العمال الكردستاني يلقي سلاحه وتركيا تلاحقه.. هل تسقط مبادرة أوجلان؟

رغم إعلان حزب العمال الكردستاني حله لنفسه وإنهاء تمرده المسلح المستمر منذ أربعة عقود، استجابة لمبادرة زعيمه عبد الله أوجلان، ألا إن تركيا لم تتخذ خطوات مشابهة.
وأكدت وزارة الدفاع التركية، اليوم الخميس، أن الجيش سيواصل عملياته العسكرية في مناطق وجود الحزب داخل وخارج البلاد، متذرعة بمواصلة “تطهير المنطقة من التهديد الإرهابي”.
وجاءت تصريحات الوزارة بعد أيام من إعلان الحزب، الذي تُصنفه أنقرة ودول غربية كمنظمة إرهابية، عن حل نفسه وسحب مقاتليه، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تاريخية تمهد لإنهاء نزاع دموي أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص منذ عام 1984.
تركيا تواصل استهداف العمال الكردستاني
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع التركية إن “القوات المسلحة التركية ستواصل عملياتها في المناطق التي استخدمها انفصاليو منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، حتى التأكد من تطهيرها بالكامل، وضمان أنها لم تعد تشكل خطراً على البلاد”.
وأشار إلى أن العمليات تشمل البحث والمسح البري وتدمير الكهوف والملاجئ والمعدات والمتفجرات، في ما يبدو رفضاً ضمنياً لأي تهدئة عسكرية عقب إعلان الحزب حله.
مصدر في الوزارة أكد أن “شيئاً لم يتغير” بالنسبة للجيش التركي، قائلاً: “رغم أن المنظمة الإرهابية أعلنت حل نفسها، إلا أن هناك مخاوف من رفض بعض أعضائها لهذا القرار، ما يستدعي الحذر من أي استفزازات محتملة”.
إستخبارات تركيا تتولى ملف نزع السلاح العمال الكردستاني
وفي موازاة ذلك، أعلن المصدر ذاته أن جهاز الاستخبارات التركي (MIT) سيتولى مهمة مراقبة وتنفيذ عملية نزع سلاح مقاتلي الحزب، بالتنسيق مع الجهات الأمنية في العراق وسوريا. وأضاف أن “القوات المسلحة التركية لن تضطلع بهذه المهمة بشكل مباشر لأنها تقع خارج الأراضي التركية”، في إشارة إلى عدم الرغبة في التورط علنياً في الشؤون السيادية لجيرانها.
وأوضح أن الاستخبارات ستُشرف على تسجيل الأسلحة وهوية المقاتلين الراغبين بتسليم أنفسهم، عبر نقاط مراقبة في سوريا والعراق وتركيا، دون تدخل أطراف دولية في هذه العملية.
قواعد عسكرية ووجود دائم
تمتلك تركيا بالفعل قواعد عسكرية في شمال العراق، ضمن إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي، حيث تنفذ ضربات جوية وعمليات برية متكررة ضد مقاتلي الحزب.
كما تحتفظ بوجود عسكري في شمال سوريا، ونفذت عدة عمليات عسكرية منذ 2016 لإبعاد المسلحين الأكراد عن حدودها.
وأكد المصدر الأمني أن “الوجود التركي في العراق وسوريا سيستمر حتى التأكد من ضبط الأمن بشكل كامل”، مشدداً على أن “أي انسحاب في هذه المرحلة غير وارد”.
موقف أردوغان من حل حزب العمال الكردستاني
من جانبه، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يوم الأربعاء، إن “أجهزة الاستخبارات ستتابع بدقة تنفيذ وعود نزع السلاح”، في لهجة تشكك في نوايا حزب العمال الكردستاني، رغم إعلانه إنهاء العمل المسلح.
وأضاف أردوغان: “لن نسمح بأن تُمنح الفرصة مرة أخرى لهذه الجماعات لاستغلال فراغات أمنية”، مشيراً إلى أن العملية الأمنية ستتواصل بالتنسيق مع الجهات المحلية في شمال العراق وشمال سوريا، وفق ما نقلته وسائل إعلام تركية.
هل تسقط مبادرة أوجلان ؟
يرى محللون أن رفض أنقرة تهدئة العمليات بعد إعلان الحزب حله قد يقوّض أي مسار محتمل لتسوية سياسية، مؤكدين أن الحكومة التركية تتعامل مع المسألة من منظور أمني بحت.
وبحسب خبراء فإن تركيا تستخدم ما تسميه مكافحة الإرهاب كغطاء لمواصلة نفوذها العسكري في شمال العراق وسوريا، وحتى إعلان الحزب حله لن يُغيّر هذه الاستراتيجية ما لم يتم التوصل لاتفاق سياسي أوسع”.
ووفق مراقبون فإذا فشلت تركيا في استثمار هذه اللحظة التاريخية للتفاوض، فقد تفتح الباب أمام انقسامات جديدة داخل الحزب، وربما ولادة تنظيمات أكثر تشدداً.
اقرا أيضا
احتجاجات قوية تطالب بإقالته.. هل تطيح أحداث طرابلس بـ الدبيبة من حكومة ليبيا؟