القاهرة تعيد إحياء فنادقها التاريخية وتحول مقراتها الحكومية إلى فنادق عالمية

في مشهد يعكس عودة الروح إلى قلب العاصمة المصرية، تشهد القاهرة حاليًا تنفيذ مشروعين متوازيين لإحياء اثنين من أعرق فنادقها التاريخية: “شبرد” في جاردن سيتي و”الكونتننتال-سافوي” في ميدان الأوبرا، ضمن خطة أوسع لإعادة الاعتبار لتراث المدينة وتحويل وسطها إلى وجهة سياحية وثقافية عالمية.
فندق شبرد.. تحالف سعودي – عالمي لإحياء معلم النيل العريق
تأسس فندق شبرد الأصلي عام 1841 بحي الأزبكية، قبل أن يُعاد بناؤه في جاردن سيتي أمام نهر النيل عام 1957 بعد احتراقه خلال حريق القاهرة الشهير. واليوم، يخضع الفندق لتطوير شامل بالتعاون مع مجموعة “ماندارين أورينتال” الفندقية العالمية، في إطار شراكة استراتيجية مع “مجموعة الشريف القابضة” السعودية.

وتُقدّر التكلفة الاستثمارية للمشروع بنحو 90 مليون دولار، تتحملها بالكامل المجموعة السعودية، بينما تظل ملكية الفندق للشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق “إيجوث”. ويشمل التطوير تجديد المبنى الرئيسي مع الحفاظ على طابعه التاريخي، وإضافة مبنى ملحق يضم غرفًا جديدة ومرافق فاخرة.

بدأت أعمال التطوير عام 2020، ووقعت اتفاقية الإدارة مع “ماندارين أورينتال” في مارس 2022، على أن يُعاد افتتاح الفندق تحت الاسم الجديد “ماندارين أورينتال شبرد القاهرة”.
الكونتننتال الملكي.. من لعنة الفراعنة إلى العودة الفاخرة
على بُعد خطوات من ميدان التحرير، بدأت “إيجوث” تنفيذ مشروع إعادة بناء فندق “الكونتننتال-سافوي”، خامس أقدم فنادق القاهرة، والذي تأسس عام 1869 على أطلال استراحة تاريخية سبقته. وكان الفندق مركزًا للأحداث التاريخية، واستضاف شخصيات مثل الملك فاروق، واللورد كارنافون (الذي توفي فيه بعد زيارته لمقبرة توت عنخ آمون)، ولورانس العرب، وسعد زغلول.

توقف الفندق عن العمل في أواخر الثمانينيات، وتم هدمه في 2018 بعد تقارير هندسية أكدت خطورته الإنشائية. ومع ذلك، تسعى الدولة اليوم إلى إعادة إحيائه بنفس الطراز المعماري الفرنسي-الإيطالي العريق.

يتضمن المشروع بناء 230 غرفة وجناحًا، إلى جانب مركز مؤتمرات، منطقة تجارية، وكازينو عالمي الطراز، ليعود الفندق كأحد رموز الضيافة الفاخرة في القاهرة التاريخية.

استراتيجية شاملة لإحياء التراث الفندقي
يعكس تطوير فندقي شبرد والكونتننتال توجهًا حكوميًا متكاملًا نحو الاستفادة من أصول الدولة التراثية، من خلال جذب استثمارات خليجية ودولية، ودمج الخبرات العالمية في الإدارة الفندقية، بما يرفع من جودة الخدمات السياحية في مصر ويعزز جاذبية وسط القاهرة كمقصد للسياحة الراقية.
وإلى جانب الأثر الاقتصادي المتوقع في شكل فرص عمل وعائدات سياحية، تسهم هذه المشروعات في الحفاظ على هوية العاصمة المعمارية والتاريخية، وفتح فصل جديد في تاريخ فنادق كانت يومًا ملتقى للملوك والكتاب والثوار.
ليس فقط إحياء القديم.. بل تحويل المقرات الحكومية إلى فنادق فاخرة
ولم تتوقف جهود إحياء وسط القاهرة عند إعادة تأهيل الفنادق التاريخية فقط، بل امتدت لتشمل تحويل عدد من المباني الحكومية الشهيرة إلى فنادق عالمية، في إطار خطة أوسع لإعادة توظيف الأصول العقارية في قلب العاصمة.

ففي ميدان التحرير، تم توقيع اتفاقية مع مجموعة ماريوت العالمية لتحويل مجمع التحرير إلى فندق فاخر يحمل علامة “أوتوجراف كوليكشن”، يضم نحو 500 غرفة وشقة فندقية، ومطاعم، ومركزًا للفعاليات، وحمام سباحة يطل على الميدان.

وفي ميدان لاظوغلي، أعلنت ماريوت أيضًا عن تحويل مقر وزارة الداخلية السابق إلى أول فندق يحمل علامة “موكسي” في الشرق الأوسط وأفريقيا، بالتعاون مع شركة “ريلاينس فينشرز”. وسيضم الفندق مساحات إقامة عصرية ومرافق ترفيهية وتجارية، مع افتتاح متوقع في 2029.
اقرأ أيضا.. منافسة إماراتية محتدمة| موانئ دبي وأبوظبي تتسابقان لإنشاء مدن صناعية كبرى في مصر
وسط القاهرة يعود إلى الواجهة
تشير هذه المشاريع مجتمعة إلى توجه واضح لإعادة صياغة المشهد الحضري والسياحي في وسط القاهرة، من خلال الجمع بين الحفاظ على التراث وإعادة توظيف الأصول العقارية بما يواكب متطلبات العصر. ومع دخول علامات فندقية عالمية إلى قلب العاصمة، تستعيد القاهرة مكانتها كواحدة من أبرز العواصم التاريخية ذات الجاذبية السياحية الفاخرة في المنطقة.