الكوليرا تفتك بالسودانيين وسط انهيار صحي.. هل تسربت مواد سامة في أم درمان؟

في ظل تفاقم الأزمة الصحية في السودان، أكدت منظمة “أطباء بلا حدود” تسجيل آلاف الحالات المشتبه بإصابتها بـ الكوليرا، بينها نحو 500 إصابة خلال يوم واحد في العاصمة الخرطوم فقط.

ويأتي هذا في وقتٍ وصف فيه أطباء ونقابيون الوضع بـ”الكارثي”، محذرين من خروج الأوضاع عن السيطرة، وسط انهيار شبه تام للبنية التحتية الصحية، وتضارب الروايات بشأن طبيعة الإصابات في بعض المناطق.

 المرضى يتلقون العلاج في الشوارع

انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو مروعة، تظهر عشرات المصابين وهم يتلقون العلاج بالمحاليل الوريدية في الشوارع، وباحات المستشفيات التي لم تعد قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من المصابين.

وبحسب نقابة أطباء السودان، فإن “الأوضاع الصحية بلغت مرحلة كارثية”، مشيرة إلى أن الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 تسببت في انهيار النظام الصحي، وانقطاع إمدادات المياه والكهرباء، وتعطل أكثر من 70% من المستشفيات عن العمل، سواء بشكل كلي أو جزئي.

أول تعليق من وزارة الصحة بعد تفشي الكوليرا في السودان

من جانبه، قال وزير الصحة السوداني إن الوزارة خصصت غرفة طوارئ تعمل على مدار الساعة لمتابعة التطورات. وأضاف أن التوقعات بانتشار الكوليرا كانت قائمة، خصوصًا بعد عودة السكان إلى مناطق ملوثة، وتدهور البيئة المحيطة بمصادر المياه.

لكن تصريحات الوزير لم تبدد قلق العاملين في القطاع الصحي، إذ تؤكد مصادر طبية أن الأعداد الفعلية للمصابين تفوق بكثير ما تعلنه الجهات الرسمية.

وفيما تحدثت وزارة الصحة عن 2300 حالة، تشير تقارير ميدانية إلى أن المرض تفشى في سبع ولايات على الأقل، من بينها سنار والجزيرة.

 تلوث المياه سبب رئيسي لتفشي الكوليرا في السودان

بحسب وسائل إعلام سودانية، قال سليمان عمار، المنسق الطبي لمنظمة “أطباء بلا حدود” في الخرطوم، إن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية بسبب الحرب، أسهمت في تفشي الكوليرا بشكل كبير. وأوضح أن نقص المياه الآمنة وعدم توفر الصرف الصحي الملائم يمثلان أرضية خصبة لانتشار المرض.

وأكدت المنظمة أن العديد من سكان العاصمة يعتمدون على مصادر مياه ملوثة، وسط انقطاع متواصل في التيار الكهربائي، وتوقف أكثر من 60% من محطات المياه عن العمل.

فرضية التسمم الكيميائي في انتشار الكوليرا

ورغم أن التقارير الرسمية تربط بين الإصابات والكوليرا، إلا أن مصادر طبية طرحت فرضية أكثر خطورة، مفادها أن بعض الحالات قد تكون ناتجة عن تسمم كيميائي.

وبحسب تقارير صحفية أشار متطوع يعمل في منطقة أم درمان، إلى أن “الأعراض التي تظهر على المرضى ليست مطابقة لأعراض الكوليرا المعتادة”.

وقال المتطوع – الذي فضّل عدم الكشف عن هويته – إن عدداً كبيراً من المصابين يشكون من صداع شديد ومغص حاد دون وجود الإسهال أو الاستفراغ، وهما العارضان الأساسيان لمرض الكوليرا. وربط بين ذلك وبين تقارير تحدثت عن تسرب دخان وغبار من مخزن للأسلحة في أم درمان الأسبوع الماضي.

هل هناك دور لمخلفات الأسلحة؟

هذه الفرضية تعيد إلى الواجهة المخاوف من استخدام أو تخزين أسلحة محرّمة في المناطق السكنية، أو من تسربات كيميائية غير مقصودة جراء قصف أو حريق.

لكن حتى الآن، لم يصدر أي تعليق رسمي من وزارة الصحة أو من الجهات العسكرية حول طبيعة هذه المواد أو علاقتها بالأعراض المسجلة.

السودان بين الكوليرا والحرب

في ظل هذه المعطيات، يجد السودانيون أنفسهم محاصرين بين نيران الحرب، وتفشي الأمراض، وغياب شبه تام للخدمات الصحية الأساسية.

ويتخوف مراقبون من أن يتحول تفشي الكوليرا – أو أي مرض آخر – إلى كارثة إنسانية جديدة في بلد يعاني أصلًا من أكبر أزمة نزوح داخلية في العالم، ونقص حاد في الغذاء والدواء.

وبينما تواصل المنظمات الإنسانية مثل “أطباء بلا حدود” تقديم ما أمكن من الدعم، فإن استجابة المجتمع الدولي لا تزال دون المستوى المطلوب، في وقت بات فيه الملايين من السودانيين مهددين بالموت، ليس فقط بالرصاص، بل بالعطش والمرض أيضًا.

اقرأ أيضا

الجوع قاتل وليس كافرًا.. غزة ولاجئو السودان يواجهون الموت البطيء وسط تجاهل العالم

زر الذهاب إلى الأعلى