تاريخ وتراثسياحة

المتحف المصري الكبير.. المكان الأكثر ترقبًا على وجه الأرض يفتح أبوابه أخيرًا

بعد أكثر من عقدين من الترقب و11 عامًا من التأخير، فتح المتحف المصري الكبير في الجيزة أبوابه أخيرًا، وفقا لتقرير تليجراف البريطانية.

بعد أكثر من عقدين من الترقب و11 عامًا من التأخير، فتح المتحف المصري الكبير في الجيزة أبوابه أخيرًا، وفقا لتقرير تليجراف البريطانية.

بحسب خاص عن مصر، استحوذ هذا المشروع الضخم على اهتمام المؤرخين والسياح والجمهور المصري على حد سواء. يمثل اكتماله علامة فارقة مهمة لمصر، وهي الدولة المعروفة بمساهماتها الرائعة في التاريخ البشري. مع أكثر من 5000 عام من الحضارة لعرضها، يعد المتحف المصري الكبير بأن يكون مستودعًا حديثًا لبعض أهم الكنوز الأثرية في العالم.

الملك رمسيس الثاني

أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي يوم الاثنين 16 أكتوبر 2024 أن المتحف المصري الكبير بدأ رسميًا في الترحيب بالزوار – على الرغم من أن صالات العرض في المتحف سيتم افتتاحها تدريجيًا على مدى الأشهر القليلة المقبلة. ومن المتوقع أن يتم الافتتاح الكامل في أوائل عام 2025، مما يبشر بعصر جديد للسياحة الثقافية في مصر.

حلم مؤجل: لماذا استغرق الأمر وقتًا طويلاً؟

إن قصة المتحف المصري الكبير هي قصة طموح كبير وتحديات مالية واضطرابات سياسية. تم وضع حجر الأساس للمتحف في احتفالية في يناير 2002، وكان الهدف الأصلي للانتهاء منه هو عام 2013. ومع ذلك، كان الطريق إلى افتتاحه محفوفًا بالتأخيرات – العديد منها يُعزى إلى المناخ السياسي المضطرب في مصر. أدت ثورة عام 2011 إلى تعطيل الجدول الزمني للمشروع بشكل كبير.

أقرا أيضا.. علماء الفلك يكشفون عن كوكب يستضيف قمرًا ينفث سحابة بركانية 

كما يشير الصحفي كريس ليدبيتر، “لقد ساهمت الثورة بلا شك في التأخير”، لكنها لم تكن العامل الوحيد. كانت هناك أيضًا صعوبات مالية، على الرغم من أن قرضًا بقيمة 300 مليون دولار من بنك اليابان للتعاون الدولي ساعد في إبقاء المشروع طافيًا.

تسبب حريق في عام 2018 في انتكاسات طفيفة، لكن وباء كورونا أثبت أنه عقبة أكبر. ومع ذلك، تظل الأسباب الدقيقة لتأخير المتحف لفترة طويلة بعيدة المنال إلى حد ما. أعرب ليدبيتر، الذي قام بجولة في الموقع في عام 2019، عن دهشته من أن الافتتاح لا يزال على بعد أكثر من خمس سنوات، نظرًا لحالة المتحف شبه الكاملة في ذلك الوقت.

المتحف المصري الكبير – الجيزة

متحف لا مثيل له: رؤية المتحف المصري الكبير

عند التشغيل الكامل، سيضم المتحف المصري الكبير أكثر من 100000 قطعة أثرية، بما في ذلك المجموعة الكاملة من الكنوز من مقبرة الفرعون الصغير توت عنخ آمون. تتألف هذه المجموعة وحدها من 5500 قطعة، تم تخزين العديد منها لسنوات بسبب عدم وجود مكان عرض مناسب.

يلاحظ ليدبيتر أن المتحف الرئيسي السابق في مصر، المتحف المصري في ميدان التحرير، قد “تجاوز صلاحيته” منذ فترة طويلة كواجهة للتراث الأثري للبلاد.

تبلغ مساحة المتحف المصري الكبير 490 ألف متر مربع (5.3 مليون قدم مربع)، وهو أكبر متحف أثري في العالم. وتعكس تكلفة المشروع، المقدرة بنحو مليار دولار (766 مليون جنيه إسترليني)، حجمه الهائل وتصميمه الطموح. ويقع المتحف على بعد ميل واحد فقط من أهرامات الجيزة العظيمة، ويزيد قربه من هذه العجائب القديمة من جاذبيته، مما يخلق تجربة ثقافية لا مثيل لها للزوار.

فتح المتحف المصري الكبير في الجيزة أبوابه أخيرًا
المتحف المصري الكبير في الجيزة – تليجراف

يصف ليدبيتر المتحف المصري الكبير بأنه “المنشأة الحديثة التي احتاجتها مصر منذ فترة طويلة لتسليط الضوء على تراثها الفريد”. والمبنى نفسه عبارة عن أعجوبة حديثة، ترمز إلى رغبة مصر في دمج ماضيها القديم مع تطلعاتها الحالية إلى الشهرة الثقافية العالمية.

رمسيس الثاني ورمزية عظمة المتحف

تُعد قاعة الدخول الضخمة واحدة من أكثر السمات شهرة في المتحف المصري الكبير، حيث تضم تمثالًا يبلغ ارتفاعه 11 مترًا (36 قدمًا) ويزن 83 طنًا للفرعون رمسيس الثاني، الذي حكم بين عامي 1279 و1213 قبل الميلاد. وقد أصبح هذا التمثال، الذي تم اكتشافه عام 1820 بالقرب من مدينة ممفيس القديمة، صورة البطاقة البريدية للمتحف. بالنسبة إلى ليدبيتر، فإن أهمية تمثال رمسيس الثاني واضحة: فهو يقف كرمز لمجد مصر القديم، ويقدم للزوار مقدمة ملهمة للكنوز الموجودة داخل المتحف.

ومن المثير للاهتمام أن مومياء رمسيس الثاني ليست في المتحف المصري الكبير. فقد تم نقلها خلال “موكب الفراعنة الذهبي” في عام 2021 إلى المتحف الوطني للحضارة المصرية (NMEC) في القاهرة. كان هذا الموكب الاحتفالي، وهو مشهد مبهر أبهر الجماهير في جميع أنحاء العالم، بمثابة انتقال رمزي من ماضي مصر إلى مستقبلها. ومع ذلك، بينما تم افتتاح المتحف الوطني للحضارة المصرية بعد فترة وجيزة، ظل المتحف المصري الكبير مغلقًا لمدة ثلاث سنوات أخرى، مما أضاف إلى الغموض والإحباط المحيط بتأخيره.

المتحف المصري الكبير

عصر جديد للسياحة الثقافية في مصر

لا يعد افتتاح المتحف المصري الكبير مناسبة مهمة لمصر فحسب، بل إنه أيضًا نعمة لصناعة السياحة العالمية. لقد انتظر منظمو الرحلات وشركات الطيران والسياح هذه اللحظة بفارغ الصبر. يعد موقع المتحف المصري الكبير في الجيزة استراتيجيًا بشكل خاص، حيث يمكن الوصول إليه بسهولة من مطار أبو الهول الدولي الذي تم افتتاحه حديثًا في مصر. وهذا يعزز جاذبيته كوجهة سياحية عالمية.

بالنسبة لمصر، يمثل المتحف فرصة مهمة لاستعادة مكانتها كمركز ثقافي رائد، وخاصة بعد سنوات من الاضطرابات السياسية والاقتصادية. وكما يقول ليدبيتر ببلاغة، فإن المتحف المصري الكبير هو “المنشأة الحديثة التي احتاجتها مصر منذ فترة طويلة لتسليط الضوء على تراثها الفريد”. ويشير افتتاحه إلى فصل جديد لبلد غارق في التاريخ وغني بالقصص غير المروية التي تنتظر الكشف عنها.

متحف يستحق الانتظار

على الرغم من تأخير افتتاح المتحف المصري الكبير لأكثر من عقد من الزمان، فإنه يستحق الانتظار بلا شك. وكما يلاحظ ليدبيتر بحق، “إذا كانت الحضارة موجودة منذ أكثر من 5000 عام، فمن حقها أن تأخذ وقتها”. وبفضل مجموعته الضخمة من القطع الأثرية والمرافق المتطورة والموقع الاستراتيجي بالقرب من الأهرامات، من المقرر أن يصبح المتحف المصري الكبير مؤسسة مشهورة عالميًا لا تحتفل بالماضي الاستثنائي لمصر فحسب، بل وتعزز أيضًا مستقبلها في المشهد الثقافي العالمي.

أخيرًا، تمتلك مصر المتحف الذي تستحقه – وهو تحية عظيمة ومناسبة لتراثها القديم، وهو مفتوح الآن للعالم لاستكشافه.

زر الذهاب إلى الأعلى