العالم العربي يواجه خطة ترامب المثيرة للجدل بشأن غزة
![خطة ترامب لقطاع غزة، الرد العربي، استقرار الشرق الأوسط، موقف الأردن ومصر، التطبيع السعودي الإسرائيلي، نزوح الفلسطينيين، وقف إطلاق النار في غزة، السياسة الخارجية الأميركية، حرب إسرائيل وحماس، الأمن الإقليمي](https://aboutmsr.com/wp-content/uploads/2025/02/العالم-العربي-يواجه-خطة-ترامب-المثيرة-للجدل-بشأن-غزة-780x470.webp)
القاهرة (خاص عن مصر)- يواجه العالم العربي تحديًا غير مسبوق في أعقاب الاقتراح الجذري للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتحويل غزة إلى “ريفييرا” مع تشريد سكانها.
رغم أن الكثيرين يعتبرون أن الخطة من غير المرجَّح أن تتحقق، إلا أنها أثارت مع ذلك مشاورات دبلوماسية عاجلة، حيث اتفق القادة الإقليميون على أن تجاهل ترامب ليس خيارًا.
استجابة عربية موحدة بقيادة الأردن
وفقا لتقرير بلومبرج، من المقرر أن يقدم الملك الأردني عبد الله الثاني استجابة عربية جماعية لترامب، ويحث على إعادة النظر في خطته. يأتي هذا بعد سلسلة من التوبيخات العلنية والمناقشات خلف الكواليس بين القادة العرب، مما يعكس المخاوف بشأن عدم الاستقرار الأوسع الذي يجتاح المنطقة.
في حين تعرب الدول العربية علناً عن تضامنها مع الفلسطينيين، فإن قلقها الأعمق يكمن في الحفاظ على الأمن الداخلي وسط تداعيات حروب إسرائيل ضد حماس وحزب الله، فضلاً عن الاضطرابات المستمرة في سوريا. وتمتد آثار اقتراح ترامب إلى ما هو أبعد من غزة، حيث تؤثر على الاقتصاد المصري ومحادثات التطبيع الحساسة بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.
اقتراح ترامب وتداعياته الإقليمية
تقترح رؤية ترامب، التي طرحت لأول مرة بعد اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نقل سكان غزة إلى دول أخرى مع الاستفادة من الإمكانات الساحلية لغزة. وعلى الرغم من المعارضة الواسعة النطاق، ضاعف ترامب من الفكرة، مؤكداً أن إعادة التنمية ستستغرق سنوات وأن الفلسطينيين يجب إعادة إسكانهم في مكان آخر.
يعمل القادة العرب، وخاصة أولئك الذين يمثلهم الأردن في واشنطن، على صياغة بديل. إحدى الأفكار الناشئة هي إنشاء إدارة بقيادة فلسطينية في غزة بدعم إقليمي. كما تعمل المملكة العربية السعودية، وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة، على وضع استراتيجيات للتأثير على موقف ترامب.
اقرأ أيضًا: السيسي لرئيسة الوزراء الدنماركية: إعمار غزة يجب إتمامه دون تهجير الفلسطينيين
المخاوف الأمنية في الأردن ومصر
يشكل نقل الفلسطينيين تهديدًا كبيرًا للاستقرار الداخلي في الأردن. حيث تستضيف الأردن بالفعل 2.4 مليون لاجئ فلسطيني ضمن عدد سكان يبلغ 11 مليون نسمة، وقد شهدت اضطرابات متزايدة بسبب تصرفات إسرائيل في غزة. ويخطط الملك عبد الله للتأكيد على دور الأردن كقوة استقرار، مستشهدًا بالقواعد العسكرية الأمريكية والتعاون الاستخباراتي الطويل الأمد.
وفي الوقت نفسه، تواجه مصر أزمة اقتصادية بعد خفض قيمة عملتها وتكافح مع نقص مزمن في النقد الأجنبي. وتخشى قيادة البلاد أي هجرة قسرية من غزة، خوفًا من تفاقم عدم الاستقرار. ويزور وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي واشنطن لإجراء مناقشات، وستستضيف القاهرة قمة عربية في 27 فبراير لمعالجة الأزمة.
نفوذ ترامب والاستراتيجيات العربية المضادة
ألمح ترامب إلى أن الحوافز المالية يمكن أن تجعل الحكومات الإقليمية في صف واحد، في إشارة إلى مليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية للأردن ومصر. ومع ذلك، يزعم الخبراء أن دول الخليج يمكن أن تخفف من نفوذ واشنطن من خلال التدخل بدعم مالي بديل.
بحسب بلومبرج إيكونوميكس، فإن المساعدات الأميركية تمثل أقل من 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر و3% من الناتج المحلي الإجمالي للأردن، مما يجعل التهديدات المالية التي يطلقها ترامب أقل فعالية مما يفترض.
وبعيدا عن الاعتبارات المالية، تشعر الدول العربية بالقلق إزاء صعود المشاعر المتطرفة ردا على خطة ترامب. ويحذر خبراء، مثل ابتسام الكتبي من مركز الإمارات للسياسات، من أن النزوح الجماعي قد يؤدي إلى زيادة التطرف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.
المخاوف الإسرائيلية وعدم القدرة على التنبؤ باستراتيجية ترامب
في حين أيدت إسرائيل علنا اقتراح ترامب، تكشف المناقشات الخاصة عن تحفظات. ويخشى بعض المسؤولين الإسرائيليين أن يؤدي نزوح سكان غزة إلى الأردن ومصر إلى مخاطر أمنية عبر الحدود، مما يجبر إسرائيل على تعزيز حدودها ضد الانتقام المسلح المحتمل.
في واشنطن، كان ترامب يدفع بقوة بمجموعة من السياسات، من التعريفات الجمركية على الصين إلى خفض الإنفاق. وتشمل أجندته في الشرق الأوسط التعامل المباشر مع إيران بشأن صفقة نووية جديدة محتملة إلى جانب خطته بشأن غزة.
وتزعم فيكتوريا كوتس، نائبة مستشار الأمن القومي السابقة لترامب، أن عرضه قُدِّم “بحسن نية” وتشير إلى أن القادة الإقليميين يجب أن يشاركوا بدلاً من المقاومة. ومع ذلك، يعتقد المحللون أن الدول العربية تتحرك بحذر، غير متأكدة من مقدار الوزن الذي يجب أن تعطيه لخطاب ترامب مقابل نواياه السياسية الفعلية.
المناورات الدبلوماسية والآفاق الطويلة الأجل
تستكشف الحكومات العربية طرقًا إبداعية للتعامل مع اقتراح ترامب. يعتقد البعض أن أفضل استراتيجية هي شراء الوقت، على افتراض أنه سيفقد الاهتمام بالخطة في نهاية المطاف. يفكر آخرون، بما في ذلك ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في الاستفادة من المصالح الاستراتيجية الأخرى – مثل البرنامج النووي السعودي – للتأثير على موقف ترامب.
إن الإجماع الدبلوماسي الأوسع نطاقا هو أن الدول العربية لابد أن تتعامل بحذر مع عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب. ويشير محللون مثل بدر السيف من جامعة الكويت إلى أن الزعماء الإقليميين قد يحاولون دمج إيران في المفاوضات، سعيا إلى التوصل إلى اتفاق أوسع نطاقا من شأنه أن يغير أولويات الولايات المتحدة. ومع ذلك، لا تزال المناقشات في مراحلها المبكرة، ولا يوجد حل واضح في الأفق.