الطائرة المسيرة “غيران” الروسية تسقط F-16 بأوكرانيا.. هجوم انتحاري يغير قواعد الاشتباك الجوي

في تطور يُسلط الضوء على التحولات المتسارعة في ساحة المعركة الجوية الأوكرانية، أفادت تقارير عسكرية روسية بأن طائرة مسيّرة من طراز “غيران” نجحت في إسقاط مقاتلة أوكرانية من طراز F-16 فايتنج فالكون أمريكية الصنع، عبر تنفيذ عملية انتحارية قرب الهدف.
طائرة مسيرة روسية تسقط المقاتلة الأمريكية F-16 في سماء أوكرانيا
القناة العسكرية الروسية “الحرب، التاريخ، الأسلحة” على تليغرام، أكدت أن الطائرة المُسيّرة “طاردت” المقاتلة F-16 قبل أن تنفجر على مقربة شديدة منها، ما تسبب في فقدان السيطرة على الطائرة وتحطمها، مشيرة إلى أن “ضعف خبرة الطيار” في التعامل مع المقاتلة الغربية ساهم في الحادث.
وقد أعلنت القوات الجوية الأوكرانية بالفعل فقدان طائرة F-16 صباح 16 مايو بسبب “حادثة طارئة”، مؤكدة أن الطيار نجا بعد قفزه بالمظلة، دون أن تربط بشكل مباشر بين التحطم والهجوم الروسي.
خسائر متكررة في صفوف مقاتلات F-16: تحديات تشغيلية ومخاطر متزايدة
هذه ليست الحادثة الأولى لمقاتلات F-16 في أوكرانيا، إذ سبق أن خسرت كييف مقاتلتين من هذا الطراز، الأولى بسبب “نيران صديقة”، والثانية نتيجة صاروخ دفاع جوي روسي. كما تعرضت مقاتلة رابعة لأضرار بصاروخ من طراز S-400 مدعوم بمرافقة من مقاتلة “سو-35″، لكن الطيار تمكّن من الهبوط بها بنجاح.
وتعكس هذه الحوادث المعقدة التحديات التشغيلية التي تواجهها القوات الجوية الأوكرانية في بيئة جوية مشبعة بتهديدات متعددة، تشمل الدرونات، الصواريخ، والتشويش الإلكتروني الروسي الكثيف.

هولندا تُنهي نقل 24 طائرة F-16 لأوكرانيا
في المقابل، جاءت هذه التطورات الميدانية بينما أعلنت هولندا اكتمال تسليم 24 طائرة F-16 لأوكرانيا، مع وصول آخر دفعة يوم الاثنين الماضي، وفق ما صرح به وزير الدفاع روبن بريكلمانز.
وتمثل هذه الطائرات جزءًا من تحالف أوروبي تقوده هولندا والدنمارك وبلجيكا، يهدف إلى تحديث سلاح الجو الأوكراني واستبدال المنصات السوفيتية القديمة (مثل ميغ-29 وسوخوي-27) بمنظومات غربية حديثة.
تشمل مساهمات التحالف: الدنمارك تعهدت بتسليم 19 مقاتلة F-16 .. وبلجيكا أعلنت خطة لإرسال 30 مقاتلة بحلول عام 2028 .. والنرويج التزمت بتقديم ما لا يقل عن 12 مقاتلة.
اقرأ أيضاً.. السعودية وأمريكا.. صفقة تسليح ضخمة بـ142 مليار دولار تغير موازين القوى في المنطقة
أولوية التدريب والتكامل التشغيلي: المعضلة الأهم
رغم أهمية المقاتلات الغربية، يواجه الجيش الأوكراني تحديًا كبيرًا في استيعاب هذه المنظومات القتالية المعقدة. فقد خُفّض الجدول الزمني لتدريب الطيارين الأوكرانيين على F-16 بثلاثة أشهر عن المعتاد، ما أثار قلقًاا لدى الحلفاء الغربيين بشأن جاهزية الأطقم.
وتم إنشاء مركز أوروبي لتدريب F-16 في رومانيا، باستخدام 18 طائرة قدمتها هولندا لأغراض التدريب، في محاولة لتسريع التأهيل الفني والتكتيكي للطيارين والفنيين الأوكرانيين.
قدرات F-16 في ساحة قتال معقّدة: هل تصمد أمام S-400 و”غيران”؟
المقاتلات الأوكرانية من طراز F-16 AM/BM خضعت لبرنامج تحديث منتصف العمر (MLU)، مما منحها قدرات متعددة المهام، تشمل القتال الجوي والهجوم الأرضي. وهي مزودة بأسلحة متطورة مثل: صواريخ AIM-120 AMRAAM للقتال الجوي بعيد المدى .. وصواريخ AGM-88 HARM المضادة للرادارات .. وقنابل موجهة GPS من نوع JDAM.
لكن هذه القدرات تواجه تحديًا كبيرًا أمام شبكة الدفاع الجوي الروسية المتعددة الطبقات، التي تضم أنظمة متقدمة مثل S-300 وS-400، بالإضافة إلى دعم من الطائرات الاعتراضية مثل “سو-35”.
كما أن ظهور الدرونات الانتحارية مثل “غيران-3″، القادرة على الطيران بسرعة 700 كم/ساعة والوصول إلى ارتفاع 9 كم، يُمثّل تهديدًا جديدًا للمقاتلات الغربية، خاصة في غياب مظلة تغطية جوية متكاملة أو تفوّق استخباراتي.
“غيران-3”: سلاح روسي منخفض الكلفة عالي التأثير
الطراز الجديد من الطائرات الانتحارية الروسية “غيران-3” يتمتع بقدرات هجومية محسّنة بفضل محركه التوربيني، حيث يمكنه الطيران لمسافة طويلة مع حمولة قتالية تصل إلى 300 كغم. ويتم استخدامه بشكل متزايد لتقويض الأصول الجوية الأوكرانية ومنعها من تنفيذ طلعات هجومية حاسمة.
نجاح هذه الدرونات في إسقاط طائرات مأهولة يعيد النظر في معادلة التفوق الجوي التقليدي، ويفتح المجال أمام استخدام تكتيكات غير متماثلة بتكاليف منخفضة وفعالية ميدانية عالية.
من يتحكم بسماء أوكرانيا؟
ما يجري في سماء أوكرانيا يتجاوز كونه مجرد صراع تقني بين المقاتلات والدرونات. إنه سباق استراتيجي على التفوق الجوي، يُوظّف فيه الغرب طائرات متطورة وتدريبًا معجّلًا، فيما تعتمد روسيا على تكتيكات مرنة، وضربات دقيقة ومنخفضة الكلفة.
نجاح “غيران” في إسقاط مقاتلة F-16 يمثل نقطة تحوّل عسكرية وإعلامية، تطرح تساؤلات جدّية حول جدوى تسليح أوكرانيا بطائرات غربية في ظل غياب بنية تكاملية كاملة، وفي بيئة قتالية متغيّرة لا تعترف بالتفوق التقني فقط، بل بسرعة التكيّف والتكتيك الذكي.
اقرأ أيضاً.. دولة عربية وحيدة تمتلك منظومة S-400 الروسية.. ضمن الأفضل عالميًا للدفاع الجوي