الشيباني في موسكو.. هل تكتب سوريا صفحة جديدة في علاقاتها مع روسيا؟

في خطوة هي الأولى من نوعها منذ إسقاط نظام بشار الأسد، أجرى وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني زيارة رسمية إلى العاصمة الروسية موسكو، في إطار سعي الحكومة السورية الجديدة لإعادة صياغة علاقاتها الخارجية، وعلى رأسها العلاقة مع روسيا، الحليف التقليدي للنظام السابق.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أكد الشيباني أن بلاده تطمح إلى فتح صفحة جديدة في علاقاتها مع موسكو، مشددًا على ضرورة بناء تعاون يقوم على “الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة”.
سوريا تطلب مساعدة روسيا
وقال: “هناك فرص عديدة لسوريا موحدة وقوية، ونأمل أن تقف روسيا إلى جانبنا في هذا المسار”.
وأشار الوزير السوري إلى أن بلاده تمر بمرحلة مليئة بالتحديات، لكنها في المقابل تملك إمكانيات كبيرة لإعادة بناء الدولة، مؤكداً أن الحكومة الجديدة التي تولت مهامها منذ ديسمبر الماضي بعد سقوط نظام الأسد، نجحت في الحفاظ على مؤسسات الدولة وملء الفراغ السياسي، وتسعى حالياً إلى لمّ شمل السوريين في الداخل والخارج.
الانتقال من عهد الأسد
وفق مراقبون فإن زيارة الشيباني تحمل دلالات سياسية واضحة، فهي تمثل أول تواصل مباشر على هذا المستوى بين موسكو ودمشق بعد الإطاحة ببشار الأسد،
وتأتي في وقت تحاول فيه روسيا إعادة ترتيب أوراقها في سوريا بما يتلاءم مع الواقع الجديد. فموسكو كانت أحد أبرز حلفاء الأسد على مدى سنوات الحرب، وتدير قواعد عسكرية في طرطوس وحميميم.
القواعد الروسية في سوريا
وفي هذا السياق، أوضح لافروف أن بلاده تجري حواراً مع الحكومة السورية الجديدة بشأن استمرار استخدام تلك القواعد، مشيراً إلى رغبة موسكو في الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في سوريا دون تحويل البلاد إلى ساحة صراع دولي.
وقال لافروف: “لا نريد أن تكون سوريا ميداناً لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى”، مؤكدًا أن روسيا تدعم تعزيز العلاقات الثنائية على أسس واضحة تحفظ السيادة السورية.
الشرع مدعو إلى موسكو
في تطور لافت، كشف لافروف عن دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع لحضور قمة مرتقبة بين روسيا والدول العربية، ستُعقد في موسكو خلال أكتوبر المقبل. ويُعد هذا تطورًا مهمًا في مسار العلاقات، ويُنظر إليه كمؤشر على رغبة روسيا في التعامل الجاد مع الحكومة الجديدة في دمشق.
يُذكر أن الشرع تولى منصب الرئاسة بعد قيادة قوات المعارضة المسلحة للإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر الماضي، وتشكيل حكومة جديدة تعمل منذ ذلك الحين على تطبيع علاقاتها الإقليمية والدولية.
تحديات مشتركة ومسارات متباينة
ورغم الإشارات الإيجابية من الجانبين، إلا أن مراقبين يرون أن العلاقات السورية الروسية تدخل مرحلة “اختبار ثقة”، خاصة أن موسكو دعمت بقوة النظام السابق، فيما يمثل الحكم الجديد في دمشق تيارًا معارضًا لذلك الإرث. ومع ذلك، تبدو مصلحة الطرفين تفرض التقارب ولو بشكل تدريجي.
من جهة أخرى، أكد الشيباني أن بلاده لا يمكن أن تمضي بثقة نحو الاستقرار في ظل “الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة”، في إشارة إلى الغارات التي تستهدف مواقع عسكرية داخل سوريا، وهو ملف يبقى حساساً بالنسبة لموسكو التي تحاول لعب دور توازني في المنطقة.
سوريا وروسيا بداية مسار أم نهاية مرحلة؟
تُعد زيارة الشيباني إلى موسكو محطة محورية في مسار السياسة الخارجية السورية الجديدة، وسط تساؤلات مفتوحة هل تنجح دمشق في كسب دعم روسيا دون أن تقع في تبعية جديدة؟ وهل تقبل موسكو التحالف مع قادة كانوا بالأمس في صف المعارضة؟
الإجابات ستتضح في الأشهر المقبلة، مع تقدم الحوارات السياسية والاقتصادية بين الجانبين، واقتراب موعد القمة الروسية-العربية، التي قد تكون مؤشرًا على بداية عهد جديد بين موسكو ودمشق.
اقرأ أيضا
15 دولة غربية تمهد للاعتراف بفلسطين.. هل اقترب حلم الدولة؟