الشرطة الفرنسية تداهم مقر حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبان.. ماذا حدث؟

شنَّت الشرطة المالية الفرنسية صباح الأربعاء مداهمة واسعة النطاق لمقر حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، بقيادة مارين لوبان، في باريس، مما صعَّد التدقيق القانوني بشأن مزاعم تمويل الحملات الانتخابية غير المشروعة.
شارك في العملية نحو 20 ضابطًا مسلحًا من لواء الشرطة المالية وقاضيا تحقيق، وأسفرت عن مصادرة رسائل بريد إلكتروني وسجلات محاسبية ومجموعة واسعة من الوثائق المتعلقة بالأنشطة الانتخابية للحزب.
أكد جوردان بارديلا، زعيم حزب التجمع الوطني، المداهمة على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلاً: “جميع الملفات المتعلقة بالحملات الإقليمية والرئاسية والبرلمانية والأوروبية الأخيرة – أي جميع الأنشطة الانتخابية للحزب – موجودة اليوم في أيدي القضاء”. وأشار بارديلا إلى أنه لا يعلم بالأسباب المحددة للتفتيش.
تحقيق جارٍ في تمويل الحملات الانتخابية
وفقًا لمكتب المدعي العام في باريس، تُعدّ المداهمة جزءًا من تحقيق قضائي أُطلق إثر “إنذارات متعددة من مصدر مؤسسي” تُشير إلى تورط حزب الجبهة الوطنية في تمويل غير قانوني للحملات الانتخابية.
يهدف التحقيق إلى تحديد ما إذا كان الحزب قد موّل حملاته من خلال قروض غير قانونية من أفراد يستفيدون من الحزب أو مرشحيه، وما إذا كان هناك مبالغة في الفواتير أو استخدام فواتير مزورة في طلبات سداد نفقات الحملة المقدمة من الدولة.
وذكر بيان المدعي العام: “يهدف التحقيق القضائي إلى تحديد ما إذا كانت هذه الحملات قد مُوّلت من خلال قروض غير قانونية من أفراد يستفيدون من الحزب أو مرشحيه، وكذلك من خلال مبالغة في الفواتير أو فواتير لخدمات مزورة أُدرجت لاحقًا في طلبات السداد المقدمة إلى الدولة لنفقات الحملة”.
تداعيات سياسية: قيادة لوبان تحت الضغط
تأتي هذه الانتكاسة القانونية في أعقاب إدانة مارين لوبان مؤخرًا بتهمة اختلاس أموال الاتحاد الأوروبي – وهو الحكم الذي تستأنفه. تُهدد هذه الإدانة قدرتها على الترشح في الانتخابات الرئاسية لعام 2027، على الرغم من تأكيد لوبان على أنها ستظل مرشحة لخلافة الرئيس إيمانويل ماكرون.
يُفاقم التحقيق الجديد التحديات المتزايدة التي تواجه كلاً من لوبان وحزبها. فبعد أن كانت تُعتبر منيعة داخل حزب الجبهة الوطنية، أصبحت قيادة لوبان الآن موضع تدقيق، مع تصاعد التوترات بينها وبين بارديلا. وبينما تعهدت بارديلا بالترشح للرئاسة إذا مُنعت لوبان من الترشح، تُشير التصريحات العامة الأخيرة إلى توترات في علاقتهما.
عندما سُئلت عن غياب بارديلا خلال رحلتها الأخيرة إلى كاليدونيا الجديدة، أجابت لوبان بوضوح: “لست متأكدة من أن جوردان مُلِمٌّ بمشاكل كاليدونيا الجديدة. لدينا مواهب مختلفة”.
مزاعم الاضطهاد السياسي
أدانت بارديلا عملية الشرطة ووصفتها بأنها “هجوم خطير على التعددية والانتقال الديمقراطي”، ووصفتها بأنها عمل غير مسبوق من أعمال المضايقة ضد حزب معارض. وصرحت بارديلا: “لم يتعرض حزب معارض لمثل هذا الاضطهاد في ظل الجمهورية الخامسة”.
اقرأ أيضًا: تبادل الإرهابيين والمجرمين مهارات صنع القنابل وغسيل الأموال داخل سجون بريطانيا
البرلمان الأوروبي ومزاعم أخرى
يتزامن توقيت المداهمة مع التدقيق المستمر الذي يجريه البرلمان الأوروبي، والذي يُقال إنه يحقق في مزاعم بأن المجموعة البرلمانية لحزب التجمع الوطني قد خصصت أموالًا لجمعيات ومنظمات خيرية متعاطفة دون رقابة كافية. والجدير بالذكر أن التحقيق الأولي الذي أجراه البرلمان الأوروبي في مزاعم الاختلاس هو الذي أدى إلى إدانة لوبان في وقت سابق من هذا العام.
تداعيات أوسع على السياسة الفرنسية
تُسلط التطورات الأخيرة الضوء على الانقسامات المتعمقة داخل الحزب اليميني المتطرف، وتُضيف غموضًا إلى المشهد السياسي الفرنسي قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2027. مع تصاعد المعارك القانونية والحزبية الداخلية، يُصبح مستقبل قيادة مارين لوبان وآفاق حزب التجمع الوطني الانتخابية على المحك.