المنارة.. جواد ظريف يقترح اتفاقا نوويا إقليميا للشرق الأوسط
بعد عقد من الاتفاق النووي الإيراني، يُعيد وزير الخارجية الإيراني السابق وكبير المفاوضين النوويين، جواد ظريف، الدعوة إلي اتفاقا نوويا إقليميا لنزع السلاح النووي في الشرق الأوسط.
ومع وقوف المنطقة مجدداً على شفا كارثة – تشهد حروباً جديدة وتزايداً في انعدام الثقة – يُجادل ظريف، في مقال له بالجارديان، بأن النهج التعاوني في التطوير النووي السلمي لم يعد مرغوباً فيه فحسب، بل ضرورياً للأمن والازدهار.
الطريق الطويل نحو شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية
يُذكّر ظريف القراء بأن إيران ومصر اقترحتا لأول مرة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط عام 1974. وعلى الرغم من الدعم السنوي الساحق في الأمم المتحدة والالتزامات الواضحة في معاهدة حظر الانتشار النووي، إلا أن التقدم ظلّ مُعرقلاً باستمرار، ولا سيما من قِبل إسرائيل وداعميها الأمريكيين.
بعد ثلاثين عامًا من مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي لعام 1995- عندما أحرزت أكثر من 100 دولة من دول عدم الانحياز تقدمًا بشأن إنشاء هذه المنطقة كشرط لتمديد المعاهدة – لا تزال المنطقة تفتقر إلى إطار عمل خالٍ من الأسلحة النووية.
الأسوأ من ذلك، أن السنوات الأخيرة أظهرت أن امتلاك الأسلحة النووية لم يحقق الأمن ولا الاستقرار للمنطقة. ويشير ظريف إلى الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية الخاضعة للمراقبة كدليل على أن سياسة حافة الهاوية النووية لا تحقق النصر أو السلامة، بل قد تُشعل صراعًا إقليميًا أو عالميًا.
منارة: مسار إقليمي نحو التقدم الذري
كفى، يقول ظريف. لقد حان الوقت لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتجاوز اللوم وانعدام الثقة، والتوجه نحو تعاون حقيقي. والحل الذي يقترحه هو شبكة الشرق الأوسط للبحوث والتقدم الذري – “منارة”.
سترحب “منارة” بجميع الدول المؤهلة في المنطقة الراغبة في التخلي عن الأسلحة النووية وقبول التحقق المتبادل من الامتثال. في المقابل، سيستفيد الأعضاء من التكنولوجيا النووية السلمية، التي تشمل الطاقة والطب والزراعة والبحث العلمي.
لا يُنظر إلى منارة كبديل لنزع السلاح، بل كخطوة ملموسة نحوه. فمن خلال ضمانات ورقابة قوية، يمكنها تعزيز منع الانتشار، وتعزيز أمن الطاقة، ومساعدة المنطقة على مواجهة تحديات مثل أزمة المناخ، وتناقص النفط والغاز، وندرة المياه، والأمن الغذائي.
إعادة صياغة النقاش الإقليمي
يجادل ظريف بأن النقاش النووي في الشرق الأوسط ركز لفترة طويلة على المخاطر والتهديدات، متجاهلاً إمكانات العلوم النووية في تلبية احتياجات التنمية العاجلة. مع تقلص الموارد وتزايد السكان، يمكن للطاقة الذرية أن تدفع عجلة النمو المستدام والاستقرار.
ستنسق منارة البحث والتعليم والتنمية الصناعية، وتدعم المشاريع المشتركة من تخصيب اليورانيوم إلى النظائر الطبية، وكلها تخضع لتنظيم مجلس مشترك مع مراقبين دوليين.
أقرا أيضا.. كيف حوّلت الأسلحة الأمريكية عصابات هايتي إلى جيش؟ أكثر بقاع العالم عنفًا
ترسانة إسرائيل النووية: المشكلة الحقيقية
لا يتجاهل ظريف العقبة الرئيسية: ترسانة إسرائيل النووية غير المعترف بها. يؤكد ظريف أن العالم لا يمكن أن يسمح لأسلحة دولة واحدة باحتجاز مئات الملايين رهينة لانعدام الأمن الدائم، خاصةً عندما تُظهر تلك الدولة تجاهلًا للأعراف الدولية والشرعية.
مع ذلك، يُجادل ظريف بأن المنطقة لا تستطيع انتظار تغيير إسرائيل لمسارها. ويُصرّ على أن منارة يمكن أن تمضي قدمًا دون مشاركة إسرائيلية – على الأقل في البداية – مما يُظهر أن التعاون ونزع السلاح ممكنان ومفيدان.
منارة أمل وسط الانقسام
ستكون لمنارة مقر إقليمي ومكاتب فرعية، وربما مرافق تخصيب مشتركة. وستقع الإشراف على عاتق مجلس إدارة إقليمي وشركاء دوليين، مما يضمن ضمانات قوية. وستُوزّع المساهمات والفوائد بشكل متناسب بين الأعضاء. يحثّ ظريف دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على تأييد منارة وبدء المفاوضات – والأفضل إطلاق المشروع في قمة إقليمية برعاية الأمم المتحدة.
يختتم بتحذير: الوضع الراهن غير قابل للاستمرار، وكابوس التصعيد النووي لم يعد افتراضيًا. لكن ظريف لا يزال متفائلاً:
“يمكن أن تكون منارة منارة نبراساً يرشدنا نحو مستقبل لا يعود فيه الشرق الأوسط ساحة معركة على حافة الهاوية النووية، بل قائداً في السلام والتقدم والطاقة المسؤولة. الآن هو وقت التحرك.”