الهند وباكستان.. صراع جوي متجدد وترتيب عالمي يعيد رسم موازين القوى

في خضم التوتر المزمن بين القوتين النوويتين في جنوب آسيا، تعود الأنظار مجددًا إلى سلاحي الجو في الهند وباكستان، خاصة بعد الجدل الأخير حول أداء مقاتلات “رافال” الهندية في مواجهة طائرات “JF-17” الباكستانية في سيناريوهات قتالية.
ورغم أن الهند تُعرف بتفوقها العددي والتكنولوجي، إلا أن باكستان استطاعت أن تفرض نفسها لاعبًا جويًا لا يُستهان به، معتمدة على تطوير النوع والفعالية أكثر من الكم، فكيف تبدو صورة التفوق الجوي بين البلدين في عام 2024؟ وما هو الترتيب العالمي الحقيقي لسلاح الجو في كل منهما؟
القوة الجوية للهند.. ضخامة العدد وتنوع المصادر
تحتل الهند المرتبة الرابعة عالميًا في تصنيف القوى الجوية وفقًا لمؤشر Global Firepower لعام 2024، وتُعد من أكثر الدول استثمارًا في تطوير قدراتها الجوية، تمتلك أكثر من 2200 طائرة عسكرية، ما بين مقاتلات، مروحيات، طائرات نقل، طائرات تدريب، وأنظمة بدون طيار.
طائرات روسية وفرنسية ومحلية
يعتمد سلاح الجو الهندي على طائرات ثقيلة ومتقدمة مثل “سوخوي 30 إم كاي آي” الروسية، التي تُعد العمود الفقري للقوة الجوية، إلى جانب 36 طائرة “رافال” فرنسية حديثة، كما بدأت الهند في إدخال طائرات “تيجاس” محلية الصنع إلى الخدمة تدريجيًا، في خطوة لتعزيز التصنيع العسكري المحلي.

كما تمتلك الهند عددًا من الطائرات المسيرة من طراز “هيرون” الإسرائيلية، وتُطوّر طائراتها الخاصة مثل “روستوم”، وتدعم قدراتها بوجود مروحيات هجومية أمريكية من طراز “أباتشي AH-64”، وطائرات نقل ثقيل مثل “C-17” و”IL-76”، بالإضافة إلى طائرات تزود بالوقود جواً.
القوة الجوية لباكستان.. كفاءة بتكلفة أقل
رغم أن باكستان تأتي في المرتبة التاسعة عالميًا من حيث القوة الجوية، إلا أن المقارنة لا تُحسم بالأرقام وحدها. تمتلك إسلام آباد نحو 1430 طائرة عسكرية، وتتبنى إستراتيجية تعتمد على الفعالية وتكامل الأنظمة بدلًا من الكم.
مقاتلات صينية وأمريكية
المقاتلة الصينية-الباكستانية “JF-17 Thunder” تمثل العمود الفقري لسلاح الجو الباكستاني، خاصة بعد إدخال النسخة المتطورة “Block III” المزودة برادارات AESA وقدرات تشويش إلكتروني، وتحتفظ باكستان أيضًا بعدد مهم من مقاتلات “F-16” الأمريكية، التي تعتبر من بين الأفضل في الاشتباكات الجوية القصيرة.

طائرات مسيرة هجومية صينية وتركية
إلى جانب المقاتلات، عززت باكستان قدراتها الجوية بطائرات مسيرة هجومية مثل “Bayraktar TB2” التركية و”Wing Loong II” الصينية، ما أضاف بُعدًا جديدًا لمرونتها في الميدان. كما تستخدم طائرات نقل عسكرية من طراز “C-130”، بالإضافة إلى طائرات تزود بالوقود من نوع “IL-78”.
من الأقوى؟ قراءة تحليلية للتفوق الجوي
التفوق الهندي من حيث العدد والتكنولوجيا واضح، خاصة مع امتلاكها لمقاتلات ثقيلة ونظم دفاع جوي متقدمة مثل “إس-400”. لكن هذا لا يعني تفوقًا مطلقًا، إذ أن باكستان استطاعت أن تحقق توازنًا نسبيًا من خلال الاعتماد على الطائرات الخفيفة وفعالية التكلفة والتكامل التقني مع الصين وتركيا.
ويُحسب لباكستان أنها استثمرت بشكل ذكي في الطائرات بدون طيار والحرب الإلكترونية، وهو ما يجعلها قادرة على الردع والضرب الدقيق دون الحاجة إلى مواجهة تقليدية مباشرة.
اللواء هشام الحلبي: التفوق الجوي لا يقاس بالأرقام!
يرى اللواء طيار أركان حرب هشام الحلبي، المستشار بالأكاديمية المصرية العسكرية، أن التفوق الجوي لا يُقاس فقط بعدد الطائرات أو نوعيتها، بل “بمدى التكامل بين أنظمة القيادة والسيطرة، وكفاءة الطيارين، وقدرات الحرب الإلكترونية”.
ويضيف في تصريحات لموقع خاص عن مصر: “الهند لديها تنوع هائل في مصادر التسليح، لكنه يخلق تحديات في الصيانة والتكامل، بينما تعتمد باكستان على عدد أقل من الأنظمة لكن بتجانس كبير. في المعارك الجوية الحديثة، قد تتفوق طائرة أخف وزنًا إذا أحسنت استخدامها، خاصة مع التطور في مجالات الرادارات والتشويش”.
وأشار اللواء الحلبي إلى أهمية التدريب المشترك والخبرات القتالية، مؤكدًا أن باكستان لديها ميزة نسبية من خلال التمارين المستمرة مع الصين وتركيا، بينما تركز الهند على تحديث البنية التحتية والاعتماد على التصنيع المحلي، وهو توجه استراتيجي بعيد المدى.
توازن هش وساحة مفتوحة للمفاجآت
السباق بين الهند وباكستان ليس مجرد تنافس إقليمي، بل جزء من مشهد استراتيجي أوسع يمتد ليشمل الصين والولايات المتحدة وروسيا. وبينما تتجه الهند نحو المزيد من التصنيع المحلي والشراكات الغربية، تعتمد باكستان على التحالفات الشرقية والتكنولوجيا منخفضة التكلفة. ومع استمرار سباق التسلح الجوي، تبقى السماء بين البلدين ساحة مفتوحة للمفاجآت.
اقرأ أيضاً: أمريكا تقرر تمديد عمل حاملتي الطائرات أسبوعًا آخر.. هل فشلت حملة واشنطن ضد الحوثيين؟