«المشرط الجراح».. قانون المسؤولية الطبية يثير قلق الأطباء بسبب العقوبات القاسية

أثار مشروع قانون المسؤولية الطبية الذي وافق عليه مجلس الوزراء في نهاية الشهر الماضي، وما زال قيد المناقشة في مجلس الشيوخ، جدلاً واسعًا داخل الأوساط الطبية، حيث النقاش حاليًا يشهد اعتراضات قوية من نقابة الأطباء التي ترفض عددًا من بنود المشروع، وخاصة تلك المتعلقة بالعقوبات.
ودعت النقابة إلى عقد جمعية عمومية طارئة يوم 3 يناير المقبل لبحث سبل التصدي لهذا المشروع، الذي وصفه وزير الصحة بـ”المشرط الجراح” في التعامل مع الأطباء.
نقابة الأطباء: قانون المسئولية الطبية غير عادل
أبدت نقابة الأطباء في مصر، اعتراضًا على المواد المتعلقة بالعقوبات، معتبرة أن تلك النصوص تقنن مسألة الحبس في قضايا الأخطاء الطبية، حتى في الحالات التي لا تتسم بالإهمال الجسيم.
وعبرت النقابة عن رفضها لفكرة الحبس في مثل هذه الحالات، مقترحة استبدال العقوبات بالتعويضات المالية كما هو الحال في دول عديدة، بما في ذلك دول الخليج التي يعمل بها عدد كبير من الأطباء المصريين.
عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، الدكتور إبراهيم الزيات، أكد أن مشروع القانون بصيغته الحالية سيزيد من إقبال الأطباء على ما يُسمى بـ”الطب الدفاعي”، وهو أسلوب يتبعه الأطباء لتجنب المساءلة القانونية عبر طلب المزيد من الفحوصات والاختبارات، مما يعرقل اتخاذ القرارات الطبية الحاسمة.
أضاف الزيات أن هذا القانون سيؤدي إلى تزايد ظاهرة هجرة الأطباء إلى الخارج بحثًا عن بيئة قانونية أفضل للعمل.
وزارة الصحة تُدافع عن مشروع القانون
من جانبها، دافعت وزارة الصحة عن مشروع القانون، مشيرة إلى أن الهدف منه هو تحقيق توازن عادل بين حقوق المرضى وواجبات الأطباء، بالإضافة إلى ضمان المساءلة في حالة حدوث أخطاء طبية.
في جلسة مجلس الشيوخ، أكد الدكتور حسين خضير، رئيس لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، أن القانون يهدف إلى حماية المرضى من الإهمال الطبي ويعالج قضايا الأخطاء الطبية بشكل عادل، بما يتماشى مع التطورات العلمية والتكنولوجية في المجال الطبي.
مواد العقوبات تثير قلق الأطباء
مادة 27 من مشروع القانون تقترح عقوبات قاسية ضد مقدمي الخدمة الصحية الذين يتسببون في وفاة المريض نتيجة خطأ طبي، حيث يمكن أن تصل العقوبة إلى الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر مع غرامة تصل إلى مائة ألف جنيه.
أما إذا كانت الجريمة نتيجة خطأ طبي جسيم أو تعاطي مقدم الخدمة للمسكرات أو المخدرات، فالعقوبة قد تصل إلى السجن لمدة خمس سنوات مع غرامة قد تصل إلى نصف مليون جنيه، والنقابة اعتبرت هذه العقوبات غير متناسبة مع طبيعة العمل الطبي.
اقرأ أيضًا: يمنع الاعتداء على مقدمي الخدمة.. تفاصيل قانون المسؤولية الطبية
إجراءات التأمين ومسؤوليات المنشآت الطبية
علاوة على العقوبات، ينص المشروع على إنشاء صندوق تأمين حكومي لدعم الأطباء والمنشآت الطبية في حالات الأخطاء الطبية، وذلك لتخفيف الأعباء المالية عنهم، ويشمل الصندوق أيضًا تغطية الأضرار التي قد تحدث خلال تقديم الخدمة الطبية حتى لو لم تكن مرتبطة بخطأ طبي، ويتضمن القانون تشكيل لجنة عليا للإشراف على تطبيق القوانين المتعلقة بالمسؤولية الطبية.
وتعتزم نقابة الأطباء تنظيم جمعية عمومية طارئة في الثالث من يناير المقبل، حيث يتوقع أن تعلن النقابة رفضها القاطع لمشروع القانون.
أكدت النقابة أنها ستتخذ كافة الإجراءات القانونية والاحتجاجية ضد المشروع، بما في ذلك التوجه إلى المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة للتدخل في القضية.
وفي هذا السياق، يتفق محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، مع النقابة في ضرورة إعادة النظر في مشروع القانون، مشددًا على ضرورة أن يكون الهدف منه هو حماية حقوق المرضى مع مراعاة حقوق الأطباء.
أشار فؤاد إلى أن النظام الطبي في مصر يعاني بالفعل من العديد من التحديات، مثل نقص المستلزمات الطبية، مما يجعل تحميل الأطباء المسؤولية وحدهم غير منطقي.