القوات جاهزة للعبور .. مناورة برمائية للصين على بُعد أميال من تايوان

في استعراض جريء لقدراته البرمائية المتقدمة، أجرى الجيش الصيني مؤخرًا مناورة إنزال على الساحل الجنوبي الشرقي لمقاطعة فوجيان، على بُعد أميال قليلة من جزيرة كينمن التايوانية. تأتي هذه المناورة عشية الذكرى السنوية الأولى لتولي الرئيس التايواني، ويليام لاي تشينغ تي، مهامه، ما يضفي على الحدث دلالات استراتيجية ورسائل سياسية صريحة.
الجيش الصيني ينفذ مناورة بمركبات برمائية
نفذ جيش المجموعة 73 التابع لجيش التحرير الشعبي الصيني، المتمركز في مدينة شيامن، المناورة التي شملت مركبات برمائية مدرعة من طراز Type 05، تم تدريبها على عمليات إنزال على الشواطئ وتكتيكات هجومية في بيئات ساحلية معقدة.
وأكدت وسائل الإعلام الصينية الرسمية جاهزية القوات للقتال، فيما نقلت قناة CCTV تصريحات مباشرة من جنود شاركوا في المناورة، بينهم الجندي تشيان بو، الذي قال: “نحن مستعدون للحرب في أي لحظة”.
مركبات Type 05: ركيزة القوة البرمائية الصينية
تشكل مركبات ZBD-05 وZTD-05 البرمائية المتقدمة العمود الفقري لقدرات الإنزال الصينية. فهي تمتاز بسرعة عالية في البر والبحر، وقدرات نارية لافتة، تتراوح من مدافع 30 ملم وصواريخ مضادة للدروع، إلى مدفع رئيسي عيار 105 ملم على النسخة المدرعة. وتُعد مناسبة لهجمات سريعة وعالية الكثافة على السواحل المُحصنة، رغم أنها تفتقر إلى دروع ثقيلة كافية لمعارك مطوّلة في العمق.
- مركبات برمائية صينية مشاركة في المناورة
التكامل العسكري المدني: مضاعفة القدرة اللوجستية
تكشف المناورة عن اعتماد متزايد على السفن المدنية، لا سيما عبارات الشحن “رورو”، لتعويض النقص العددي في سفن الإنزال العسكرية من طراز 071 و075. وتُعد هذه المقاربة جزءًا من سياسة “الاندماج العسكري-المدني” التي يتبناها الرئيس شي جين بينغ، والتي تسمح للصين بتوسيع قدراتها البحرية بسرعة في حال اندلاع نزاع فعلي.
ويُشار إلى أن سفنًا مثل “Bohai Pearl Ferry” التي تبلغ إزاحتها 50 ألف طن يمكنها نقل مئات المركبات، ما يُعزز قدرة الجيش على تنفيذ عمليات برمائية على نطاق واسع، وهو ما أظهرته تدريبات سابقة في 2021 و2022.
رسائل سياسية واحتواء محتمل لتايوان
توقيت المناورة يُعد رسالة مباشرة إلى إدارة لاي المؤيدة للاستقلال، والتي تسعى لتعزيز الروابط الدفاعية مع واشنطن. وتأتي في أعقاب مناورات “السيف المشترك 2024A” و”رعد المضيق 2025A”، التي شهدت تطويقًا افتراضيًا لتايوان بمشاركة عشرات السفن والطائرات.
ورغم أن رد تايوان على المناورة الأخيرة جاء متحفظًا، فقد واصلت تتبع التحركات الصينية، مع تعزيز دفاعاتها بصواريخ هسيونغ فنغ 3 وأنظمة باتريوت باك-3، بالإضافة إلى دعم أمريكي يشمل طائرات F-16V ودبابات أبرامز وصواريخ ستينغر.
اختلال التوازن الإقليمي واحتمالات التصعيد
في ظل استمرار عمليات العبور البحرية من قبل الأسطول السابع الأمريكي، وآخرها عبور مدمرة في 19 مايو، تتصاعد احتمالات الاحتكاك بين الصين والولايات المتحدة. وقد وصفت بكين هذا العبور بأنه “استفزازي”، ما يعكس هشاشة الوضع الإقليمي واحتمال انزلاقه نحو مواجهة مفتوحة بسبب أي خطأ في التقدير.
تفوق إقليمي برمائي شامل
تُبرز المناورة الأخيرة سعي الصين لتحقيق جاهزية عملياتية بحلول 2027، الموعد الذي حدده شي لبناء “جيش عالمي المستوى”. فدمج القدرات الجوية والبحرية والبرية، بالإضافة إلى التطورات في مجال الطائرات المسيرة والصواريخ فرط الصوتية مثل YJ-21، يضع الصين على مسار تصعيدي يغيّر من معادلات الردع في مضيق تايوان.
لكن رغم هذا التقدم، تبقى عمليات الإنزال البرمائي من أكثر السيناريوهات العسكرية تعقيدًا، خاصة في وجه دفاعات متطورة ومع تضاريس تايوانية وعرة. ويجمع المحللون على أن نجاح مثل هذه العمليات يتوقف على عنصر المفاجأة، والتنسيق متعدد الأبعاد، والدعم البحري والجوي الكثيف.
رسالة للولايات المتحدة
مع استمرار بكين في تصعيد ضغوطها العسكرية، تتجلى الصورة بشكل أوضح: الصين لا تختبر فقط قدرتها على شن عمليات هجومية معقدة، بل تُرسل أيضًا رسالة واضحة مفادها أن مسألة تايوان لم تعد تحتمل المساومة. ومع ذلك، فإن أي مغامرة عسكرية في هذا المضيق الضيق قد تُشعل صراعًا إقليميًا لا تُحمد عقباه، في واحدة من أخطر نقاط التوتر الجيوسياسي في العالم.
اقرأ أيضًا: صراع الأجنحة الشبحية.. من يتفوق المقاتلة الروسية Su-57 أم المقاتلة الأمريكية F-35؟