الهند تتصدر العالم ومصر تتألق عربيا.. قائمة الدول الأكثر قراءة في العالم

في عالم يتسارع فيه التحول الرقمي وتتنافس فيه الشاشات على انتباه الناس، تبقى القراءة معيارا مهما لقياس الوعي الثقافي والتعليمي. وبحسب بيانات مؤشر “NOP World CultureScore”، الذي يقيس متوسط عدد ساعات القراءة أسبوعيا للفرد في دول مختلفة، تأتي الهند في صدارة الدول الأكثر قراءة في العالم بمتوسط قراءة مذهل يبلغ 10 ساعات و42 دقيقة أسبوعيا.

مصر.. ركيزة فكرية تعيد الاعتبار للكلمة المكتوبة

وفي السياق ذاته، تسجل مصر أداء ملحوظا، إذ جاءت في المرتبة الخامسة عالميا والأولى عربيا، بمتوسط قراءة أسبوعي بلغ 7 ساعات و30 دقيقة.

ولا يعكس هذا الرقم مجرد اهتمام فردي، بل هو دلالة واضحة على جذور ثقافية عميقة لمجتمع يرى في القراءة وسيلة للحفاظ على الهوية والانفتاح على العالم.

فبفضل مؤسساتها مثل جامعة الأزهر ومكتبة مصر الوطنية، لطالما عززت البلاد تراثا راسخًا في الأدب والنشر الأكاديمي والتفاعل العام مع الكلمة المكتوبة. ويؤكد هذا المكان ريادة مصر الثقافية المستمرة في العالم العربي، حتى في عصر يهيمن عليه المحتوى الرقمي.

وتميز مصر في هذا التصنيف ليس مجرد رقم، بل يمثل انعكاسا لنهضة ثقافية تعيشها البلاد، رغم التحديات الاجتماعية والاقتصادية. ويرى خبراء ومثقفون أن إقبال المصريين على القراءة يعكس مجتمعا يثمن المعرفة ويحتضن الحوار الفكري.

وتشير المظاهر الثقافية المتزايدة – من معارض الكتب المتنقلة إلى المنصات الرقمية التي تعزز من المحتوى القرائي – إلى أن مصر ما تزال تحتفظ بمكانتها كـ”عاصمة الفكر العربي”، بحسب وصف بعض النقاد. ويؤكد أحد المثقفين في القاهرة: “القراءة في مصر ليست ترفا، بل ضرورة تربط الماضي بالحاضر، وتفتح أبواب المستقبل.”

آسيا تهيمن.. ثقافة القراءة كقوة ناعمة

تظهر نتائج المؤشر تفوقا آسيويا لافتا، فإلى جانب الهند، جاءت تايلاند في المرتبة الثانية بمتوسط 9 ساعات و24 دقيقة، تليها الصين بـ8 ساعات، بينما حافظت الفلبين (7:36) وهونج كونج (6:30) على مراكز متقدمة.

وتعكس هذه النتائج تزايد الوعي في القارة الآسيوية بأهمية القراءة كأداة للتنمية الشخصية والمجتمعية، وكوسيلة لتعزيز المهارات الفكرية وسط تحديات العصر الرقمي.

أوروبا والغرب.. أداء متفاوت بين دول الشمال والجنوب

تبدو الصورة أكثر تنوعا في القارة الأوروبية، حيث تسجل دول مثل جمهورية التشيك، السويد، فرنسا، والمجر متوسطات قراءة جيدة تتراوح بين 6.5 إلى 7 ساعات أسبوعيا. في المقابل، تأتي دول مثل المملكة المتحدة (5:18) وألمانيا (5:42) والولايات المتحدة (5:42) في مراكز متأخرة مقارنة بدول آسيا والشرق الأوسط.

ويطرح هذا التفاوت تساؤلات حول الدور الذي تلعبه المؤسسات التعليمية والإعلامية في ترسيخ عادة القراءة لدى الأفراد في هذه المجتمعات.

أمريكا اللاتينية وأوقيانوسيا.. أداء متوسط ومستقر

وتظهر الأرجنتين (5:54)، المكسيك (5:30)، والبرازيل (5:12) مستويات معتدلة في معدلات القراءة، وهو ما قد يشير إلى تأثيرات اقتصادية وثقافية متعددة.

أما أستراليا، فتتفوق قليلا على نظيراتها الغربية بمتوسط 6:18. واللافت في الترتيب أن اليابان (4:06) وكوريا الجنوبية (3:06) – رغم تطور أنظمتهما التعليمية – تأتيان في المراتب الأخيرة، ما قد يعزى إلى التحول نحو الاستهلاك الرقمي على حساب النصوص المكتوبة.

اقرأ أيضا.. أطول 10 ناطحات سحاب تحت الإنشاء في دبي .. شاهد

القراءة.. مرآة القيم الوطنية

وتقدم بيانات مؤشر CultureScore فرصة لفهم كيف تعبر القراءة عن هوية الأمم وقيمها. فالدول ذات الأداء المرتفع، مثل الهند ومصر، تشترك في سمات واضحة: تراث ثقافي غني، نظام تعليمي يدعم القراءة، ومجتمع يقدر المعرفة.

وفي المقابل، فإن الدول التي جاءت في ذيل القائمة قد تستفيد من مراجعة استراتيجياتها التعليمية والثقافية، لتعزيز حضور الكلمة المكتوبة في حياة الأفراد. ففي عالم يشهد تزايد الاعتماد على المحتوى السريع والرقمي، يبقى تعزيز القراءة أحد أعمدة التماسك الثقافي وبناء الإنسان الواعي، القادر على التفكير النقدي والمشاركة الفاعلة في المجتمع.

الدول الأكثر قراءة
بيانات مؤشر “NOP World CultureScore” للدول الأكثر قراءة
زر الذهاب إلى الأعلى