المعارك تدمر فرحة العيد بالسودان.. ماذا يحدث في كردفان؟

لم يعرف السودانيون في ولايات كردفان طعم عيد الأضحى هذا العام، فقد غابت تكبيرات العيد تحت ضجيج الطائرات المسيّرة، وتلاشت مظاهر الفرح في خضم معارك عنيفة اندلعت في قلب الأحياء والمدن.
وفجر الاثنين، استهدفت قوات الدعم السريع مجددًا مدينة الأبيض في شمال كردفان، في قصف جوي هو الثاني من نوعه خلال أربعة أيام فقط، مما حوّل العيد إلى كابوس جديد لسكان المنطقة.
الأبيض تحت النار للمرة الثانية
الهجوم الجديد بطائرة مسيرة على مدينة الأبيض جاء بعد قصف سابق استهدف مرافق مدنية صباح أول أيام العيد، ما أوقع حالة من الذعر بين السكان، خاصة أن المدينة كانت تُعد من المناطق الأكثر استقرارًا نسبيًا في الإقليم.
ولا تزال حصيلة الخسائر غير معلنة وسط حالة من الترقب والقلق الشعبي من تجدد الهجمات في أي لحظة.
تصعيد لافت في ولايات كردفان الثلاث
تزامن الهجوم على الأبيض مع تصعيد واسع في ولايات كردفان الثلاث – شمال، وجنوب، وغرب كردفان – حيث باتت هذه المنطقة الحيوية ميدانًا لصراع محتدم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في وقت يحاول فيه كل طرف تعزيز مكاسبه الميدانية بعد معركة السيطرة على العاصمة الخرطوم.
ومنذ أن أعلن الجيش السوداني فرض سيطرته على العاصمة الخرطوم، تحولت أنظار الطرفين نحو كردفان، وخصوصًا أنها تمثل حلقة وصل استراتيجية بين وسط البلاد وغربها.
وبحسب تقارير فإن الجيش يسعى إلى التوغل في إقليم دارفور عبر بوابة كردفان، بينما تعتبرها قوات الدعم السريع خط الدفاع الأول عن معاقلها في الغرب، إضافة إلى كونها منصة انطلاق نحو أي محاولة جديدة للوصول إلى الخرطوم.
شريان الحرب
يشكل “طريق الإنقاذ الغربي”، الممتد من الخرطوم إلى ولايات كردفان ودارفور، هدفًا مشتركًا للطرفين. فالجيش يعتبره ممرًا حيويًا لحملاته البرية،
في حين تراه قوات الدعم السريع شريانًا يجب قطعه لمنع أي تقدم عسكري نحو الغرب. السيطرة عليه قد تعني كسر الحصار على دارفور أو إعادة فرضه، وهو ما يفسر حدة المعارك التي تدور في محيطه.
معارك غرب كردفان
في ولاية غرب كردفان، اندلعت معارك عنيفة في مدينتي الخوي والنهود، انتهت بسيطرة قوات الدعم السريع عليهما بعد تبادل متكرر للسيطرة.
وفق مراقبون تكتسب هذه الولاية أهمية اقتصادية وعسكرية، نظرًا لاحتوائها على أبرز حقول النفط في السودان، ما يجعلها محورًا استراتيجيًا لا يمكن التفريط به لأي من الطرفين.
أما مدينة بابنوسة، والتي تضم مقر الفرقة 22 مشاة التابعة للجيش، فقد شهدت هجمات ضارية من قوات الدعم السريع، لكن الجيش نجح في صدها والحفاظ على مواقعه.
شمال كردفان في مرمى الطائرات المسيّرة
في شمال كردفان، يتواصل التصعيد العسكري، خاصة عبر الطائرات المسيّرة التي باتت السلاح الأبرز للدعم السريع في الهجوم على مدن مثل الأبيض والرهد.
وتعمل قوات الدعم السريع على التقدم جنوبًا انطلاقًا من مدينة بارا، بينما يركز الجيش على طردها من الشمال وبعض جيوبها جنوب الولاية تمهيدًا لفك الحصار عن جنوب كردفان.
المدنيون يدفعون الثمن
في ظل هذه التحولات الميدانية، يبقى المواطن السوداني في ولايات كردفان هو الضحية الأولى. آلاف السكان نزحوا من منازلهم، والمدن باتت شبه خالية من الخدمات، فيما تعاني المستشفيات من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الأساسية.
بالنسبة لكثيرين، لم يأتِ عيد الأضحى سوى بالمزيد من الألم والمعاناة. طقوس العيد تلاشت، والمواشي التي كانت تُذبح باتت تُنهب، والطرقات تحولت إلى خطوط تماس، وأصبح الاحتفال جريمة في نظر الحرب.