انتعاش قطاع الغاز في مصر.. الشركات الأجنبية تستأنف التنقيب بعد تسوية الحكومة للديون
اهتمام متجدد بقطاع الطاقة في مصر
يشهد قطاع الغاز الطبيعي في مصر انتعاشًا مع استئناف شركات النفط والغاز الأجنبية للاستثمار في البلاد، بعد سداد الحكومة المصرية لمديونيات لها وفقا لما نشره موقع سي أن أن العربية.
وفقا لخاص عن مصر، بعد فترة من انخفاض الإنتاج، عادت شركات الطاقة الأجنبية لاستكشاف وتطوير حقول الغاز والنفط الخام في مصر، مدفوعة بجهود الحكومة المصرية لتسوية التزاماتها المالية.
تشكل الاستثمارات المتجددة جزءًا من استراتيجية أوسع نطاقًا لزيادة إنتاج الغاز وتعزيز الاحتياطيات وتلبية الطلب المحلي المتزايد على الطاقة. وقد يمثل هذا التطور نقطة تحول لمصر، التي تحولت من كونها دولة مصدرة للغاز إلى دولة مستوردة للغاز بسبب انخفاض الإنتاج.
تسوية الديون الحكومية: مفتاح جذب الاستثمارات
قطعت الحكومة المصرية خطوات كبيرة في تسوية ديونها المستحقة لشركات الطاقة الأجنبية، والتي تراكمت بسبب نقص العملة الأجنبية في البلاد. منذ مارس 2024، سددت الحكومة ديونها باستمرار لمدة سبعة أشهر متتالية، وهي الخطوة التي كانت مفيدة في استعادة ثقة المستثمرين الدوليين. ووفقًا لبيان حكومي، أصبحت هذه العملية ممكنة بفضل اتفاقية بقيمة 35 مليار دولار لتطوير منطقة رأس الحكمة، والتي وفرت الاحتياطيات اللازمة من العملات الأجنبية.
أقرا أيضا.. هواوي وفودافون تنفذان أول رابط ميكروويف في العالم في مصر.. سرعة 25 جيجابت بالثانية
بحلول يوليو 2024، انخفض إنتاج مصر من الغاز الطبيعي إلى 5.7 مليار قدم مكعب يوميًا من أعلى مستوى بلغ 7.5 مليار قدم مكعب في السنة المالية 2020/2021. ويعزى الانخفاض إلى حد كبير إلى توقف الاستثمار الأجنبي حيث انتظرت الشركات سداد متأخراتها. ومع سداد المدفوعات الآن في الوقت المحدد، أصبحت الشركات على استعداد مرة أخرى للاستثمار في قطاع الطاقة في مصر، مما أدى إلى انتعاش أنشطة الاستكشاف والإنتاج.
فرص استثمارية جديدة ومشاريع استكشاف
في محاولة لتعزيز إنتاج الغاز الطبيعي والنفط، طرحت الحكومة المصرية حوافز وفرص استثمارية جديدة للشركات الأجنبية. ومن بين الخطوات الأكثر أهمية إطلاق جولة مناقصة دولية، تدعو إلى الاستكشاف والإنتاج في 12 قطاعًا عبر البحر الأبيض المتوسط ودلتا النيل. وتشمل هذه الفرص الاستكشاف والتطوير والإنتاج، مع حوافز مرتبطة بزيادة الإنتاج.
أعربت شركات الطاقة العالمية الرئيسية مثل توتال إنيرجيز وإكسون موبيل وبي بي وإيني الإيطالية عن اهتمامها القوي بإمكانات النفط والغاز في مصر. على سبيل المثال، تتطلع توتال إنيرجيز إلى مناطق استكشاف جديدة في البحر الأبيض المتوسط، في حين تتطلع إكسون موبيل إلى توسيع عملياتها في شمال مراقيا وغيرها من المناطق البحرية. وتستعد بي بي لبدء أنشطة الاستكشاف في مناطق جديدة، كما زادت إيني بالفعل عدد منصات الحفر في حقل عجيبة لتعزيز معدلات الإنتاج.
وفقًا لنائب رئيس الهيئة العامة المصرية للبترول السابق مدحت يوسف، فإن هذه الاستثمارات حاسمة لأمن الطاقة في مصر في المستقبل. وأشار إلى أن مصر وصلت إلى أعلى مستوى قياسي في صادرات الغاز في عام 2022 بنحو 8 مليارات دولار، قبل أن تشهد انخفاضًا إلى نحو 2.5 مليار دولار في العام التالي بسبب انخفاض الإنتاج. ويتوقع يوسف أن تستعيد مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز مع اكتشاف حقل جديد كبير، على غرار حقل ظهر العملاق، ويؤكد على أهمية زيادة الإنتاج لتقليل الواردات وتخفيف العبء المالي على الدولة.
جهود الاستكشاف والتطوير.. طريق إلى الاكتفاء الذاتي
تكثفت الجهود لاكتشاف حقول غاز جديدة وتطوير الحقول القائمة. وأجرت شركات مملوكة للدولة مسوحات زلزالية واسعة النطاق على مساحة 24 ألف كيلومتر مربع لدعم جهود الاستكشاف. وقد حددت هذه المسوحات احتياطيات محتملة تبلغ 1.3 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي و30 مليون برميل من النفط والمكثفات، وفقًا لبيان حكومي. وشجعت نتائج هذه المسوحات الشركات على تكثيف أنشطة الاستكشاف في دلتا النيل وغيرها من المناطق الواعدة.
وبحسب الخبير البترولي يسري حسن، فإن تسوية الديون بشكل منتظم من قبل الحكومة المصرية من المرجح أن تشجع على المزيد من الاستثمار في الحفر والاستكشاف، مما سيؤدي إلى زيادة الإنتاج لتلبية الطلب المحلي على الطاقة. وأشار إلى أن مناطق مثل دلتا النيل تحتوي على احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في جعل مصر مكتفية ذاتيًا خلال عام، بشرط الحفاظ على الاستثمارات الحالية وتوسيعها.
التحديات والآفاق المستقبلية
على الرغم من التطورات الإيجابية، لا تزال التحديات قائمة أمام قطاع الطاقة في مصر. فقد استمر الطلب المحلي على الغاز في الارتفاع، مدفوعًا بزيادة توليد الكهرباء والأنشطة الصناعية. وفي السنة المالية 2023/2024، استهلكت مصر 2.2 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، بمتوسط استهلاك يومي يبلغ حوالي 6 مليارات قدم مكعب.
ولتلبية هذا الطلب، اضطرت البلاد إلى استيراد نحو 337 مليار قدم مكعب من الغاز، الأمر الذي فرض ضغوطاً إضافية على الميزانية الوطنية في ظل تقلب أسعار النفط العالمية بسبب التوترات الجيوسياسية.
ويؤكد خبراء مثل مدحت يوسف على الحاجة إلى اكتشافات كبرى لضمان أمن الطاقة على المدى الطويل. ويسلط الضوء على أهمية الحقول المماثلة لحقل ظهر، والتي تتمتع باحتياطيات كبيرة، ليس فقط لتلبية الطلب المحلي ولكن أيضاً لاستعادة مكانة مصر كمصدر صاف للغاز. ومن شأن هذه الاكتشافات أن تساعد في الحد من الاعتماد على الواردات، وخفض عبء الدعم على الميزانية الوطنية، واستقرار سوق الطاقة.