انتخابات العراق.. هل يخطط الصدر لعودة غير متوقعة تُربك حسابات الإطار التنسيقي؟

تُكثِّف قوى “الإطار التنسيقي” في العراق تحركاتها لإقناع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بإعادة النظر في قرار مقاطعة الانتخابات المقبلة، إلا أن كافة المؤشرات المتداوَلة حتى الآن تفيد أنَّ الصدر لا يزال على موقفه، رغم الوساطات السياسية والدينية التي تتسابق للوصول إلى مقره في النجف.

بحسب تقارير ففي مقدمة الوسطاء، يبرز زعيم تيار الحكمة، عمار الحكيم، الذي قاد جهودًا متواصلة لإعادة فتح خطوط الاتصال مع “الحنانة”، مقر إقامة الصدر في النجف.

كما استعان بعض قادة الإطار برجل الدين مصطفى اليعقوبي، المعروف بعلاقاته المتوازنة بين الأطراف المختلفة، لكن دون نتائج ملموسة حتى اللحظة.

مصادر مطلعة أكَّدت أن كل هذه الجهود لم تثمر عن اختراق حقيقي في جدار الرفض الصدري، رغم مشاركة شخصيات بارزة من داخل الإطار التنسيقي.

السوداني يدخل على الخط

حتى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، دخل على خط الوساطات، وأرسل مبعوثًا شخصيًا إلى الصدر يحمل رسالة تطلب دعمًا انتخابيًا مقابل “ضمانات سياسية”، بحسب ما أفادت به تقارير محلية. لكن ردود الحنانة ظلت على حالها: لا مشاركة، لا دعم، لا تفاوض.

موقف ثابت رغم الترقّب

منذ انسحابه من العملية السياسية في عام 2022 على خلفية أزمة اقتحام البرلمان واشتباكات المنطقة الخضراء، لم يعلن الصدر عن أي توجه نحو العودة السياسية، ورغم توقف نشاطه الرسمي، حافظ التيار الصدري على حراكه الشعبي والتنظيمي، لا سيما في ملف تحديث سجل الناخبين.

هذا الحضور التنظيمي فسّره مراقبون بأنه احتفاظ بورقة الضغط، أو استعداد لمفاجأة اللحظة الأخيرة، وهو ما يفتح الباب أمام سيناريوهات غير محسومة حتى الآن.

شروط الصدر للمشاركة في انتخابات العراق

مقربون من الصدر يفسرون تمسكه بالمقاطعة بالإحباط من التجربة السياسية الماضية، التي اعتبرها “خيانة للتفاهمات الإصلاحية”، وهي التفاهمات التي جمعته سابقًا بعدد من القوى السياسية.

وفي خطوة تؤكد هذا التوجه، أعلن الصدر “البراءة” من شخصيات شاركت ضمن تياره سابقًا بسبب ترشحها ضمن قوائم محسوبة على جهات يعتبرها “فاسدة ومرتبطة بفصائل مسلحة”.

وجدد الصدر شروطه المعروفة للعودة إلى المشهد، والتي تتمثل في تفكيك الميليشيات، وتسليم السلاح للدولة، ومحاسبة الفاسدين، وتعزيز المؤسسة الأمنية، وضمان استقلال القرار السياسي العراقي. شروط وصفها خصومه بأنها “تعجيزية”، لكن أنصاره يعتبرونها “الحد الأدنى لأي إصلاح حقيقي”.

الصدر ودعم الشرفاء في انتخابات العراق

الجدل تصاعد بعد نشر صالح محمد العراقي، الملقب بـ”وزير القائد”، رسالة من داخل اجتماع عُقد في الحنانة، تضمنت تساؤلات عن الكتل السياسية التي يمكن أن تتبنى مشروع استقلال القرار العراقي، وضبط السلاح، ومكافحة الفساد، في إشارة ضمنية إلى احتمال تقديم دعم انتخابي “غير مباشر” من الصدر لما يُعرف بـ”الشرفاء” من داخل وخارج التيار.

هذا الطرح زاد من تعقيد المشهد، وأثار تساؤلات داخل الأوساط السياسية حول نية الصدر الحقيقية، وما إذا كان يُخطط لعودة مباغتة من خلف الكواليس، أو مجرد مناورة سياسية لإرباك خصومه.

إشارات مزدوجة من الصدر قبل انتخابات العراق

دعوات الصدر لأنصاره بتحديث بياناتهم الانتخابية، فُسّرت من قبل بعض المراقبين بأنها مؤشر على وجود نوايا انتخابية كامنة. لكن مقربين من الحنانة جددوا التأكيد على أن القرار النهائي بالمشاركة أو المقاطعة هو “قرار شخصي من السيد الصدر فقط”، وأن أية وساطة سياسية حالياً “محكوم عليها بالفشل”.

وبينما يواصل الإطار التنسيقي سعيه لاحتواء الغياب الصدري المحتمل، تبقى ورقة الصدر قائمة، قادرة على تغيير معادلة الانتخابات المقبلة، سواء بالمشاركة أو بالمقاطعة المنظمة، أو حتى بالدعم الانتقائي.

وفي ظل غياب الحسم، تبقى الأنظار شاخصة نحو النجف… فهناك فقط يُكتب المشهد الأخير أو تُرسم بداية جديدة.

اقرأ أيضًا: طهران تخترق تل أبيب.. كيف نجحت إيران في تجنيد ألف يهودي للتجسس على إسرائيل؟

زر الذهاب إلى الأعلى