القوات الإسرائيلية تعدم 15 مسعفًا.. فظاعة عالمية بتواطؤ غربي

القاهرة (خاص عن مصر)- في أحدث أعمال العنف في غزة، القوات الإسرائيلية تعدم 15 مسعفًا وعامل إنقاذ فلسطينيًا. وكما ذكرت صحيفة الجارديان، استُهدف هؤلاء الأفراد وقُتلوا واحدًا تلو الآخر، في جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار. كان من بين الضحايا رجلٌ كان يتحدث عبر الهاتف مع زملائه، مصابًا، ويطلب المساعدة.
للأسف، انتهت المكالمة بصوت جنود إسرائيليين يصلون، يتحدثون بالعبرية، ويناقشون كيفية تقييد وإعدام من تبقى من الطاقم الطبي. روى الدكتور بشار مراد، مدير البرامج الصحية في الهلال الأحمر الفلسطيني، روايته لللحظات المروعة التي تلت ذلك.
برّر المسؤولون الإسرائيليون الهجوم بزعم أن المنطقة كانت منطقة قتال نشطة. وذكروا أيضًا أن المسعفين كانوا يتقدمون بشكل مثير للريبة نحو قوات جيش الدفاع الإسرائيلي دون أضواء أو إشارات طوارئ. ومع ذلك، يُنظر إلى هذه الرواية على نطاق واسع على أنها محاولة مكشوفة لتبرير أفعال يصفها الخبراء والمتفرجون بأعمال قتل جماعي متعمدة.
القوات الإسرائيلية تعدم 15 مسعفًا
تُرفض مزاعم الجيش الإسرائيلي بشكل متزايد باعتبارها دعايةً تهدف إلى إخفاء حقيقة ما يحدث في غزة. وقد عزز الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، أيديولوجيةً مقلقةً عندما صرح بأن “أمة بأكملها مسؤولة”.
هذا الخطاب، الذي يعكس مشاعر الكثيرين في الرأي العام الإسرائيلي، يزيد من تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، ويعزز روايةً تبرر العنف ضد المدنيين.
كما رُبط الجيش الإسرائيلي بفظائع أخرى، بما في ذلك استخدام الدروع البشرية، وهي ممارسة وصفها جندي إسرائيلي مجهول الهوية في مقال بصحيفة هآرتس.
كشف الجندي أن الدروع البشرية تُستخدم بشكل روتيني داخل جيش الدفاع الإسرائيلي، حيث تعمل جميع الفصائل تقريبًا بموجب هذه الممارسة. يشير هذا الكشف إلى جهد ممنهج من جانب الجيش الإسرائيلي لكسر أي حدود أخلاقية في عملياته العسكرية.
بالنسبة لأحمد مور، كاتب مقال الجارديان، تُلامس المأساة مشاعره. وُلد مور في تل السلطان، الحي الذي أُعدم فيه المسعفون. يستذكر أجواء المنطقة الهادئة قبل أن تتحول إلى منطقة حرب. إن معرفة أن جنودًا إسرائيليين أعدموا مسعفين عُزّلًا في نفس المكان الذي يتذكره بحنين، تُبرز التحول الوحشي لغزة إلى “جحيم على الأرض”.
في تأمل شخصي عميق، يتخيل مور اللحظات الأخيرة للمسعفين، متسائلًا عما إذا كانوا قد فكروا في عائلاتهم ووجدوا أي سلام قبل وفاتهم. أسماء الذين أُعدموا – أشرف أبو لبدة، ورائد الشريف، ومحمد بهلول، وآخرون – تُمثل أكثر من مجرد إحصائيات؛ إنها ترمز إلى التكلفة البشرية لسياسة العنف العشوائي.
اقرأ أيضًا: الكارثة الإنسانية في السودان.. خيارات الولايات المتحدة لمعالجة الأزمة
الصمت الدولي ودور الغرب في الفظائع
يُركز مقال مور على السياسة الدولية، لا سيما دور الدول الغربية في تمكين إسرائيل من ارتكاب أفعالها. فرغم الأدلة الدامغة على جرائم الحرب، لم يُحرك قادة العالم ساكنًا للتدخل.
تعرضت شخصيات مثل إيمانويل ماكرون، الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار، لانتقادات بسبب ردود أفعالها غير الفعالة. واستمر قادة مثل أورسولا فون دير لاين وكير ستارمر في دعم إسرائيل، سواء من خلال تصريحات علنية أو موافقة ضمنية، حتى مع تزايد التقارير عن المقابر الجماعية وضحايا المسعفين.
يُجادل مور بأن هذا التواطؤ ليس مجرد دعم سلبي، بل هو مشاركة فاعلة في الإبادة الجماعية المستمرة في غزة. لقد أصبح قادة الولايات المتحدة وأوروبا، بمواصلتهم تقديم الدعم السياسي والعسكري لإسرائيل، مسؤولين عن هذه الفظائع. ويرى مور أن صمتهم وتقاعسهم يجعلهم شركاء في العنف.
إرث الإبادة الجماعية وضرورة المساءلة
يُقرّ مور بحزنٍ بأنه لن تُقام محكمة دولية للفلسطينيين كما حدث مع النازيين في نورمبرغ. ومع ذلك، يُحثّ على عدم نسيان ذكرى الضحايا. يجب تكريم موت أولئك الذين ناضلوا من أجل الحياة – حتى في مواجهة القمع المُبرح – كتذكيرٍ للعالم بمحنة الفلسطينيين المستمرة في غزة.
يدعو هذا التأمل الصارخ مواطني العالم إلى إدراك مسؤوليتهم المشتركة في التصدي لمثل هذه الجرائم. وكما يخلص مور، قد لا يكون المجتمع الدولي قادرًا على محاسبة إسرائيل في الوقت الحالي، لكنه يستطيع على الأقل ضمان بقاء ذكرى هذه الفظائع حيةً، كشهادة على قوة أولئك الذين أُعدموا لمجرد وجودهم.