خاص عن العالمسياسة

العالم يتجاهل السودان..الانهيار الصامت للأمم المتحدة أمام الحرب الأكثر دموية في أفريقيا

تتحول الحرب الأهلية المستمرة في السودان، والتي تتسم بالعنف الشديد والمجاعة والنزوح، إلى أزمة إنسانية عالمية.

ينتقد روجر بويز، في مقاله بصحيفة صنداي تايمز، الاستجابة الباهتة للأمم المتحدة للصراع، ويجادل بأن سلطة الأمم المتحدة، وخاصة مجلس الأمن، تتضاءل بسرعة.

يشير بويز إلى أن هذا الفشل يعكس تراجع عصبة الأمم قبل الحرب العالمية الثانية، مع عواقب مقلقة على الاستقرار العالمي.

الواقع المرير في السودان

الأرقام وحدها تكشف عن عمق أزمة السودان، حيث 150 ألف قتيل، وملايين النازحين، والمجاعة الوشيكة التي من المتوقع أن تودي بحياة 2.5 مليون شخص بحلول نهاية عام 2024.

يلفت بويز الانتباه إلى الهجرة الجماعية للشعب السوداني، حيث فر حوالي عشرة ملايين عبر الحدود، بحثًا عن ملجأ في أوروبا. وتشير هذه الأرقام إلى الأبعاد الجيوسياسية الأوسع للحرب، حيث تكافح أوروبا لإدارة تدفق اللاجئين، حيث يشكل السودانيون 60٪ من أولئك الذين ينتظرون عبور القناة من كاليه.

أقرا أيضا..  مصر الدولي للطيران..دخول جريء لعالم المعارض الجوية الدولية

وبعيدًا عن المعاناة الإنسانية، اجتذبت الحرب الأهلية في السودان مجموعة من الجهات الفاعلة الدولية. كما يتعرض ساحل السودان الممتد على البحر الأحمر والذي يبلغ طوله 800 كيلومتر، والذي يعد حيويًا للتجارة العالمية، للتهديد، مما يضيف بعدًا اقتصاديًا للصراع الذي تجاهلته القوى الدولية إلى حد كبير.

شلل الأمم المتحدة

يزعم بويز أنه على الرغم من حجم الأزمة السودانية، فقد غضت الأمم المتحدة الطرف. انتقد بويز بشدة مجلس الامن التابع للامم المتحدة والذي اصبح عاجزا بسبب الانقسامات الداخلية وخاصة صلاحيات النقض التي يتمتع بها اعضاؤه الدائمون.

على النقيض من تدخلاتها السابقة في السودان وخاصة خلال ازمة دارفور في اوائل العقد الاول من القرن الحادي والعشرين يبدو ان الامم المتحدة اليوم “نائمة خلف عجلة القيادة”.

يقارن بويز بين المشاركة النشطة لشخصيات عالمية مثل جورج كلوني وهيلاري كلينتون الذين حشدوا الرأي العام للضغط من اجل تحرك الامم المتحدة في دارفور وبين الصمت النسبي اليوم.

انحدار الدبلوماسية المتعددة الاطراف

يقترح بويز أن الجمود المؤسسي الذي يمسك بالأمم المتحدة هو نتيجة مباشرة لبنيتها العتيقة. فقد خلقت العضوية الدائمة في مجلس الأمن، التي تهيمن عليها القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، شعوراً بالركود، مع شعور الدول الرئيسية مثل الهند بالإحباط بسبب استبعادها من عملية صنع القرار. والحاجة إلى إصلاح شامل لتكوين مجلس الأمن ومراجعة سلطات النقض أصبحت ملحة على نحو متزايد ولكنها تظل بعيدة المنال سياسياً.

انحدار مواز: عصبة الأمم

يرسم بويز مقارنة مشؤومة بين الصراعات الحالية للأمم المتحدة ومصير عصبة الأمم، سلفها. فقد فشلت عصبة الأمم في منع اندلاع الحرب العالمية الثانية بسبب افتقارها إلى سلطة الإنفاذ وبطء عملية صنع القرار.

أقرا أيضا..  الخلافات بين مصر وإسرائيل في ظل حرب غزة

يحذر بويز من أن العودة المحتملة لدونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة قد تؤدي إلى تسريع هذا التراجع. وقد يؤدي نهج ترامب الانعزالي إلى الانسحاب من العمل الدولي الجماعي، مما يترك الأمم المتحدة أكثر ضعفا.

انزلاق السودان إلى الفوضى

في قلب تحليل بويز يكمن قلق عميق بشأن مستقبل السودان. فالبلاد، التي كانت ذات يوم لاعباً رئيسياً في أفريقيا، تتجه الآن إلى كابوس حيث يسود العنف دون رادع. لقد أصبح الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربًا متعددة الأبعاد، تجتذب قوى عالمية وتؤدي إلى تفاقم المعاناة المحلية.

يتفق خبراء الدبلوماسية الدولية مع مخاوف بويز بشأن تراجع سلطة الأمم المتحدة. فقد أشار الأستاذ ريتشارد جاويان، وهو زميل بارز في مجموعة الأزمات الدولية، إلى أن عجز الأمم المتحدة عن إصلاح عمليات صنع القرار فيها “يؤدي إلى تآكل شرعيتها”.

على نحو مماثل، حذر وكيل الأمين العام السابق للأمم المتحدة لخضر الإبراهيمي من أن شلل مجلس الأمن يخلق “أزمة ثقة” في الدبلوماسية المتعددة الأطراف.

 

زر الذهاب إلى الأعلى