المزيد من الوجهات الصينية إلى السوق المصرية، وتوسيع التبادل الثقافي إلى ما هو أبعد من المعالم الصينية المعروفة مثل سور الصين العظيم والمدينة المحرمة. والأمل هو خلق تدفق متبادل للسياحة يعزز العلاقات بين البلدين.

دور مصر بوصفها وجهة رئيسية للمسافرين الصينيين

مع استمرار مصر في جذب المزيد من الزوار الصينيين، فإن البلاد لا تقدم فقط رحلة عبر الزمن ولكنها تعمل أيضًا على تعزيز الروابط الثقافية التي ستستمر لأجيال. ومن المتوقع أن يرتفع عدد السياح الصينيين الذين يزورون مصر بشكل أكبر، مدفوعًا بالجهود التسويقية الاستراتيجية لمصر والتجارب الفريدة التي تقدمها.

بفضل التطورات الجديدة في البنية التحتية، وتحسين إمكانية الوصول، والالتزام العميق بالتبادل الثقافي، أصبحت مصر على أهبة الاستعداد لتظل وجهة رئيسية للمسافرين الصينيين الذين يسعون إلى التواصل مع إحدى أقدم الحضارات وأكثرها إثارة للاهتمام في العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى