الصراع الروسي الأوكراني.. القوات الكورية الشمالية في ساحة المعركة

القاهرة (خاص عن مصر)- للمرة الأولى، شاركت القوات الكورية الشمالية بنشاط في الصراع الأوكراني، وانضمت إلى القوات الروسية في ساحة المعركة في منطقة كورسك، بحسب تقرير نيويورك تايمز.

أكد المسؤولون الأوكرانيون والأمريكيون أن هذه القوات، التي أرسلها زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، اشتبكت مع القوات الأوكرانية التي تسيطر على مساحة كبيرة في المنطقة. ووفقًا للمصادر، كان الاشتباك محدودًا ولكنه كان يهدف إلى اختبار الدفاعات الأوكرانية. وعلى الرغم من صغر حجم الاشتباك، يصف المسؤولون مشاركة كوريا الشمالية بأنها “تصعيد كبير” في حرب امتدت الآن لأكثر من عامين.

يشير هذا التوافق الاستراتيجي بين كوريا الشمالية وروسيا إلى تعميق محتمل للأعمال العدائية الدولية، حيث ورد أن جنود كوريا الشمالية اندمجوا في صفوف لواء المشاة البحرية المنفصل 810 في روسيا. وأقر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالتطور، وحث على الدعم العالمي لمواجهة ما وصفه بالتوسع الخطير للحرب.

اقرأ أيضا.. ارتفاع أسهم شركة ترامب ميديا بعد فوزه في الانتخابات الأمريكية

القوات الكورية الشمالية: الأعداد والانتشار الاستراتيجي

تشير التقديرات من المصادر الغربية والأوكرانية إلى أن كيم جونج أون أرسل قوة قوامها نحو عشرة آلاف جندي، وإن كان جزء ضئيل فقط من هذه القوة خاض القتال حتى الآن.

كان وصولهم إلى ميناء فلاديفوستوك بشرق روسيا بمثابة بداية رحلتهم إلى الخطوط الأمامية، والتي امتدت نحو أربعة آلاف ميل غرباً إلى كورسك. وقد تم تنظيم هذه القوة في وحدتين: واحدة مخصصة للهجوم وأخرى للدعم الدفاعي، ومكلفة بالحفاظ على الأراضي المستردة من القوات الأوكرانية.

يناقش المحللون العسكريون تأثير هذه التعزيزات الكورية الشمالية. ويرى بعض الخبراء أن هذا الانتشار يمثل علامة على اليأس من جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، الذي تكبدت قواته، على الرغم من المكاسب الأخيرة، خسائر كبيرة.

يعتقد آخرون أن جلب القوات الكورية الشمالية هو خطوة محسوبة لإظهار شبكة الدعم الروسية، وإرسال رسالة إلى القوى الغربية مفادها أن روسيا لا تزال بعيدة عن العزلة.

المقامرة الاستراتيجية: التأثير على الساحة العالمية

إن الآثار المترتبة على تورط كوريا الشمالية تمتد إلى ما هو أبعد من ساحة المعركة المباشرة. ويخشى المحللون الغربيون أن يشجع هذا التحالف بوتن، مما يسمح لروسيا بإعادة توزيع قواتها لعمليات أكثر عدوانية، وخاصة في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا.

كما يثير تورط القوات الكورية الشمالية مخاوف بشأن التعاون المحتمل طويل الأمد بين البلدين. وعلى الرغم من عدم ظهور أي دليل ملموس على وجود مقايضة، إلا أن التكهنات لا تزال قائمة بأن روسيا قد ترد بالمثل من خلال تزويد كوريا الشمالية بالتكنولوجيا العسكرية المتقدمة، مما يثير القلق بين جيران كوريا الشمالية والدول الغربية.

إن هذا التعاون ليس المساهمة الوحيدة لكوريا الشمالية في المجهود الحربي الروسي. فمنذ منتصف عام 2023، زود النظام الكوري الشمالي روسيا بما يقدر بنحو 16000 حاوية شحن محملة بقذائف المدفعية والصواريخ والقذائف، مما عزز قدرة روسيا على المشاركة المستدامة.

تعزز هذا الدعم العسكري من خلال اجتماع رفيع المستوى بين بوتن وكيم في بيونج يانج في وقت سابق من هذا العام، مما أسفر عن تجديد معاهدة الدفاع من حقبة الحرب الباردة، والتي تربط الدولتين في إظهار للدعم العسكري المتبادل.

الاستجابة الدولية والمخاوف الأمنية

لقد استجاب الغرب بخوف، وخاصة بعد إطلاق كوريا الشمالية للصواريخ مؤخرًا باتجاه اليابان. وقد يشير هذا الحادث، الذي أدى إلى تفاقم التوترات الإقليمية، إلى ثقة كيم في تأكيد دور كوريا الشمالية على الساحة العالمية كحليف راغب لموسكو، على الرغم من العقوبات العالمية والعزلة القائمة.

بالنسبة لأوكرانيا وحلفائها، يمثل وجود جنود كوريين شماليين في المنطقة تهديدًا عميقًا، مما يشير إلى استعداد روسيا لجذب الدعم من شركاء غير محتملين. إنه تطور من شأنه أن يصعد الصراع إلى قضية جيوسياسية أوسع نطاقًا، مما يفرض ضغوطًا إضافية على حلفاء أوكرانيا الغربيين لتكثيف دعمهم.

التداعيات الأوسع: الديناميكيات الجيوسياسية المتكشفة

إن إدخال القوات الكورية الشمالية في الصراع الأوكراني لا يمثل تصعيدًا من الناحية العسكرية فحسب، بل إنه أيضًا إعادة تشكيل للتحالفات الدولية. إن هذا التعاون الاستراتيجي من شأنه أن يغير من الطريقة التي تتعامل بها القوى العالمية مع كل من روسيا وكوريا الشمالية، فضلاً عن التأثير على ديناميكيات الصراعات المستقبلية.

زر الذهاب إلى الأعلى