المستشارون العسكريون المصريون يصلون الصومال.. إعادة تشكيل قوة القرن الإفريقي
وصول أول مستشارين عسكريين مصريين إلى مقديشو، لتجسيد أهداف اتفاقية التعاون العسكري بين الصومال ومصر، الموقعة في أغسطس
القاهرة -(خاص عن مصر)- وصل أول المستشارون العسكريون المصريون إلى مقديشو، تتجسد أهداف اتفاقية التعاون العسكري بين الصومال ومصر، الموقعة في أغسطس 2024، بحسب تحليل وكالة نوفا نيوز، التي تهدف لدعم وحدات الجيش الصومالي ومساعدة مهمة الاتحاد الأفريقي الجديدة في الصومال (AUSSOM).
تركز هذه الخطوة التركيز المتجدد للقاهرة على القرن الأفريقي، وهي المنطقة التي تزايد فيها نفوذ إثيوبيا، وفقًا لصحيفة ذا صومالي جارديان.
وفقًا لصحيفة ذا صومالي جارديان، يتمركز المستشارون العسكريون المصريون الآن على خطوط الإمداد الحيوية التي تستخدمها القوات الإثيوبية المشاركة في مهمة الاتحاد الأفريقي الحالية، ATMIS، والتي من المقرر أن تنتهي بحلول نهاية ديسمبر 2024.
تشير هذه التطورات إلى أن مصر تكثف مشاركتها في الصومال قبل نشر قوة عسكرية مصرية أكبر بحلول نهاية العام. وقد أثار هذا الوجود العسكري المتزايد القلق، وخاصة من إثيوبيا، التي تشهد الصومال علاقات متوترة بشكل متزايد معها.
أقرا أيضا.. خطوة مصر الاستراتيجية في القرن الأفريقي.. القاهرة تنجح حيث فشلت أنقرة
تصاعد التوترات بشأن اتفاقية إثيوبيا مع أرض الصومال
انخفضت العلاقات الهشة بالفعل بين الصومال وإثيوبيا بشكل حاد في أعقاب مذكرة التفاهم المثيرة للجدل التي تم توقيعها في الأول من يناير 2024 بين أديس أبابا وجمهورية أرض الصومال المعلنة ذاتيا. تسمح مذكرة التفاهم لإثيوبيا بالوصول إلى البحر الأحمر عبر ميناء بربرة، وهي خطوة استراتيجية أزعجت مقديشو بشدة. تنظر الصومال، التي لا تعترف باستقلال أرض الصومال، إلى هذه الاتفاقية على أنها انتهاك لسلامة أراضيها وتهديد كبير لسيادتها.
أدان الرئيس حسن شيخ محمود الخطوة الإثيوبية، متهمًا أديس أبابا بمحاولة ضم أجزاء من الأراضي الصومالية وتأسيس هيمنة عسكرية في البحر الأحمر. وقال محمود خلال مقابلة مع النسخة العربية من الجزيرة: “إثيوبيا لا تسعى فقط إلى ميناء؛ إنها تهدف إلى تعزيز وجودها العسكري في البحر الأحمر، وهو أمر غير مقبول تمامًا”.
دوافع مصر: رد على التوسع الإثيوبي
إن مشاركة مصر في الصومال يتجاوز التعاون العسكري. فلطالما كانت القاهرة عالقة في مواجهة متوترة مع إثيوبيا بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي يهدد إمدادات مياه النيل الحيوية لمصر. ومن خلال تعميق علاقاتها مع الصومال، تعمل مصر على وضع نفسها لمواجهة النفوذ الإثيوبي في المنطقة وممارسة الضغط على أديس أبابا بشأن نزاع مياه النيل.
وقد عززت القمة الثلاثية الأخيرة بين مصر والصومال وإريتريا هذه الاستراتيجية. وخلال الاجتماع في أسمرة، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى جانب الرئيس الصومالي محمود والرئيس الإريتري أسياس أفورقي، على أهمية حماية سيادة المنطقة وسلامة أراضيها. وأصدر القادة بيانًا مشتركًا يرحب بمساهمة مصر في جهود حفظ السلام في الصومال ويعبرون عن هدفهم الجماعي للحد من التوسع الإثيوبي في البحر الأحمر وما بعده.
التحركات العسكرية الإثيوبية واستجابة الصومال
لم تتعامل إثيوبيا باستخفاف مع التدخل العسكري المصري في الصومال. في الأسابيع الأخيرة، عززت القوات الإثيوبية وجودها في منطقة جيدو، وهي منطقة رئيسية في الصومال على الحدود مع إثيوبيا. استولت القوات الإثيوبية على مطارات استراتيجية وبدأت في تسليح ميليشيات العشائر، وهي الإجراءات التي وصفها الرئيس الصومالي محمود بأنها استفزازات مباشرة. إن نشر الجيش الإثيوبي للمركبات المدرعة والقوات على طول الحدود الصومالية يزيد من تفاقم التوترات.
يأتي هذا التصعيد العسكري في الوقت الذي وصل فيه المستشارون المصريون الأوائل لدعم القوات الصومالية، وخاصة في مناطق مثل هيرشبيلي وجنوب غرب وغالمودوغ. هناك أيضًا تقارير غير مؤكدة تفيد بأن مصر قد تنشئ قاعدة عسكرية في جنوب الصومال، وهو تطور من شأنه أن يغير بشكل كبير توازن القوى في المنطقة.
يُنظَر إلى الوجود الاستراتيجي لمصر في منطقة القرن الأفريقي باعتباره ثقلاً موازناً للطموحات الإثيوبية والتركية في المنطقة. ومع تحول منطقة القرن الأفريقي إلى بؤرة للمصالح المتنافسة، فإن التحالف الثلاثي بين مصر والصومال وإريتريا يرسل رسالة قوية إلى أديس أبابا والقوى الإقليمية الأخرى.