العالم ينتظر.. هل تملك طهران استراتيجية مدروسة للرد على الضربة الأمريكية؟

في أعقاب الضربة الأمريكية المفاجئة فجر اليوم الأحد 22 يونيو 2025، التي استهدفت منشآت نووية حيوية داخل إيران، باتت الأنظار تتجه إلى طهران، حيث تجري تقديرات معقدة وحساسة بشأن شكل الرد، وتوقيته، ومدى اتساعه.

فهل تذهب الجمهورية الإسلامية إلى انتقام مباشر؟ أم تختار ردًا مدروسًا يحفظ ماء الوجه دون الانزلاق إلى حرب شاملة؟

الضربة الأمريكية..  محددات الرد الإيراني

الرد الإيراني المحتمل تحكمه 4 اعتبارات رئيسية وهي:

تفادي حرب شاملة: النظام الإيراني لا يملك رفاهية فتح جبهة شاملة مع الولايات المتحدة، خاصة مع العقوبات الاقتصادية الخانقة والأزمات الداخلية.

الحفاظ على الردع: من المهم لطهران ألا تبدو ضعيفة، خصوصًا بعد استهداف منشآت نووية سيادية.

الرسائل الإقليمية: يجب أن يُفهم الرد داخل إيران والمنطقة كرسالة قوة، لا كتصعيد غير محسوب.

عدم إغلاق باب التفاوض: رغم الغضب، تسعى طهران إلى إبقاء الممرات الدبلوماسية مفتوحة، تحسبًا لتغيرات سياسية داخل واشنطن أو في الساحة الدولية.

الضربة الأمريكية.. خيارات الرد العسكرية أمام طهران

ضرب قواعد أميركية في الخليج

الأهداف المحتملة: قواعد في قطر (العديد)، البحرين (الأسطول الخامس)، أو الكويت.

الوسائل: صواريخ باليستية قصيرة المدى (مثل “فاتح-110” أو “ذو الفقار”)، أو طائرات مسيّرة مسلحة.

ولكن هذا الخيار ينطوي على مخاطر عالية، وقد يؤدي إلى رد أميركي أوسع. لكنه يحمل رمزية قوية داخليًا.

استخدام الوكلاء الإقليميين

الميليشيات المدعومة: “أنصار الله الحوثي” في اليمن.

الأساليب: هجمات بالصواريخ أو الطائرات المسيّرة ضد مصالح أميركية أو إسرائيلية.

وهو خيار منخفض التكلفة سياسيًا، ومرن استراتيجيًا، وقد يُستخدم لتفريغ الضغط دون تبني المسؤولية رسميًا.

ضرب إسرائيل أو قواعدها الجوية

السيناريو الأقرب بالقيام بقصف صاروخي من الأراضي الإيرانية أو من سوريا/لبنان.

وهو ما سيؤدي إلى تصعيد واسع مع إسرائيل والولايات المتحدة، ويخاطر بفتح جبهات جديدة، لكنه الخيار الأقرب للحدوث.

شن هجمات إلكترونية كبيرة

تستهدف منشآت الطاقة، الاتصالات، أو المرافق الحيوية الأميركية أو لحلفائها في الشرق الأوسط، فإيران تمتلك قدرات متقدمة في “الحرب السيبرانية” (وحدة “شهيد كريمي” الإلكترونية)، ويمكن أن تستخدمها بشكل غير مباشر.

وهو خيار آمن من حيث الردود العسكرية، ويوصل رسالة قوة تقنية.

التصعيد التدريجي في مضيق هرمز

عن طريق القيام بمضايقة أو استهداف السفن الغربية، أو تهديد حرية الملاحة.

وهي وسيلة ضغط على الاقتصاد العالمي دون مواجهة مباشرة، وغالبًا ما تستخدمها إيران لخلق مساحة تفاوضية.

حدود الرد الإيراني وفقاً لنقاط القوة والضعف التي تعتمد عليها طهران

تمتلك إيران نقاط القوة تجعلها قادرة على توجيه ضربة قوية ومؤثرة وتجعل كل الخيارات مفتوحة أمامها حول الرد المناسب للضربة الأمريكية ومنها: قدرات صاروخية تغطي كامل الخليج، وشبكة حلفاء ووكلاء في أربع جبهات، وكذلك القدرة على تنفيذ هجمات غير متماثلة.

ولكن لدى طهران نقاط ضعف تجعلها تراجع وتحسب موقفها ورد فعلها بدقة شديدة ومنها: ضعف الغطاء الجوي الدفاعي، ومحدودية القدرة على المواجهة والصمود ضد القوة الأميركية، وكذلك هشاشة اقتصادية تجعل الحرب استنزافًا غير مقبول.

بحسب تحليل الجنرال المتقاعد الأميركي “جون ألين” لشبكة CNN، فإن “إيران قادرة على إيلام الولايات المتحدة في الخليج، لكنها غير قادرة على خوض حرب طويلة، أو تحمّل ضربة ثانية أكثر اتساعًا”.

متى تعود طهران إلى مائدة التفاوض؟

من المتوقع أن تؤخر إيران الرد الرسمي لعدة أيام، وأن يأتي على مراحل. لكن بعد ذلك، ومع تحقيق “توازن رمزي”، قد تفتح المجال لدبلوماسية غير مباشرة، وتشير مصادر أوروبية إلى أن وسطاء (مثل سلطنة عمان وقطر) بدأوا بالفعل تحركات خلف الكواليس لإعادة الحوار النووي، و”احتواء الموقف”.

إدارة ترامب، رغم الضربة، تركت باب التفاوض مفتوحًا، ما يسمح لطهران باستثمار الرد عسكريًا ثم سياسيًا.

فلا تزال إيران أمام معادلة معقدة وهي إثبات القوة والرد المناسب دون السقوط في الهاوية، فالرد قادم، لكن ضبط الإيقاع سيكون كلمة السر، لتجنب رد أميركي ساحق قد يغير المعادلة بالكامل.

وبين التصعيد والتهدئة، تبقى المفاوضات هدفًا غير معلن لكلا الطرفين، ولكن بعد جولة عضّ أصابع قد تكون دامية، وإن بقيت محسوبة.

اقرأ أيضاً .. تعرف على أقوى منظومات الدفاع الجوي والدول المالكة لها.. دول عربية في الترتيب

زر الذهاب إلى الأعلى