الولايات المتحدة تواجه مستويات ديون قياسية مع تخطيط الجمهوريين لخفض الضرائب
القاهرة (خاص عن مصر)- توشك الولايات المتحدة على الدخول في أزمة مالية غير مسبوقة؛ حيث من المتوقع أن تواجه مستويات ديون قياسية على مدى العقد المقبل.
وفقا لتقرير نيويورك تايمز، تكشف أحدث توقعات الميزانية من مكتب الميزانية بالكونجرس أن البلاد تواجه عجزًا مذهلاً في الميزانية يبلغ 1.9 تريليون دولار هذا العام، وأن العجز السنوي على مدى العقد المقبل سيبلغ 21.1 تريليون دولار. يضيف هذا التوقع المزعج إلى الدين الوطني، الذي يتجاوز حاليًا 36 تريليون دولار.
الخسائر الاقتصادية: ارتفاع الديون مع تزايد العجز
يسلط تقرير مكتب الميزانية بالكونجرس الجديد الضوء على التحديات المالية المتزايدة التي تواجهها الأمة. بحلول عام 2035، من المتوقع أن يرتفع الدين الوطني للولايات المتحدة إلى مستوى قياسي يبلغ 118٪ من الناتج المحلي الإجمالي، متجاوزًا نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي الحالية البالغة 100٪.
تتمثل العوامل الأساسية وراء هذا الخلل المالي في ارتفاع تكاليف برامج شبكة الأمان الاجتماعي وتصاعد نفقات الفائدة. إن هذه العوامل تعمل على تعميق الفجوة المالية في البلاد، مع عدم وجود أي تخفيف فوري في الأفق.
وبينما تعكس الأرقام الصادرة عن مكتب الميزانية في الكونجرس عجزاً أصغر قليلاً مما كان متوقعاً في السابق، بسبب ارتفاع الأجور وقيم الأسهم، فإن التوقعات طويلة الأجل تظل قاتمة. ويرتبط جزء كبير من العجز بانتهاء التخفيضات الضريبية لعام 2017، والتي من المقرر أن تنتهي هذا العام.
ومع ذلك، مع استعداد الرئيس المنتخب دونالد جيه ترامب لاستعادة منصبه وسيطرة الجمهوريين الكاملة على الكونجرس، فإن استمرار هذه التخفيضات الضريبية أمر شبه مؤكد.
أقرا أيضا.. الوزراء الإسرائيلي يعطي الضوء الأخضر لوقف إطلاق النار في غزة
تكلفة تمديد التخفيضات الضريبية
إن تمديد التخفيضات الضريبية لعام 2017 سيكون له تأثير مالي كبير. وتشير تقديرات مكتب الميزانية في الكونجرس السابقة إلى أن استمرار هذه التخفيضات قد يكلف الحكومة الأمريكية أكثر من 4 تريليون دولار على مدى العقد المقبل. وعلى الرغم من المخاوف بشأن الديون المتصاعدة، لم يقدم الرئيس ترامب ومستشاريه بعد حلولاً ملموسة لتقليص العجز في الميزانية.
في جلسة استماع حديثة للتأكيد، أقر مرشح ترامب لمنصب وزير الخزانة، سكوت بيسنت، بـ “مشكلة الإنفاق” في البلاد لكنه امتنع عن تحديد تخفيضات محددة. وشدد بيسنت على الحاجة إلى معالجة الإنفاق التقديري المحلي الفيدرالي، مشيراً إلى الحد من الهدر كاستراتيجية رئيسية.
يتضمن اقتراحه إنشاء صندوق ثروة سيادي أمريكي للاستفادة من الأصول الأمريكية وخفض العجز السنوي في الميزانية إلى 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي – نزولاً من 6.2٪ التي توقعها مكتب الميزانية في الكونجرس لهذا العام.
استراتيجية ترامب: الكفاءة بدلاً من التخفيضات؟
لمعالجة الأزمة المالية، أعلن الرئيس ترامب عن خطط لإنشاء وزارة كفاءة الحكومة، بهدف تحديد الإنفاق المسرف. ومع ذلك، فإن قدرة الوزارة على سن التغيير الحقيقي غير واضحة، حيث ستعمل إلى حد كبير كهيئة استشارية بدون سلطة مباشرة لخفض الإنفاق.
وفي حين قلل ترامب من تأثير تمديد التخفيضات الضريبية على عجز الميزانية، أثار اقتراحه بتوليد الإيرادات الضريبية من خلال التعريفات الجمركية على الواردات تساؤلات. وهو يقترح أن الإيرادات من “خدمة الإيرادات الخارجية” الجديدة يمكن أن تعوض تكلفة هذه التخفيضات الضريبية.
لكن حتى التعريفة الجمركية الشاملة بنسبة 20%، كما اقترحت مؤسسة الضرائب، لن تجمع سوى 3.3 تريليون دولار من عام 2025 إلى عام 2034 ــ وهو أقل كثيرا من العجز المتوقع.
السياسات الجمهورية وخفض تمويل مصلحة الضرائب
من المتوقع أيضا أن تؤدي سياسات أخرى يتبناها الجمهوريون إلى تفاقم العجز. ويسلط تقرير مكتب الميزانية في الكونجرس الضوء على خفض مقترح بقيمة 20 مليار دولار لمصلحة الضرائب الداخلية، والتي كانت لتستخدم الأموال لملاحقة المتهربين من الضرائب.
من المتوقع أن تضيف هذه التخفيضات 46 مليار دولار إلى عجز الميزانية حتى عام 2034. كما تدرس إدارة ترامب والجمهوريون المزيد من تخفيضات تمويل مصلحة الضرائب، حيث اقترح بيسنت أن تركز الوكالة على ترقية تكنولوجيتها بدلا من استهداف المتهربين من الضرائب الأثرياء.
مستقبل مالي قاتم
تواجه الولايات المتحدة وضعا ماليا متزايد الخطورة، مع تزايد العجز ومستويات قياسية من الدين الوطني. في حين وعد الرئيس ترامب وإدارته بمعالجة “مشكلة الإنفاق” في البلاد، فإن اعتمادهم على التخفيضات الضريبية والتعريفات الجمركية كحلول يثير تساؤلات خطيرة حول التأثير الطويل الأجل على الاقتصاد.
ومع استمرار الحكومة الأمريكية في التعامل مع تحدياتها المالية، يظل المسار إلى الأمام غير واضح، مع تحذير الخبراء من مسار غير مستدام يمكن أن يكون له عواقب بعيدة المدى على المستقبل الاقتصادي للبلاد.