الولايات المتحدة تركت ترسانة أسلحة لـ “طالبان” في أفغانستان .. كيف حدث؟

أفادت تقارير استخباراتية أن ترسانة أسلحة أمريكية – حوالي نصف مليون قطعة سلاح – استولت عليها طالبان بعد سقوط كابول في أغسطس 2021 قد فُقدت أو بِيعت أو نُقلت إلى جماعات مسلحة .. وذلك وفقًا لتحقيق نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
ترسانة أسلحة أمريكية ذهبت لطالبان عند عودتها للسلطة
وأشارت التقارير أنه عندما عادت طالبان إلى السلطة، سيطرت على ترسانة تُقدر بحوالي مليون قطعة من المعدات العسكرية، مُوِّلت وزودت الولايات المتحدة معظمها خلال عقدين من دعمها للجيش الوطني الأفغاني.
وشمل هذا المخزون أسلحة صغيرة أمريكية الصنع مثل بنادق هجومية من طراز M4 وM16، ومركبات تكتيكية مدرعة مثل عربات همفي ومركبات مقاومة للألغام والكمائن (MRAP)، بالإضافة إلى العديد من طائرات الهليكوبتر من طراز UH-60 بلاك هوك.
وقد تركت القوات الأمريكية جزءًا من هذه المعدات خلال انسحابها المتسرع، بينما تخلت القوات الأفغانية عن جزء آخر أثناء تراجعها أمام تقدم طالبان.
وخلال اجتماع مغلق للجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي عُقد في الدوحة نهاية عام 2024، أفادت التقارير أن ممثلي طالبان أقروا بأن ما يقرب من نصف الترسانة التي تم الاستيلاء عليها “مجهول المصير”.
وأكد مصدر مقرب من اللجنة أن مكان وجود حوالي 500 ألف قطعة لا يزال مجهولًا. وقد أثارت هذه الخسارة مخاوف جدية بشأن الاستقرار الإقليمي، لا سيما وأن العديد من الجماعات المسلحة – بما في ذلك حركة طالبان الباكستانية، والحركة الإسلامية في أوزبكستان، والحركة الإسلامية في تركستان الشرقية، وجماعة أنصار الله في اليمن – يُعتقد أنها حصلت على هذه الأسلحة عبر قنوات السوق السوداء أو التحويلات المباشرة.
وقد أثار هذا الكشف، المدعوم من مصادر دبلوماسية وتقييمات الأمم المتحدة، مخاوف متزايدة بشأن الانتشار غير المنضبط للمعدات العسكرية غربية الصنع في مناطق النزاع، لا سيما بين المنظمات التابعة لتنظيم القاعدة أو غيرها من الشبكات المتطرفة.
وصرح مسؤول أفغاني سابق، أجرت معه هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) مقابلةً دون الكشف عن هويته، بأن هذه المواد تم الاستيلاء عليها تدريجيًا مع انهيار خطوط المواجهة، وسط استسلامات وفرار واسع النطاق.
مئات العربات الهمفي وطائرات الهليكوبتر مُخزّنة في “قندهار” دون استخدام
وقد صرح مسؤول حكومي أفغاني سابق لبي بي سي بأن مئات من عربات الهمفي ومركبات MRAP وطائرات الهليكوبتر بلاك هوك غير المستخدمة لا تزال مخزنة في مستودعات في قندهار.
في الوقت الذي تُكافح فيه طالبان لتشغيل وصيانة أنظمة معقدة بسبب نقص الفنيين المُدرّبين، فقد نجحت في نشر معدات أبسط، مثل الأسلحة الصغيرة والمركبات التكتيكية، في عملياتها العسكرية.
وقد صدر تقريرًا للأمم المتحدة عام 2023 أشار إلى أنه سُمح لقادة طالبان المحليين بالاحتفاظ بما يصل إلى 20% من الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها. ورغم انتمائهم للحركة، غالبًا ما يتمتع هؤلاء القادة باستقلالية واسعة في مناطقهم.
من الجانب الأمريكي، أفاد المفتش العام الخاص لإعادة إعمار أفغانستان (SIGAR) بانخفاض عدد الأسلحة في عمليات التدقيق التي أجراها، لكنه أقر في تقرير صدر عام 2022 بعدم قدرته على تحديد أرقام دقيقة.
من جانبها، صوّرت حركة طالبان امتلاك هذه المعدات رمزًا للنجاح العسكري. وصرح المتحدث باسمها، ذبيح الله مجاهد، للتلفزيون الأفغاني الرسمي بأن هذه الأسلحة صودرت من الحكومة السابقة وستُستخدم للدفاع عن البلاد.
“طالبان” تستعرض الأسلحة الأمريكية
وكثيرًا ما تُعرض طالبان هذه المواد في مقاطع فيديو دعائية، لا سيما في مطار باغرام، الذي كان في السابق مركزًا للعمليات العسكرية الأمريكية في أفغانستان.
بينما صرّح البنتاغون عام 2021 بأن معظم المعدات المتبقية قد عُطّلت قبل الانسحاب، إلا أن طالبان تمكنت مع ذلك من إعادة بناء قوة عسكرية فاعلة باستخدام هذه المعدات. ومنذ ذلك الحين، حققت تفوقًا عملياتيًا على الجماعات المنافسة، بما في ذلك الجبهة الوطنية للمقاومة وتنظيم الدولة الإسلامية في خراسان.
وكانت الولايات المتحدة، منذ 2003، قد دعمت القوات الأفغانية بما لا يقل عن 100 ألف سلاح خفيف، مثل “M-16” و”M-4″، بالإضافة إلى 76 ألف مركبة، و16 ألف جهاز رؤية ليلية، بالإضافة إلى 162 ألف جهاز اتصال لاسلكي.
ترامب: معدات عسكرية بـ85 مليار دولار في أفغانستان
سرعان ما اكتسبت هذه القضية أهمية سياسية في الولايات المتحدة، مما أثار انتقادات لاستراتيجية الانسحاب العسكري التي نفذتها إدارة بايدن. وقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرارًا وتكرارًا عن نيته استعادة المعدات المهجورة.
وفي خطاب عام، ادعى أن معدات عسكرية بقيمة 85 مليار دولار قد تُركت وراءها، مضيفًا أن أفغانستان أصبحت “واحدة من أكبر بائعي المعدات العسكرية في العالم”.
وتبقى تلك الأسلحة علامة استفهام ولُغز كبير لم يتم حله بعد، لماذا تُركت إثر الانسحاب الأمريكي المُفاجئ؟ وما الهدف من ذلك؟
اقرأ أيضاً: أمريكا تنفق 4.2 مليار دولار لتطوير “مناطيد المراقبة” .. ما الأسباب وفيما يستخدم؟