الشرع في تركيا.. ماذا دار بين أردوغان والرئيس السوري خلال زيارة لم يعلن عنها؟

في خطوة مفاجئة ودون إعلان مسبق، زار الرئيس السوري أحمد الشرع مدينة إسطنبول التركية، حيث التقى اليوم السبت بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في ثالث زيارة له إلى تركيا منذ توليه منصب الرئاسة في أبريل الماضي.

زيارة لم تُنشر تفاصيلها مسبقًا، لكنها حملت ملفات غاية في الحساسية، وسط تحولات إقليمية متسارعة ومفاوضات مكثفة خلف الكواليس.

ملفات شائكة على طاولة إجتماع الشرع وأردوغان

عُقد اللقاء في مكتب العمل بقصر دولما بهجة في إسطنبول، بحضور كبار المسؤولين من الجانبين. مثل تركيا كل من وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، ورئيس هيئة الصناعات الدفاعية هالوق غورغون.

ومن الجانب السوري حضر وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، وعدد من المسؤولين الأمنيين.

وبحسب ما أفادت به مصادر مطلعة، فقد تناول الاجتماع ملفات استراتيجية، أبرزها مستقبل العلاقات بين أنقرة ودمشق، وتداعيات العدوان الإسرائيلي على سوريا، إضافة إلى ملف إعادة الإعمار، وتنسيق الجهود الأمنية في الشمال السوري، ودمج قوات سوريا الديمقراطية في مؤسسات الدولة الجديدة.

الشرع في تركيا لمقابلة أردوغان للمرة الثالثة لماذا ؟

رغم أن الزيارة لم يُكشف عنها في وسائل الإعلام الرسمية مسبقًا، إلا أن دلالاتها باتت واضحة بمجرد ظهور الشرع في قصر دولما بهجة، في لقاء هو الثالث له مع أردوغان منذ تعيينه رئيسًا للمرحلة الانتقالية في سوريا.

سبق أن زار أنقرة في فبراير الماضي، ثم شارك في منتدى أنطاليا الدبلوماسي في أبريل، أما زيارته الحالية فجاءت بعد يومين فقط من زيارة رئيس جهاز الاستخبارات التركي إلى دمشق، ما يشير إلى تنسيق رفيع المستوى بين العاصمتين.

وتُطرح تساؤلات واسعة حول ما حمله الشرع معه إلى إسطنبول، وما العروض أو الالتزامات التي ناقشها خلال هذه الزيارة غير المعلنة، في ظل سعيه للحصول على دعم إقليمي ودولي لتعزيز شرعية الإدارة الانتقالية، وفتح أبواب إعادة الإعمار والاستثمار في الداخل السوري.

أردوغان يجدد دعمه

أكد الرئيس التركي، بحسب بيان رسمي، استمرار دعم أنقرة لسوريا، مرحبًا بقرار رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن دمشق، ومشددًا على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وإدارتها من مركز موحد.

كما أعلن أردوغان رفضه المطلق للعدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية، في موقف أعاد تأكيده أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية، خصوصًا بعد تصاعد وتيرة الضربات الإسرائيلية في الجنوب السوري ومحيط دمشق.

 شراكة استراتيجية

من جانبه، شكر الرئيس السوري نظيره التركي على دعمه الثابت، مثمنًا “جهوده الحاسمة في كسر الحصار السياسي والاقتصادي عن سوريا”.

وبحسب مصادر سياسية، فقد ناقش الطرفان إمكانيات تطوير التعاون في مجالات الطاقة، والنقل، والدفاع، وهي مجالات حيوية تسعى دمشق إلى النهوض بها سريعًا بعد سنوات الحرب.

كما جرى تداول مقترحات بشأن ربط البنية التحتية السورية بالشبكات التركية، خاصة في مجال الكهرباء والطرق السريعة، إلى جانب إمكانية فتح المعابر الحدودية تدريجيًا أمام التبادل التجاري.

 ماذا يريد الشرع من أنقرة؟

زيارة الشرع الثالثة، والتي خُطط لها في الظل ونُفذت دون ضجيج إعلامي، تعكس حجم التفاهمات غير المعلنة التي تُبنى حاليًا بين تركيا وسوريا.

فالرئيس الشرع، الذي تولى منصبه بعد سقوط النظام السابق في ديسمبر الماضي، يحاول توظيف الدعم التركي لتثبيت سلطته في الداخل، وتحقيق اختراقات إقليمية تساعده في مرحلة ما بعد الحرب.

كما يبدو أن دمشق الجديدة تراهن على أنقرة كحليف مركزي، ليس فقط من أجل تخفيف أثر العقوبات، بل لبناء شبكة مصالح جديدة تُبعدها عن الاستقطاب الروسي-الإيراني الذي طغى على المشهد السوري خلال العقد الماضي.

تركيا وسوريا ما بعد الأسد

على الرغم من الطابع المفاجئ للزيارة، إلا أن توقيتها يتقاطع مع تحولات محورية في العلاقة بين الجارين، بعد سنوات من التوتر والعداء السياسي.

إذ تشير المعطيات إلى أن إسطنبول باتت بوابة غير معلنة لترتيب المرحلة الانتقالية في سوريا، بما يشمل إعادة هيكلة الجيش، ودمج القوى الفاعلة في مؤسسات الدولة، وإنهاء الفصائل المسلحة.

وبينما تنشغل العواصم الغربية بملفات أوكرانيا وغزة، يبدو أن تركيا تسابق الزمن لإعادة تموضعها كفاعل محوري في الملف السوري، خصوصًا في ظل مؤشرات التقارب بين دمشق وبعض الدول العربية، واستعداد واشنطن للتفاوض على رفع العقوبات مقابل إصلاحات ملموسة.

اقرأ أيضًا: استقالة محافظ السويداء بعد هجوم مسلح.. هل ينجح الشرع في استعادة هيبة حكومته؟

زر الذهاب إلى الأعلى