الشرع يغيّر هوية سوريا الجديدة.. ما سرّ “العقاب الذهبي”؟

في مشهد رمزي لمرحلة مفصلية من تاريخ سوريا أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع عن إطلاق الهوية البصرية الجديدة، واعتماد العقاب الذهبي كرمز للجمهورية العربية السورية، وهو ما يعد تحوّلًا سياسيًا وثقافيًا عميقًا في بنية الدولة وخطابها، وذلك في احتفالية رسمية أُقيمت في قصر الشعب بدمشق.

وجاء اعتماد “العقاب الذهبي”، كرمز للدولة السورية الجديدة، بما يحمله من دلالات تاريخية وسياسية ووظيفية، تعكس مفهوماً مغايراً لطبيعة الحكم، وتُعيد رسم العلاقة بين الدولة والمجتمع على أسس المواطنة والكرامة.

العقاب الذهبي.. من رمز للقوة إلى حامل للكرامة

لطالما ارتبطت صورة العقاب والنسر في شعارات الدول العربية بالقوة العسكرية والهيمنة، لكن “العقاب الذهبي” الذي كشف عنه في الشعار الجديد، يحمل دلالة مغايرة تمامًا. فهو “طائر حارس لا مفترس”، بحسب وصف وزير الإعلام، يجسد دولة تحمي شعبها، لا تهابه.

وبحسب وسائل إعلام سورية فإن أجنحة العقاب الجديدة منبسطة بهدوء، لا منغلقة في حالة خوف، ولا هجومية في لحظة تهديد. إنه في وضعية تأهب واطمئنان، يعكس رؤية الدولة الجديدة لنفسها كضامنة للأمن والحرية، لا كجهاز تسلّطي.

نجوم فوق رأس العقاب الذهبي.. الشعب أولاً

من أبرز التعديلات الرمزية التي حملها الشعار الجديد، انتقال النجوم الثلاث التي كانت محصورة داخل ترس تحمله الطيور في شعارات الأنظمة السابقة، إلى أعلى العقاب، لتعلو رأسه، في إشارة بصرية عميقة إلى أن الشعب هو مصدر الشرعية والسيادة.

لم تعد النجوم مختبئة في بيروقراطية الدولة أو خاضعة لأجهزتها الأمنية، بل أصبحت فوق رأس العقاب، في قلب سردية جديدة تُعيد الاعتبار للمواطن كفاعل وشريك، لا كمتلقٍ للأوامر.

14 ريشة لـ العقاب الذهبي… خريطة كاملة لسوريا

يمتد جناحا العقاب في الشعار ليشملا أربع عشرة ريشة، تمثّل كل منها محافظة من محافظات سوريا، في تأكيد رمزي على وحدة البلاد الجغرافية والإدارية. ليس هناك تفضيل لمركز على أطراف، ولا تهميش لمناطق على حساب أخرى.

أما الذيل، فتم تصميمه بخمس ريشات عريضة ترمز إلى المناطق الجغرافية الكبرى في البلاد: الجنوبية، الوسطى، الشمالية، الشرقية، والغربية. تمامًا كما يحفظ الذيل توازن الطائر في الهواء، تحافظ هذه المناطق على توازن سوريا في مسيرتها الجديدة.

مخالب العقاب الذهبي مفتوحة… حماية لا تهديد

يظهر العقاب في الشعار الجديد بمخالب مفتوحة، لكنها ليست في وضعية هجوم، بل في حالة استعداد مشروع للدفاع. في هذا التفصيل رسالة واضحة: سوريا الجديدة لا تعتدي، لكنها لا تتسامح مع أي اعتداء على أرضها.

تجسد هذه الصورة رؤية الدولة لجيشها: قوة دفاعية متأهبة، لا أداة قمع أو توسع، وتحمل رسالة طمأنة للداخل والخارج على السواء.

أحمد الشرع: العقاب الذهبي يرمز لسوريا الواحدة الموحَّدة

في كلمته خلال الاحتفال، أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن الهوية البصرية الجديدة تعبّر عن “سوريا واحدة موحّدة لا تقبل التجزئة أو التقسيم”، مشددًا على أن العقاب الذهبي يرمز إلى القوة والعزم والابتكار، وأن التنوع في سوريا هو عامل إثراء، لا انقسام.

وأضاف:”نعيد بناء الهوية السورية التي طالما مزقتها الهجرة والشتات، ونعيد ثقة المواطن بوطنه، لتعود سوريا إلى مكانها الطبيعي في الداخل والخارج”.

الشيباني: سوريا تعود للساحة الدولية بهويتها الجديدة

من جانبه، اعتبر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن إطلاق الشعار الجديد يتزامن مع تحولات دبلوماسية مهمة، أبرزها عودة العديد من الدول إلى فتح سفاراتها في دمشق، واستئناف العلاقات الرسمية، ورفع العلم السوري في مقر الأمم المتحدة.

وقال:”إن هوية الدولة السورية الجديدة ليست مجرد شعار، بل منظومة فكرية وتعبيرية متكاملة، تُعلن للعالم أن شعب سوريا ينهض من جديد، يرسم ملامحه لا بمرايا الآخرين، بل بتاريخٍ عريق وحلمٍ متجدد”.

اقرأ أيضا: روسيا تكسر العزلة عن طالبان.. هل تشعل موسكو سباق الاعتراف الدولي بحكومة كابول؟

زر الذهاب إلى الأعلى