العراق يسابق الزمن لإنجاز أول محطة طاقة شمسية لحل أزمة الكهرباء

في ظل تفاقم أزمة الكهرباء التي يعاني منها العراق منذ سنوات، والتي تشتد حدتها مع موجات الحر الشديدة التي تتجاوز فيها درجات الحرارة 50 درجة مئوية، تتجه الحكومة العراقية بخطى متسارعة نحو حلول مستدامة ترتكز على التحول إلى الطاقة النظيفة.

ومع تزايد الضغوط البيئية والاقتصادية، برزت الطاقة الشمسية والمدن الذكية كخيار استراتيجي لمعالجة النقص المزمن في الطاقة، وتحقيق التنمية المستدامة.

وتُعد المشاريع الأخيرة، التي أُعلن عنها تباعا من قبل وزارة النفط ووزارة الكهرباء، إلى جانب مبادرات التمويل المدعومة من القطاع المصرفي، بمثابة تحول حقيقي في السياسة الطاقية للبلاد، حيث يجري العمل على بناء محطات شمسية حديثة، وتحديث شبكات التوزيع عبر أنظمة ذكية، وتعزيز مشاركة المواطنين في تبني الطاقة المتجددة.

مشروع شمسي رائد بالشراكة مع توتال الفرنسية

فقد أعلن وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، عن خطة البلاد لإطلاق أول محطة طاقة شمسية لإنتاج الكهرباء بقدرة 250 ميجاواط، بحلول نهاية عام 2025، كمرحلة أولى ضمن عقد جنوب العراق المتكامل الموقع مع شركة توتال الفرنسية.

ويعد المشروع جزءا من التزام أوسع يتضمن إنشاء محطة طاقة شمسية بإجمالي 1000 ميجاواط، كخطوة جادة في طريق التحول نحو الاقتصاد منخفض الكربون.

وأكد عبد الغني، في تصريح نقلته وكالة الأنباء العراقية “واع”، أن الوزارة لا تكتفي بطرح المشاريع بالأرقام، بل تسعى إلى خفض حقيقي في الانبعاثات الكربونية، وتوسيع قاعدة استخدام الطاقة النظيفة، مع تمكين التحول العادل نحو بيئة أكثر استدامة.

مبادرة تمويلية غير مسبوقة للطاقة الشمسية المنزلية والتجارية

وفي سياق متصل، أطلق بنك التجارة الإقليمي (RTB) العراقي برنامج قروض منخفضة الفائدة يهدف إلى تشجيع المواطنين والشركات على تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، بتمويل من البنك المركزي العراقي.

وتعد المبادرة خطوة عملية لمعالجة أزمة الكهرباء، خاصة في ظل الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، والتي تتجاوز أحيانا 50 درجة مئوية في فصل الصيف.

وأوضح الرئيس التنفيذي للبنك، أحمد نوزاد، أن القروض التي تتراوح قيمتها بين 7 إلى 30 مليون دينار عراقي (ما يعادل 4,800 إلى 20,700 دولار أمريكي)، وفترة سداد تمتد حتى 7 سنوات، تمثل فرصة استثنائية لتعزيز التنمية المستدامة وتنويع مصادر الطاقة في العراق.

كما تم تخصيص بوابة حكومية إلكترونية لاستقبال طلبات القروض، مع دعوة المواطنين إلى مراجعة فروع البنك للاطلاع على الشروط ومعايير الأهلية.

مدن كهربائية ذكية.. نقلة تقنية في شبكة التوزيع

وفي خطوة متقدمة نحو التحول الرقمي في إدارة الطاقة، أعلنت وزارة الكهرباء العراقية عن تنفيذ مشروع العدادات الذكية ضمن خطة لإنشاء مدن كهرباء ذكية في أربع محافظات حتى الآن: ديالى، الأنبار، كركوك، وواسط.

ووفقا لما صرح به المتحدث الرسمي باسم الوزارة، أحمد موسى، فإن المشروع يسعى إلى “ضبط الأحمال، وتقليل العشوائيات، وتبسيط آليات الدفع للمواطنين”، حيث بات بإمكانهم تسديد فواتير الكهرباء إلكترونيا دون الحاجة إلى الدفع النقدي.

وبحسب موسى، فإن التجربة ستشمل لاحقا ثمان مناطق في العاصمة بغداد، فضلا عن كربلاء، البصرة، النجف، وميسان. وتستهدف المرحلة الأولى 500 ألف مشترك، بمعدل 50 ألف مشترك لكل منطقة تجريبية، ما يُظهر رؤية واضحة نحو تحديث البنية التحتية الكهربائية.

القطاع الخاص يدخل بقوة في مشهد الطاقة المتجددة

ويتضمن الجزء الثاني من مشروع المدن الذكية، كما أوضح موسى، الاستعانة بشركات القطاع الخاص لتركيب محطات للطاقة الشمسية داخل مراكز الأحمال في المحافظات، إلى جانب تعميم استخدام العدادات الذكية على المستهلكين وكذلك لاحتساب كميات الطاقة المنتجة والمجهزة.

ويعكس هذا التوجه رغبة الحكومة في دمج القطاع الخاص كفاعل رئيسي في المرحلة المقبلة من إصلاح قطاع الكهرباء.

اقرأ أيضا.. من ضمنها “مصر للطيران”.. أكثر شركات الطيران تحسنا في العالم لعام 2025

التحول إلى الطاقة المتجددة.. ضرورة بيئية واستراتيجية

ويعكس تسارع وتيرة المشاريع الحكومية والمبادرات المصرفية في العراق تحولا حقيقيا نحو اقتصاد طاقي أكثر استدامة.

وبينما تكافح الدولة تحديات أزمة الكهرباء والطلب المتزايد في أشهر الصيف، فإن الرؤية الجديدة تظهر التزاما حقيقيا بالاعتماد على الطاقة الشمسية كحل طويل الأمد، مع تحديث شامل للبنية التحتية وتفعيل الشراكات المحلية والدولية.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى