الصين تطلق دعمًا بنصف مليار دولار لزيادة أعداد المواليد.. هل تنجح بكين في إنقاذ جيلها؟

أعلنت الصين عن أول دعم وطني لها لمعالجة انخفاض معدلات المواليد ، حيث وعدت العائلات بمبلغ 3600 يوان (503 دولارات أمريكية) سنويًا لكل طفل دون سن الثالثة – وهي خطوة جريئة تهدف إلى عكس اتجاه انخفاض معدلات المواليد وتعزيز استهلاك الأسر في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

برنامج طموح يستهدف الأزمة الديموغرافية

سيُتاح الدعم الجديد، الذي أعلنت عنه وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، ابتداءً من يناير 2025، مع العلم أن العائلات التي لديها أطفال مولودون بين عامي 2022 و2024 مؤهلة للحصول على دفعات جزئية. ومن المتوقع أن تستفيد من هذه المبادرة أكثر من 20 مليون أسرة سنويًا، وفقًا للجنة الوطنية للصحة.

يعتقد المسؤولون أن “التوزيع المباشر للإعانات النقدية” سيساعد في تخفيف الضغط المالي على تربية الأطفال ومعالجة “مخاوف الخصوبة لدى الأزواج الشباب”.

تُعدّ هذه السياسة استجابةً مباشرة للأزمة الديموغرافية المتفاقمة في الصين، مدفوعةً بانخفاض حاد في معدلات الخصوبة، وتراجع عدد الزيجات، وانكماش عدد السكان – وهو اتجاه استمر على الرغم من انتهاء سياسة الطفل الواحد التي انتهجتها البلاد منذ فترة طويلة في عام 2016.

انخفاض المواليد، وارتفاع الوفيات: ضرورة ملحة للتحرك

سجّلت الصين انخفاضًا في عدد السكان لثلاث سنوات متتالية. ارتفع عدد المواليد في عام 2024 إلى 9.5 مليون – بزيادة قدرها حوالي 520 ألفًا عن العام السابق – لكنه لا يزال بالكاد نصف ذروة عام 2017 البالغة 17.9 مليون. في غضون ذلك، بلغ عدد الوفيات 10.9 مليون في عام 2024، مما يُبرز خطورة الخلل الديموغرافي.

كما صُممت إعانات رعاية الأطفال لتحفيز ضعف طلب المستهلكين. في حين سجلت الصين نموًا قويًا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 5.2% في الربع الثاني، إلا أن الضغوط الانكماشية المستمرة أدت إلى نمو اسمي أقل بكثير، حيث لم يتجاوز 3.9%.

اقرأ أيضًا.. إيران تواجه أزمة مياه حادة.. الجفاف المُطوّل يهدد إمدادات الشرب

آراء الخبراء: سياسة بارزة، تأثير متواضع – في الوقت الحالي

حذّر زيتشون هوانغ، الخبير الاقتصادي الصيني في كابيتال إيكونوميكس، من أن المبالغ المقدمة “ضئيلة جدًا بحيث لا تؤثر على المدى القريب على معدل المواليد أو الاستهلاك”.

مع ذلك، وصف الإجراء بأنه “إنجاز كبير من حيث المساعدات المباشرة للأسر”، مشيرًا إلى أنه قد يمهد الطريق لمزيد من التحويلات المالية الكبيرة في المستقبل.

أيد خبراء آخرون هذا الرأي، مشيرين إلى أنه على الرغم من أن الآثار المباشرة قد تكون محدودة، إلا أن هذه السياسة تشير إلى استعداد جديد من بكين لمواجهة التحديات الديموغرافية والاقتصادية من خلال دعم حكومي مباشر للأسر.

السياق العالمي والابتكار المحلي

تعكس خطوة الصين مبادرات من دول تواجه ضغوطًا ديموغرافية مماثلة، بما في ذلك إعفاءات ضريبية على الدخل للأمهات في المجر، ودعم رعاية الأطفال في بولندا، ومدفوعات نقدية للآباء الجدد في كوريا الجنوبية واليابان.

في الصين، جرّبت بعض المناطق بالفعل برامج أكثر سخاءً، مثل برنامج منغوليا الداخلية للدفعات لمرة واحدة وبدلات الحليب اليومية للأمهات الجدد.

أشار تشو كون، من الأكاديمية الصينية للعلوم المالية، إلى أن مدفوعات رعاية الأطفال السنوية في الصين تُقاس بالمعايير الدولية، حيث تتراوح عادةً بين 2.4% و7.2% من الناتج المحلي الإجمالي للفرد. وسيُسمح لكل مقاطعة بتحديد جدول دفعها الخاص للتكيف مع الظروف المحلية.

زر الذهاب إلى الأعلى