الصين تعرض بيع طائرات مقاتلة لمصر بديلًا للمعدات العسكرية الأمريكية
الصين تعرض بيع طائرات J-10C وJ-31 لمصر
فبعد أن اعتمدت مصر تاريخياً على المساعدات العسكرية والتكنولوجيا الأمريكية، تعكس خطوة مصر نحو تنويع شركائها العسكريين من خلال توقيع اتفاقية لشراء J-10C في أغسطس 2024 نيتها في تقليل الاعتماد على الأسلحة الأمريكية. إن التحول ليس مجرد خيار تكتيكي بل إعادة معايرة استراتيجية وإعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية في الشرق الأوسط وتغيير علاقة مصر بالولايات المتحدة.
طائرة J-10C: بديل فعال من حيث التكلفة وقادر
تقدم طائرة J-10C الصينية، المعروفة باسم “التنين القوي”، لمصر بديلاً فعالاً من حيث التكلفة ومتقدمًا من الناحية التكنولوجية لطائرة F-16 الأمريكية الصنع، والتي كانت عنصراً أساسياً في القوة الجوية المصرية لعقود من الزمن. مع أسعار تتراوح بين 40 إلى 50 مليون دولار للطائرة، فإن طائرة J-10C هي خيار أكثر تكلفة مقارنة بطائرة F-16V الأمريكية أو طرازات F-15 الأحدث. يزعم الخبراء أن قدرات J-10C متعددة الأدوار وأنظمة التحكم في النيران المتقدمة تجعلها إضافة هائلة لأسطول مصر، وخاصة في العمليات في المناطق المتقلبة مثل ليبيا وشبه جزيرة سيناء.
أقرا أيضا.. شراء مصر لطائرات J-10C الصينية..الشرق الأوسط يتحول عن الأسلحة الأمريكية
إن الميزة المالية، جنبًا إلى جنب مع القيود السياسية الأقل المرتبطة بصفقات الأسلحة مع الصين، تعزز جاذبية هذا الاستحواذ الجديد. وكما يشير المحلل العسكري بويكو نيكولوف، فإن “التحول الاستراتيجي لمصر نحو التكنولوجيا العسكرية الصينية لا يعزز قدراتها الدفاعية فحسب، بل يشير أيضًا إلى تحرك نحو قدر أعظم من الاستقلال في تعاملاتها الدولية”.
دور مصر في الأمن الإقليمي
تعتبر مصر لاعباً حاسماً في أمن الشرق الأوسط، حيث تعمل كحاجز ضد الإرهاب، وخاصة في شبه جزيرة سيناء. وتؤكد معاهدة السلام التي وقعتها مع إسرائيل في عام 1979، ومكانتها كحليف رئيسي للولايات المتحدة، على دور القاهرة في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي. لطالما كانت المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، والتي تبلغ حوالي 1.3 مليار دولار سنويًا، شهادة على التزام واشنطن بأمن مصر، وبالتالي الاستقرار الأوسع في المنطقة.
ومع ذلك، فإن القرار بالتحول نحو التكنولوجيا العسكرية الصينية قد يعقد هذه العلاقة. وكما تشير المحللة رندا سليم، “من المرجح أن تنظر الولايات المتحدة إلى هذا التحول باعتباره تحديًا، خاصة في ضوء النفوذ المتزايد للصين في العالم العربي”. وتشير سليم إلى أن واشنطن قد تنظر إلى شراء مصر للطائرات المقاتلة J-10C على أنه تهديد لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وخاصة مع بدء القاهرة في الاعتماد بشكل أقل على المساعدات العسكرية الأمريكية.
التداعيات الجيوسياسية
قد يكون لتحول مصر إلى الطائرات المقاتلة الصينية عواقب بعيدة المدى، ليس فقط على علاقتها بالولايات المتحدة ولكن أيضًا على توازن القوى في الشرق الأوسط. إن الوجود المتزايد للصين في مصر هو جزء من استراتيجية أوسع لتوسيع نفوذها في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية. من خلال تقديم التكنولوجيا العسكرية المتقدمة بأسعار تنافسية، تضع الصين نفسها كبديل للولايات المتحدة في سوق الأسلحة العالمية.
يثير هذا التطور أيضًا مخاوف بشأن ديناميكيات الأمن الإقليمي. قد ترى تركيا، التي هي بالفعل على خلاف مع مصر بشأن الصراعات في ليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط، أن تعزيز مصر العسكري يشكل تهديدًا مباشرًا لطموحاتها الإقليمية. بالإضافة إلى ذلك، قد تشجع العلاقات المتنامية بين القاهرة وبكين دولًا أخرى، مثل المملكة العربية السعودية، على استكشاف صفقات مماثلة مع الصين، مما يزيد من تآكل هيمنة الولايات المتحدة في المنطقة.
الرد الأميركي: الحذر والقلق
من المتوقع أن تستجيب الإدارة الأميركية لقرار مصر بحذر، نظراً للدور المحوري الذي تلعبه البلاد في مكافحة الإرهاب والحفاظ على السلام في الشرق الأوسط. ويزعم بعض المحللين أن رد واشنطن الفاتر على سعي مصر للحصول على بدائل للتكنولوجيا العسكرية الأميركية قد يعرض للخطر ليس فقط التعاون الثنائي بل وأيضاً الأمن الإقليمي الأوسع.
يقول خبير الدفاع أنتوني كوردسمان: “تواجه الولايات المتحدة مهمة صعبة لتحقيق التوازن. فمن ناحية، تعد مصر حليفاً حيوياً في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، ولكن من ناحية أخرى، من الواضح أن القاهرة تسعى إلى تأكيد المزيد من الاستقلال في شراكاتها العسكرية”. ومن المرجح أن تحتاج واشنطن إلى إعادة تقييم استراتيجيتها للحفاظ على نفوذها في مصر ومنع المزيد من تآكل مكانتها في المنطقة.
التداعيات المحلية والسياسية في مصر
على الصعيد المحلي، من المرجح أن يثير الاستحواذ على الطائرات الصينية ردود فعل متباينة. فبالنسبة للبعض، تمثل الصفقة خطوة إيجابية نحو تعزيز الأمن القومي المصري والحد من اعتمادها على الحكومة الأميركية، التي أصبحت مصدر إحباط لكثير من المصريين بسبب التدخل الأميركي الملحوظ في السياسة الإقليمية والداخلية.
الفرصة الاستراتيجية لروسيا
في حين تعمل الصين على تعزيز موطئ قدمها في مصر، فقد ترى روسيا أيضًا فرصة لتوسيع نفوذها في المنطقة. حافظت موسكو على علاقات عسكرية واقتصادية قوية مع مصر في السنوات الأخيرة، وقد يدفع قرار القاهرة بشراء طائرات مقاتلة صينية روسيا إلى تقديم أنظمتها الدفاعية الخاصة لاستكمال J-10C.
تشير التدريبات العسكرية المشتركة وتسليم الأسلحة المستمر إلى أن روسيا تضع نفسها كشريك رئيسي لمصر. وإذا نجحت موسكو في تعميق علاقتها مع القاهرة، فقد يؤدي ذلك إلى تعقيد جهود الولايات المتحدة للحفاظ على موطئ قدمها الاستراتيجي في المنطقة. ولكن هذا سوف يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك رغبة مصر في موازنة علاقاتها مع القوى الكبرى مع الحفاظ على سيادتها.